أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - حروف بلا رؤوس














المزيد.....

حروف بلا رؤوس


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 5752 - 2018 / 1 / 9 - 21:05
المحور: الادب والفن
    


حروف بلا رؤوس

لم يكن في نيتي الكتابة إلى أن ينقشع كل هذا السواد... لكن شعورًا مبهمًا يُلحُّ عليّ منذ انتشار الصباح، يقلق سباتي ويدعوني لالتقاط بعض الحروف الثائرة في الآفاق.

حاولت أن أنفض الفكرة من رأسي وأخلو مرة أخرى إلى السبات... لكن الحروف المبعثرة من حولي انتصرت علي، نالت من سباتي، قضت مضجعي، ألحت وأصرت عليَّ إصرار عاشق متيم على البوح بقصة عشقه لأزهار الأرصفة والعتبات... فانصعت لرغبتها، وأخذت ألملمها من الزوايا والممرات، وأسكبها بالمداد الغامق على الأوراق.

ولدت الحروف بلا رؤوس؛ لا رؤوس فيها لتحنيها عند هجوم الريح، أو لتطلقها في مدار القيل والقال، أو لتقدمها كفدية، أو جزية، أو ضريبة أحوال... من أين آتيها برؤوس تتحمل جرأة الأفكار، تقاوم الصدمات، تصدُّ الضربات، تتلقف زخات الرعد والمطر، تتحمل الضغط دون أي انفجارات؟

كنتُ وجارٍ لي أصدقاء منذ الجاهلية الأولى، نتقابل في الأعياد والمناسبات، يهنئني، يعزيني، يواسيني، يتفقدني في كل الأوقات إلا عندما ينزوي إلى نفسه؛ ليتجرع ذكرياته بقتيله الذي قتلته أنا... ثم يعود لممارسة طقوس الجيرة والجوار كأن شيئًا لم يكن!

أذاعت الصحف العالمية ونشرات الأخبار في أوقات فراغها حكاية قتيل الجار وحكايتي... فانتفض الكون لهذا الخبر الأليم، وكبُر فعل القتل في مخيلة الجار، أصبحت السماء ملبدة بالفوضى، ملآى بالتكهنات، غنية بالعتب، مثقلة بالخوف، تترقب اللاشيء فتأخذ منه الحذرَ والاحتياط.

لم أكن في يومٍ أخشى قطيعة الجار، جاري الذي بعد أن مرَّ عليه ألف دهر تذكر قتيله وتذكرني، فقرر أن يقطع صلات الجيران، وأن يقيم عليَّ الحد، وينزل بيَّ شتى أنواع القصاص... فتواريت عن الأنظار، واختبأت داخل عزلتي؛ إلى أن تنتهي معركة الجار مع النار.

وسع دائرة البحث عني، طلب رأسي من بقية الجوار، الذين أعرفهم والذين لم يسبق لي أن رأيتهم حتى في المنام، بعضهم أبدى فروض الطاعة والولاء، وبعضهم مال في غير اتجاه... وأنا أراقب حالة الطقس المكفهرة، جيئة وذهابًا بين النوافذ والجدران، والحروف تغريني أن أقدم صدري عاريًا للطلقات... قطعت رؤوس الحروف وأهديتها إلى جاري؛ منتظرًا منه أن يعود مرة أخرى لممارسة طقوس الجيرة والجوار.

ميساء البشيتي



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا داعٍ للاختباء
- حديث سري
- الظلال
- صمت القوافي
- سيد الصمت
- طائر الخريف
- .... إلى حين!
- كلمات صيفية
- عَبس الوطن
- لم يعد ظلًا
- إعلان انتحار
- رسائل لم يزرها مطر خاطرة بقلم ميساء البشيتي
- طاب مساؤك خاطرة بقلم ميساء البشيتي
- سأصنع ثورة بقلم ميساء البشيتي
- وردة لأمي بقلم ميساء البشيتي (خاطرة)
- ملامح مستترة
- املأني حبًا
- حروفي اللاجئة
- الوجه الآخر لي
- القصيدة التي تنتظر


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - حروف بلا رؤوس