مرام عطية
الحوار المتمدن-العدد: 6044 - 2018 / 11 / 4 - 19:09
المحور:
الادب والفن
عالمٌ أصمُّ .. . يشيِّعني
_________________
أتعرفونَ من أكونُ ؟!
أنا فطيرةٌ شهيَّةٌ تناهشتها أنيابُ جوعكم ، وقطفةُ حبقٍ مسكونةٌ بالعطرِ دهستها عرباتكم الفارهةُ القسوةِ ، أنا طوقُ زمرُّدٍ يزيّنُِ جيدكم أضاعتْهُ أيادي الإهمالِ ، أنا حديقةُ صنوبرٍ وارفةُ الروعةِ حوَّلتها مناجلُ إهمالكم إلى صحراءَ قاحلةٍ
و حقلُ قمحٍ سرقَ سنابلَهُ الإقطاعيون فجاعت عصافيرهُ .
أنا وطنُ العذارى اغتصبتهُ جيوشُ شهواتكم وأهوائكم . أنا جزيرةُ ماسٍ جرفتها رياحكم العاتيةُ إلى قاعُ يمٍ عميقٍ ، وقصيدةٌ على غرةٌ الأبجديةِ هشَّمت معانيها الذائقةُ الرديئةُ وبدَّد صورها شتاءٌ موحشُ الرحمةِ . أنا سلالةُ الفراشُ أبادتها بنادقُ صراعاتكم على الكراسي و جمعِ الكنوز وسياساتِ القطبِ الواحدِ
أنا شهيدةُ الطفولةِ ، على منضدةِ مؤتمراتكم كانت خريطةُ إعدامي ، وبين مقاعدِ مجالسكم كان توثيقُ غيابي ، على خشبةِ ثرائكم كانَتْ تواقيعُٰ صُلبي ، مصانعُ حرمانكم المترعةُ بألوانِ الغذاءِ ومسراتِ المقاهي والفنادقِ تحتفي بجوعي مطاعمكم عجزتْ عن لقمةُ عيشي ، غلبهارغيفٌ مشطورٌ يسدُّ رمقَ ضلوعي
حافلاتُ غناكم العتيدةُ وارتني القبرَ حيَّةً لقمةً سائغةً للذئابِ ، ورشتْ علي ماء الغيابِ بألفِ لعنةٍ ؛ لترتاحَ عساها تبلغُ برزخ أحلامها في الخلودِ .
أيُّها العالمُ الأصمُ ، يالكَ من قطارٍ أعرجَ تسيرُ
في طريقِ الضلالِ بإرادتكَ ، لا أندم لأَنِّي تركتُ عالماً أبله ، فالترابُ الذي يضمني إلى أسرة القرنفلِ والعشبِ ترتيلةَ صفاءٍ، وطفلةَ ماءٍ، أحنى عليَّ من مخالبِ تجاهلكمِ التي نهشتْ لحمي الطري ، ومدياتِ أعينكم التي قدَّت جسدي الغضِّ بلا ورعٍ أو وازعٍ من صميرٍ ، لقد رحلتُ بنصفٍ مني إلى السَّماءِ ، وتركتُ نصفاً آخرَ ليكون شاهداً على ظلمكم ، سأشكوها قهركم وعتوكم ، سأخبرها عن حضارةِ القفرِ والجوعِ ، وفي عصرِ القريةِ الكونيةِ الصغيرةِ ، سأكونُ طعنةً قاسيةً في صدرِ العالمِ ، شوكةً في حلقهِ ، وصفعةَ عارٍ على جبين الإنسانيةِ .
_______
مرام عطية
#مرام_عطية (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟