أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - بقية حديث














المزيد.....

بقية حديث


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 5320 - 2016 / 10 / 21 - 00:49
المحور: الادب والفن
    


بقية حديث
أنا وأنتَ حرفان ساكنان في حديثٍ صامت لم يطفئ الشمعة الأولى من ميلاده، لم يذبل عقد الياسمين على نحره، لم تتساقط أوراق الوردة عن غصنه، لم تذب قطرات الندى عن صباحه؛ فبقيَّ حديثه ساخنًا كرغيف الخبز، طازجًا كرائحة الزعتر.
أنا وأنتَ حرفان هاربان من جزيرة تاهت في محيطها سفينة نوح فتشتت في دروبها جميع أزواج الطيور، خرست حناجر البلابل، غابت في إغفاءة طويلة زقزقات العصافير، وما بين الضياع والضياع لم يبق من يجيد الصراخ إلا طائر البوم.
ضبطت قوافي الشعر في قلبي إعلانًا للحرب، علقت جدائل الأشعار وربطتها إلى زيتونة الدار، أغلقت في وجهك دفتر مذكراتي ومنعتك أن تقرأ طفولتي وصباي، حجبت عنك عيون النور فخانتني وتسللت إليك خلسة، وعندما ضبطتها منتشية في مخدعك ارتجفت وبكت ثم باحت: أن قلبك هو من رمى إليها الشباك ومن انتظرها في عتمة ذلك المساء.
أنا وأنتَ حرفان يشكلان عنوان هذا العالم الذي مزقته الشرور والحروب والضغائن المتوارثة عبر كل الأجيال، أسكن في سكون عينيك فلا أسألك وطنًا ولا أنشد همزة الاستقلال، أنفاسك هي ماء الحياة لقلبي وتنهيداتك تعويذة سحر أرقي بها نفسي من أعين الحاسدات المتعطشات لروايات الغرام.
كيف صَلبتُ قلبي على حائط نون النسوة ووقفت حاجزًا بينك وبينه وأعلنت عليك في حينها العصيان؟
كيف خدعتني دموع تاء التأنيث وطلاوة وحلاوة ألسنتهن فاقتسمت عرش قلبك معهن، وسمحت لهن فيما بعد بمساومتي على مغادرة ساحات أحلامك؟
كيف سمحتُ لك أن تتدثر بوشاحهن، وتختبئ بين رموشهن، وأنتَ الذي كنتَ رئتي اليمنى واليسرى والوسط؛ فكيف أتنفس أكسجين العشق وعبير الحياة وشذا الأمل؟
وتعاتبني نفسي بحرقة السؤال: كيف ستمضين بقية العمر دون متكئ؟ وساعات النهار التي لا تنقضي من سيشغلها إن غاب همسه ونبض حسه وترانيم عشقه؟ وكيف سيكون لون الفجر إن كان ليله يقظًا متيقظًا كل الوقت؟
هل بتُ غريبة حقًا؟ هل بتُ غريبة عنك؟ ألم يعد من حقي أن أرسل جدائل أشعاري لتغفو بين ذراعيك لبعض الوقت، ألم يعد لي فنجانًا من القهوة ينتظرني معك على موائد الصباح؟ ألم تعد أنتَ المرسى والميناء والشاطئ وجميع أرصفة المنفى؟
أنا وأنتَ حرفان ساكنان في حديثٍ صامتٍ، نعم، لكنه أطاح بكل ثرثرات النساء؛ لذا أنا لن أوزع مساحات من رياض قلبك عليهن هبة أو صدقة جارية، لن أمنح مسامة واحدة حتى وإن كانت خرساء إلى حروف العلة مهما استجدتني وبكت على بابي ولن أبعثر ما تبقى من عمري مصلوبة على تلك الجدران.
أنتَ منذ الآن لي وحدي، لن تدس تاء التأنيث ونون النسوة أنوفهن في أحاديث المساء.
حديثنا: صامت، صاخب، متقطع، متأرجح، ممطر، ممحل، مقبل، مدبر، مزبد، معربد، هو حديث بدأناه وعلينا أن نكمله.



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث الخريف
- في الذكرى الخامسة لرحيل أبي
- حنين العصر
- رماديٌّ ناصع البياض
- عيون جاهلية
- عيون جاهلية بقلم ميساء البشيتي
- الكلمة تُوَرَّث
- ماذا ينقص الفلسطيني؟!
- كيف الخلاص؟
- أمطار النور
- سَوْرَةُ الأبجدية الضالة
- فارسة من حيفا
- حبات الخير
- عودة في الانتظار
- عازف الناي
- يسألني الياسمين ؟
- وجعي أنتَ
- موعد مع الفراغ
- تكتبني يدك
- بين شفتيِّ الكلام


المزيد.....




- فيلم جديد يرصد رحلة شنيد أوكونور واحتجاجاتها الجريئة
- وثائقي -لن نصمت-.. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل ...
- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...
- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...
- طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني ...
- بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - بقية حديث