|
البيتكوين ..العملة الرقمية العالمية .!
ميشيل زهرة
الحوار المتمدن-العدد: 5761 - 2018 / 1 / 18 - 15:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مذهل هذا العقل البشري ..لا يسعك إلا أن تخشاه إذا انطلق من عقاله ..و لا يسعك إلا أن تطالب بانطلاقته إذا كان ثمة من يضع الأحجار في دربه لعرقلة مسيرته ..!! منذ عام 2009 صدرت العملة الإلكترونية ( بيتكوين ) و انتشرت في العالم كعملة رقمية عالمية ..يومذاك كانت قيمة البيتكوين أقل من دولار ..و لكنها بدأت بالتصاعد ، و النزول أحيانا في الخط البياني التصاعدي ذاته ، حتى صارت في عام 2017 تساوي خمسة آلاف دولار ..و لكن لا بد من الإشارة هنا إلى أسياد هذه العملة الرقمية : الصين ، و الولايات المتحدة ، و اليابان ، و أوروبا ، و بعض الدول العربية الخليجية بشكل مختلف قليلا . هذه العملة الجديدة تنبيء بأن العالم بدأ يصبح قرية صغيرة حقيقية ..و إن العقل العالمي بدأ يتقبل العالم الرقمي الجديد بمحبة و تفاعل حميم ..و إن العقل الذي أنتج الثورة الصناعية الأولى ، و الثانية ، و الثالثة ، بدأ بتقويض دعاماته القديمة ، ليعيد البناء على أسس أكثر استجابة لمتطلبات العصر الرقمي ( الثورة الصناعية الرابعة ) الذي يفوق تصور الإنسان العادي في منطقتنا العربية و العالم . هنا لا بد لي من ذكر قصة بسيطة من تاريخنا السوري في زمن الاقطاع علها توضح الغرض : يحكى أن إقطاعيا متنورا في محافظة حمص ( لا داعي لذكر اسمه ) ، كان يعيش بين فرنسا و أطيانه في سوريا ، أيام كانت المنطقة غارقة في الجهل ، و الفقر ، و التخلف ، و الدين ..يومذاك ابتكر ذاك الاقطاعي عملة خاصة به ، يتعامل بها الفلاحون في قراه فقط ..على أن يكون التعامل مع عدد معلوم ومدروس من تجار المدينة الذين يتوفر لديهم كل طلبات الفلاحين ..! في هذه الحالة يكون الاقطاعي العبقري قد ضبط توجيه اقتصاده و أرباحه في عملة خاصة يسيطر فيها ، و من خلال تبادلها على سلوك الفلاحين ، و قوة جهدهم .! هذه الطفرة في العقلية الإقطاعية يومذاك ، تشبه من حيث الجوهر ، طرح ( البيتكوين ) كعملة إقطاعية كونية ، يضبط فيها الاقطاعيون الكبار ، المذكورين سابقا ، الاقتصاد العالمي ، و توجه ريعه ..! فهل تقاسمت الولايات المتحدة ، و الصين العالم ..؟؟ فهل يمكن لمن يفكر في مصير الاقتصاد العالمي ، أن يتخيل : إن شركات محلية هائلة العدد ستعلن إفلاسها ، كما أفلست شركة ( كنون ) للتصوير الورقي بين ليلة وصبحها ، و تحول التصوير إلى رقمي .؟؟ فهل سنعمل يوما إلى شراء البيتكوين ، تلك العملة الرقمية ، لنشترك في النت عبر شركة رقمية عملاقة غير معروفة الانتماء وطنيا ، تعمل من خلال الأقمار الصناعية ، و تعطيك سرعة هائلة ، غير عابئة بالحكومات الوطنية و شركاتها المستغلة ، و ممنوعاتها في دخول المواقع ، و غير ذلك . ..؟؟ ثم ماذا يعني ذلك ..؟ هل فكرة الوطن القومي أصبحت في خبر كان بعد هذا التطور المذهل ..؟؟ ماذا عن اللغات الوطنية و القومية في ظل النت الذي يتوجه بالإنكليزية إلى شعوب العالم ، و التي مفرداتها ، و مفاهيمها بدأت تنهش كبد هذه اللغات لتغتالها .؟؟ ماذا لو تأتمتت الصناعة في الدول الإقطاعية الكبرى ..الصين ، أمريكا ، و اليابان ..؟؟ ماذا سيُفعل في تلك الأفواه التي ترميها الأتمتة الرقمية في الشوارع بلا عمل ..؟؟ هل سيُحَولون إلى ملفات في أجهزة يرمى بها في سلات القمامة الإلكترونية ، كما تحول الكتاب ، و الفيديو ، و المسجلة ، و الكميرا ، و آلة التصوير ، و غيرها كثير ، و القادم أعظم ..!؟؟ أم أن الفيروسات التي سترسل عبر الأجهزة المستخدمة ستقوم بالواجب لإزاحة هذه الأرواح التي لفظها العالم الرقمي ، إلى الشوارع و المقاهي ، في ظل الثورة الصناعية الرابعة ، بالمرض و العقم ..؟؟ لكن ، ما يجب على العالم ، رغم كل ما نشعر به في ظل هذه التغيرات العميقة ، أن يغير من عواطفه ، و طريقة تفكيره ، بتغيير المفردات اللغوية المستخدمة في الخطاب الثقافي ، و السياسي ، لأن الاقتصاد يوجه العالم بلجامه الذي لا يسمح لنا ، بسببه ، أن نحيد عن نسقه كما لو أننا حصان في عربة يقودها الاقطاعي العالمي .!
#ميشيل_زهرة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القميص .!!
-
نصّ بلا ضوابط .!
-
الوحل .!!
-
سقوط الحلم ..!
-
الابداع جمعي ..!
-
القبلة بوابة المدينة ..!!
-
الأذن و اللسان .!
-
النافذة الواحدة .!
-
العقيدة ، و اغتيال روح النص ..!!!
-
جنون التعاويذ .!
-
غزل .!
-
حكاية من رفوف الذاكرة .!
-
قالت سعدى لأخيها سعدو .!
-
العقل المعارض العربي ..!
-
سعدو متسولا .!
-
سعدو متسولا ..!
-
عشق الوهم ، و جنون الحب في الصحارى .!
-
للبالغات ، و البالغين ..!
-
كأنه الأبدية ..!!
-
عدالة السكارى ..!
المزيد.....
-
شاهد الأهداف التي قد تضربها أوكرانيا في عمق روسيا بصواريخ غر
...
-
ماريا زاخاروفا تزرع شتلات في ضواحي موسكو
-
مليار متابع للأسطورة رونالدو
-
السويد تمنح مهاجرين 34 ألف دولار للعودة الطوعية لبلادهم…ما ا
...
-
حادث مصرع عروس جزائرية بموكب زفافها..ما أسباب ازدياد حوادث ا
...
-
المايسترو المغربي أمين بودشار لترندينغ: -مشروعي يهدف إلى وصل
...
-
روسيا تتهم ستة دبلوماسيين بريطانيين بالتجسس
-
خصيصا لبلدان أفريقية.. برنامج ماجستير ألماني فرنسي في الصحاف
...
-
وزير الخارجية الإسرائيلي يهاجم جوزيب بوريل ويتهمه بمعاداة ال
...
-
الخارجية الروسية: تزويد البرتغال لأوكرانيا بمروحيات روسية خط
...
المزيد.....
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|