أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - ملامح مستترة














المزيد.....

ملامح مستترة


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 5446 - 2017 / 2 / 28 - 23:36
المحور: الادب والفن
    


ملامح مستترة
يا رفيق جرحي، لا أريد لحديثي أن يخدش ملامح الفرح على محياك؛ لكننا ما أن نرفع حجرًا عن حجر حتى تتدفق ينابيع غريبة اللون والرائحة من بيادرنا، لونها لا يشبه بياضنا الذي وُلدنا به، رائحتها لا تشبه ياسميننا، فمن أين أتت براكين الكراهية هذه؟ من زرعها في حقولنا؟ وكيف نرجم بها فلذات الأكباد؟!
في الماضي القريب كنا مشاتل من الحب، نعانق الصباح، ندغدغ الطيور، نستقبل الليل العنيد؛ ليفرش عباءته السوداء، ويستريح على أبواب خيامنا، ويستيقظ معنا لصلاة الفجر، والدعاء على الغاصب المحتل، فكيف تبدل بنا الحال وأصبحنا كطائر البوم لا ننعق إلاَّ بالخراب؟!
يا رفيق وجعي، سؤال يحيرني ويقض مضجعي: أأنتَ ذلك العاشق الغبيُّ أم الغبيُّ العاشق؟ أم أنتَ لا هذا ولا ذاك، ولا شيءٌ أبدًا؟ وأنني على مدى دهر سلف قد راهنت على الحصان الأعرج؛ فكنتُ الخاسر الأوحد في لعبة العشق ومدارات الوهم، وأنتَ كما أنتَ لا تدري إلى أي حائط تولِّي وجهك، وتقيم صلاتك؛ بعد أن تتوضأ بقبلات محرمة على السمع، ثم تأتي إليَّ فيما بعد ترسم خريطة جديدة للحلم.
أعوام طويلة وأنا أقتات الحياة من عينيك، أتبختر في حدائقها، أستنشق بنفسجها، أدندن موسيقاها قبل النوم؛ فأرى في منامي الفصول الأربعة، وسماء تَرَفُّلُ بأثواب العرس، فأتساءل في صمتٍ: أيكون هذا هو الوطن العاشق، أم العاشق الوطن، أم كلاهما معًا؟ وأنحني أمام عظمة هذا العشق؛ لتفترسني فيما بعد كل خيبات الأمل.
أخبرني يا صديقي اللدود عن الموت، الأحجية، الأكثر تعقيدًا من هذه الحياة: كيف يأتون وقد رحلوا؟! كيف يحضرون في مواعيد الفرح، والترح، وحين تسقط الدمعة، وتختنق الآهة، وتفرُّ التنهيدة عند بوابات الصور، وحين نجاهر بجاهليتنا العظمى؛ فلا نمد اليد اليمنى لتحتضن اليسرى، ونبني جدارًا جاهليًا بيننا وبين من انتبذ مكانًا قصيًا ليواري عزلته؟
قساة نحن، وفينا من اللؤم الجاهليُّ ما يكفي لتُفزَع أم في قبرها؛ فتستأذن الموت كي تعود من رحيلها الأبدي لبعض الوقت، تركض إلينا في الهَزِيع، تطرق ناقوس الليل بشدة، ترفع ستارته الثقيلة عن نوافذ القلب، تمسح السواد المتمرس على جفنيِّ العتمة، وتدعونا بقلب ينفطر من الرجاء: لا تكسروا سواعدكم، لا تَحنوا ظهوركم، لا تعيشوا ما تبقى من هذه الحياة على فتيل شمعة محترقة؛ وبين أياديكم كل هذا الضياء؟!
ومع ذلك يا صديقي فلا أحد يستيقظ من سباته ليستقبل هذه الأم القادمة من الموت، لا أحد يقبِّل يدها أوجبهتها، لا أحد يستمع إلى دعائها، وبكائها على أبواب الليل!
إنها رائحة غريبة تنبعث من قلوبنا، وأنتَ تولي وجهك نحو ذلك الجدار، تتوضأ بوجعي، ثم تأوي إلى خيمتك؛ تكتب قصيدة غزلية لفاتنة مرت في حدائق البال، وتحلم بوطن يليق بأشعارك، تكتب أغنياته وتوزعها على الفقراء، ثم تتأبط حلمك وتسافر على أجنحة الخيال.



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- املأني حبًا
- حروفي اللاجئة
- الوجه الآخر لي
- القصيدة التي تنتظر
- أقدام عارية بقلم ميساء البشيتي
- لتشرق شمس الأحرار
- بقية حديث
- حديث الخريف
- في الذكرى الخامسة لرحيل أبي
- حنين العصر
- رماديٌّ ناصع البياض
- عيون جاهلية
- عيون جاهلية بقلم ميساء البشيتي
- الكلمة تُوَرَّث
- ماذا ينقص الفلسطيني؟!
- كيف الخلاص؟
- أمطار النور
- سَوْرَةُ الأبجدية الضالة
- فارسة من حيفا
- حبات الخير


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - ملامح مستترة