الإسلام السياسي ، محاولة في تحديد المفهوم

محمد أحمد الزعبي

الحوار المتمدن-العدد: 5748 - 2018 / 1 / 5 - 10:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

كنت اتابع قبل قليل مع أحد الأصدقاء ، حوارا في إحدى الفضائيات كان يدور حول كتاب المستشار محمد سعيدالعشماوي ( الإسلام السياسي )والذي هو ( الكتاب) تجميع لمقالات كتبها السيد العشماوي في ثمانينات القرن الماضي وتعود الطبعة الأولى للكتاب لعام 1991 ، وقد حرص معد برنامج ( خارج النص ) على أن يقدم للمشاهد والمستمع كلا من الرأي والرأي الآخر المتعلق بالموضوع الذي كان يدور حوله الكتاب (الاسلام السياسي ).
لقد دفعتني الآراء المختلفة والمتباينة للإخوة المشاركين حول مفهوم الاسلام السياسي الى أن أتوقف بدوري عند هذا الموضوع بغض النظر عما سمعته منهم عن الكاتب والكتاب ، وبالتالي عن الاشكالية التي يطرحها مفهوم الاسلام السياسي ولا سيما أن هذه الإشكالية باتت تلعب دوراً واضحا وكبيرا في الخلافات الأيديولوجية داخل فصائل ومجموعات ثورة آذار 2011 السورية ونحن على شفا جرف من دوتشي بوتن ، هذا إن عقدت ( بضم العين ) .
يشير مفهوم الاسلام السياسي - من وجهة نظرنا - إلى المبادئ العامة للشريعة الاسلامية ( القواعد والأحكام ) في كل مايتعلق بالعلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية بين الناس والمنصوص عليها بصورة مباشرة أو غير مباشرة في الكتاب والسنة ، دون أن يعني ذلك أنه يمكن تقسيم الاسلام الى اسلام اجتماعي وآخر اقتصادي وثالث ثقافي ورابع سياسي الخ . ذلك أن مفهوم الاسلام السياسي يحتوي ضمناً على كافة العناصر والرؤى التي ينطوي عليها مفهوم الشريعة الاسلامية .
هذا وينطوي مفهوم المسلمين ( معتنقي الدين الإسلامي ) على نوعين من المسلمين ، الأول هو مايدخل تحت مفهوم ( العامة ) والذين يمكن أن تصل نسبتهم الى 90٪ ممن يدخلون إحصائياً تحت مفهوم العالم الاسلامي أو المسلمين بصورة عامة وهم -على مايبدو - من عناهم الإمام علي (ك) بمفهوم الناس عندما قال ( حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله ) وعناهم الإمام الغزالي بمفهوم العوام في عنوان كتابه ( إلجام العوام عن علم الكلام ) وعناهم ابن سينا بمفهوم الجماهير عندما فرق بين النص الديني والمقولة الفلسفية ، من حيث أن الأول قد أريد به إقناع الجماهير وتقريب الحقائق الدينية إليهم لاطرح الحقائق التي ينبغي أن يسلك لها طريق آخر هو طريق البرهان والبحث الفلسفي . وعناه ابن رشد بمفهوم الجمهور عندما حكم على مناهج المتكلمين الجدلية بالفشل لعدم مناسبتها في الواقع ل (الجمهور) .

أما ال 10٪ الباقية فيمكن إدراجهم - وهذا من وجهة نظرنا - تحت مفهوم الإسلام السياسي ، من حيث أن لإسلام هؤلاء القلة من الراسخين في العلم بعداً ايديولوجيا وثقافياً ومعرفياً ، يتمثل في مفهومهم كفقهاء للشريعة الاسلامية المحددة في القرآن والسنة ، الأمر الذي يؤهلهم أن يُنافسوا العلمانيين وغيرهم ممن يَرَوْن في الشريعة الإسلامية خروجاً على مبدأ الحداثة والمعاصرة وعلى القوانين الوضعية ، وذلك عبر صناديق الإقتراع ، ومن خلال مناهج وبرامج محددة تتعلق بكافة المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية كما وردت في( الشريعة ) .

إن الصورة التي رسمناها أعلاه للإسلام السياسي ، وللشريعة الاسلامية تضعنا واقع الحال أمام عدد من الإشكالات ابرزها السبع التالية :
1. اشكالية الأقلية والأكثرية ، وخاصة عندما تكون النسبة المئوية بينهما متقاربة ( 51٪،49٪) م مثلاً ، وفي مجتمعات يغلب عليها الطابع القبلي ،كالمجتمعات الإسلامية
2. اشكالية المواطنة في مقولة ( الدين لله والوطن للجميع ) ،
3. اشكالية العلاقة بين الدين والقومية ( المسيحي العربي ، والمسلم غير العربي )
4. اشكالية المعاملات الإجتماعية بين الناس بين قوانين الأرض وقوانين السماء ( الدستور و القانون ، القزآن والسنة ) ،
5. اشكالية الاختلاف بين الشكل والمضمون في الانتماء الديني ( مسلم يصلي ويصوم ومسلم آخر لايصلي ولا يصوم )
6. اشكالية اختلاف العبادات والمعاملات بين الأديان السماوية الثلاثة .
7. إشكالية العام والخاص في الجماعات البشرية التي يتوجه إليها الخطاب الديني ، وبالذات في حالة الحزب السياسي الإسلامي ومن يحق له / أو لايحق له الإنتساب الى هذا الحزب ( سوريا ، الأمة العربية ، المسلمين عامة ، العالم بملياراته السبع مثلاً )

إن خوض الباحث في مفاصل وتفاصيل هذه الاشكالات السبع ، هو خوض في الجوانب المختلفة والمتباينة لمفهوم الإسلام السياسي وبالتالي مفهوم الشريعة الإسلامية ، وذلك على المستويين النظري والتطبيقي . وهو مايحتاج إلى بحث علمي تفصيلي و معمق على يد بعض من دعوناهم ( الراسخون في العلم ) من أئمة الفقه من مسلمي الحداثة والمعاصرة .

#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات