مرام عطية
الحوار المتمدن-العدد: 5913 - 2018 / 6 / 24 - 11:15
المحور:
الادب والفن
ارفعْ فؤوسَ اللامبالاةِ ياوطني
______________________
حملتكَ ياوطني طفلاً مثخنَ الجراحِ على ظهري وماتعبتُ ،أفتشُ عن طبيبٍ لضعفاتَكَ وعلاجٍ ناجعٍ لجراحاتكَ ، أمَّاً تؤمنُ بقدراتِ ابنها وإمكانيةِ شفائهِ رغمَ تعدزِ الدواءِ ، تعقدُ الآمالَ على أحلامهِ الشاهقةِ كوالدةِ أديسونَ ، نقشتكَ على نخلتي نجماً أباهي بوجهكَ السَّماويِّ الأقاليمِ عالماً حجريَّ الفؤادِ ، أصمَ لا يسمعُ إلا خشخشةَ الذَّهبِ وبريق الدولارِ، يفرحُ لنداءِ الحربِ وصليلِ السلاحِ، عالماً أظلمَ فكرهُ ، وخبتْ قناديلُ روحهِ ، أراني صفصافةً أرفعُ آلامكَ الجسامَ ، سنديانةً بوجهِ الرياحِ وعصفِ المحنِ ، أكفكفُ دموعكَ في الخيباتِ ، أغسلُ وجهكَ بالخزامى والغارِ ، أمضغُ علقمَ حسراتكَ وملوحةَ الخذلانِ بأسى كما يمضغُ العجوزُ نثارَ رغيفٍ يابسٍ ،و أنتظرُ عودتكَ من سراديبِ الأسرِ سالماً بشوقٍ ولهفةٍ ، أنتبذُ أقصى الصبرِ لتصلَ مراكبكَ إلى مرافئ الأمانِ ،
كشجرةَ زيتونٍ أدقُّ أجراسَ المواسمِ ، كنبضَ أمومةٍ أقشِّرُ حراشفَ الحقدِ السَّميكةِ عن أرضكَ ، أزرعها حبقَ حبٍّ وقرنفلٍ ، وكعاشقةً أتلهفُ لهمسِ شفتيكَ ، أرعى زغبَ التلاقي في جبهةِ الحنينِ ، كشاعرةً أوقظُ عينيكَ الغارقتين بالأحلامِ ؛ لتتمرَّدَ على زحفِ جحافلِ الأعداءِ على جسدكَ الأخضرِ ، أُعفّرُ بياسميني صحراؤكَ الشاسعةَ الجدبِ ، فكيفَ تنأى الْيَوْمَ عني وقد تقوَّستْ ضلوعي تعباً ، ونأت أكتافي بالأثقالِ ، أبحثُ عن دفءٍ من ذراعيكَ يقيني زمهريرَ البردِ وحرَّ الصيفِ ، فلا أجد سوى فؤوس اللامبالاةِ تحفرُ مساربَ الشوكِ على خدي وأبرِ الإهمالِ تدمي راحتي نحلةٍ على غصوني كانتا مصانعَ الجمالِ ، وأناملَ معلمٍ انبثقَ منهما النورُ ،ضاعتْ أحلامي ياوطني ، سرقتْ أساورُ أفراحي ، تهشَّمت ألعابي، صور طفولتي ، ومرايا ذاكرتي ، فكيفَ أقنعُ أشجاري أني بخيرٍلا أحتاجُ غيومكَ و لا غصنَ بثمرة يجودُ ؟ ولا واحةَ سنابلٍ تناديني ؟ أو كيفَ ألتمسُ الأعذارَ إليكَ ، وحججُ الحقِّ كالشمسِ تلمع ؟ ُوالأخاديدُ في وجهي تفضحني .
____
مرام عطية
#مرام_عطية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟