أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - لم يعد ظلًا














المزيد.....

لم يعد ظلًا


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 5578 - 2017 / 7 / 11 - 20:23
المحور: الادب والفن
    


لم يعد ظلًا
وشت لي مرآتي المشروخة من الوسط قليلًا: أن بين هذه الشروخ يختبئ ظل عاشق، يتبعني في صحوي ومنامي، صيفي وشتائي، وعندما أحدث الأشجار في سرِّي، أو أهمس لطير الجوار.
اقتربت بحذرٍ لأتحقق من صدق مرآتي، أريد أن أراه، أن أمسك به متلبسًا باسترقاق النظرات. لكنه في كل مرة أكاد ألمسه بها يفرُّ من بين يديِّ كالسراب!
لم أيأس في أول الأمر وتابعت التحديق في المرآة، لكن عندما طال بي الانتظار ولم يُجدِني التحديق، ألقيتُ بمرآتي المشروخة خلف تلال عتيقة من الذكريات، وأخذت أحدق بمرآة جديدة، لامعة، متلألئة؛ كي أستطيع أن أراه بوضوح، وأمسك به قبل أن يلوذ بالفرار.
لم تكن صورته تظهر لي في كل الفصول والأوقات؛ لذا بقيتُ متيقظة لأعوام، ولفصول عديدة لم أعرف للنوم أي مذاق؛ خشية أن تحجبه عني غيمة حبلى بالكوابيس، أو ضباب شقيُّ الطباع؛ فتفوتني فرصة اللقاء.
لم آبه للنعاس الذي يهاجم جفوني، والإرهاق الذي يهدد صحوي، والأرق، والقلق، والخوف، والتوجس، والترقب، وطول التحديق بالمرآة. كل ما كان يهمني هو ألا ينفد صبري في انتظاره، وألا يهزمني الجفاء.
لكنني في لحظة ضعف، يأس، شك، غيرة، جنون، ندم، قهر، قلبت وجه مرآتي إلى الحائط، فأضاء!
شعاع قوي ظهر فجأة من مرآتي، ركضت إليها ألتمس منها العذر، أرجوها العفو والصفح، حضنتها بين كفيِّ، داعبت وجنتيها بشوق، قلبتها برفق؛ فظهر إليَّ أخيرًا، أمسكت به وأمسك بي بلهفة المشتاق العائد من غياهب السفر.
كان هو من يتبعني، يلتصق بأنفاسي، يلاحق وقع خطواتي، ينتظرني على قدم وساق على أرصفة تلك البلاد المنكوبة منذ ولدتنا الحياة وبقيَّ محتجبًا عن عيون الدهر.
آلمته حين ألقيت بوجهه إلى الجدار المظلم، البارد؛ فثارت ثائرته، وأعلن عن ظهوره؛ ليمدني بكفين من عمرٍ جديدٍ أتكئ عليهما في رحلات اللجوء والنزوح مع الزنابق البيضاء على ضفاف الشقاء؟
قرر أخيرًا ألا يعود ظلًا، وأن يترك لي مساحة حرَّة أمدُّ عليها أقدام أحلامي، وأن أنثر اسمينا بلا وجلٍ على صفحات السماء، وأن أرسل إليه سلامي على الملأ؛ فيأتيني منه الرد بموعد جديد للقاء.
لم يعد ظلًا، ولم أعد أحيا مع الظلال.



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعلان انتحار
- رسائل لم يزرها مطر خاطرة بقلم ميساء البشيتي
- طاب مساؤك خاطرة بقلم ميساء البشيتي
- سأصنع ثورة بقلم ميساء البشيتي
- وردة لأمي بقلم ميساء البشيتي (خاطرة)
- ملامح مستترة
- املأني حبًا
- حروفي اللاجئة
- الوجه الآخر لي
- القصيدة التي تنتظر
- أقدام عارية بقلم ميساء البشيتي
- لتشرق شمس الأحرار
- بقية حديث
- حديث الخريف
- في الذكرى الخامسة لرحيل أبي
- حنين العصر
- رماديٌّ ناصع البياض
- عيون جاهلية
- عيون جاهلية بقلم ميساء البشيتي
- الكلمة تُوَرَّث


المزيد.....




- الأونروا تطالب بترجمة التأييد الدولي والسياسي لها إلى دعم حق ...
- أفراد من عائلة أم كلثوم يشيدون بفيلم -الست- بعد عرض خاص بمصر ...
- شاهد.. ماذا يعني استحواذ نتفليكس على وارنر بروذرز أحد أشهر ا ...
- حين كانت طرابلس الفيحاء هواءَ القاهرة
- زيد ديراني: رحلة فنان بين الفن والشهرة والذات
- نتفليكس تستحوذ على أعمال -وارنر براذرز- السينمائية ومنصات ال ...
- لورنس فيشبورن وحديث في مراكش عن روح السينما و-ماتريكس-
- انطلاق مهرجان البحر الأحمر السينمائي تحت شعار -في حب السينما ...
- رواية -مقعد أخير في الحافلة- لأسامة زيد: هشاشة الإنسان أمام ...
- الخناجر الفضية في عُمان.. هوية السلطنة الثقافية


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - لم يعد ظلًا