|
اللاجئُ أيام الدهر كلها عليه قليلٌ .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 5558 - 2017 / 6 / 21 - 17:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اللاجئ هو بحد ذاته قضيةٌ شاملةٌ لا تخصه وحده ، بل قضية وطنٍ ممزقٍ ، و أمةٍ توشك على الانهيار . قضية زمنٍ طعنه غدراً على خاصرته و هو في غفلةٍ عنه ، فكان حقل رميٍ لقذائف براميل الجبابرة داخل وطنه . أما خارجه فطبقٌ شهيٌّ لأسماك القرش و الحيتان المجنونة في المياه الغادرة ، أو رهين سطوة المأفونين الممسوخين داخل تجمعاتٍ سكنيةٍ كل شيءٍ فيها هشٌ إلا الحزم و العنف و فرض النفوذ ، وليس له يدٌ في اختيار أدنى مطلبٍ له رغبةٌ فيه .
هناك أمورٌ تحدث خارج السيطرة ، و على عكس المألوف – سواء أكانت شيقةً ، أم تبعث على المرارة – حينما يفاجئك أمرٌ ما ، و لم يكن اعتيادياً بالنسبة لك في السراء أو الضراء ، يهز كيانك ، و يقلب مزاجك رأساً على عقب ، ويحتلك الانفعال . فإما الغرق في النعيم ، أو الغور في مستنقع الشقاء حتى يضيق عليك النفس . مثلما يفرض عليك الخروج من مسكنك مكرهاً ، فتسكن في مكانٍ كل ما حولك موحشٌ ، فتصبح حينها قضيةً ، قضيةُ مسح ما تبقى من آثار كرامةٍ مهدورةٍ بالأصل ، طالما خذلك الحظ ، فولدت في مجتمعٍ شرقيٍّ بائسٍ . ضعفٌ و عجزٌ ، و لا بصيص نورٍ به تهتدي ، و عليك أبواب الجحيم مفتوحةٌ .
عاشقوا المال و السلطة بصماتهم واضحةٌ للعيان في كل بقعةٍ من مستوطنٍ فيه مسكنك الجديد . استحوذوا على كل كبيرةٍ و صغيرةٍ بالتضليل و حَبْكِ الكذب و التبعية ، ليغتصبوا ما تبقى من همةٍ في نفوس من لا يواليهم ، أو لا يسكت عن أخطاءٍ ارتكبوها ، و فساد متورطون فيه .
ابتزازٌ كيديٌ متقصدٌ موجهٌ لمن لا يرفع الراية البيضاء ، أو لا يغازلهم فلا يبالي بوجودهم . فئةٌ ضالةٌ ترتعد أوصالهم لمجرد أن تنتقد سلوكهم أو تورطهم ، و من الصعوبة محاسبتهم أو معاقبتهم مهما حاولت حشد طاقاتٍ رصينةٍ كخطوةٍ احترازيةٍ ، أو الوقوف صفاً واحداً ، لَتَعَذَّرَ عليك اقتلاعهم أو إفشال محاولاتهم . الكثيرون ضحايا بطشهم – إعفاء هذا الكفء من مهامه الموكلة إليه ، و تعلية ذاك المأفون الذي لا يرجى الخير منه ، و حرمان المستحق من مستحقاته لمنح من لا يستحقها .... – تيارٌ جارفٌ يطيح بكل من لا يتوافق معه .
و القوى العظمى هي التي تفرض الحروب ، فتنهال بطائراتها على الحكومات و الأنظمة بوابلٍ من قذائفها لقتل العباد و تدمير البلدان ، فتشعل فتيل الأزمات السياسية و الدينية و الإثنية و العرقية ، و تفرض حروباً أهليةً ، فيزداد حجم معاناتٍ يفوق الوصف .
المثال واضحٌ في سوريا وضوح الشمس ، كل الدول لها وجودٌ فيها مع ترساناتها الهائلة ، و فئات المسلحين في سباقٍ دائمٍ على أرضها – من غرباءٍ و أصليين - الكل في عراكٍ دائمٍ بلا مللٍ .
الوضع مذهلٌ ، و أعداد اللاجئين مروعٌ ، فناهيك عن نزحٍ من مدينةٍ إلى أخرى أكثر أمناً ضمن بلاده . عائلاتٌ مفككةٌ ، و طفولةٌ مشردةٌ ، و حياةٌ يطاردها الموت بكل صنوفها أينما كانت الوجهة . و مثلها في العراق و اليمن و ليبيا ، فقبلها في إفغانستان و الصومال و غيرها .
و لئن خصصوا يوماً واحداً لاستعراض هموم اللاجئ الذي يتعرض حياته و وطنه للتهديد ، و تقديم سبل العون له برعاية المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ، فالرسالة واضحةٌ للحكومات المستضيفة أيضاً بضرورة التضامن و تقاسم المساهمة لضرورة أن تعيش كل عائلةٍ لاجئةٍ في مكانٍ آمنٍ ، و ضرورة حصول كل لاجئٍ على العمل ، كما ضمان العودة إلى بلدانهم الأصلية . غير أن الظروف المعيشية في تفاوتٍ ، و فرص العمل ضئيلةٌ جداً ، و تأمين الطلبات عويصٌ لا يتحقق إلا بشق النفس . فالحكومات تتاجر بقضية اللاجئ ، و المفوضية بالتزامها الرقابي لا تفلح . فكما تتقاسم الدول مسؤولية حماية اللاجئ و السعي لتوطينه ، فإنها تتقاسم في مسؤولية النزاعات و الحروب التي تهجره عنوةً ، و تسبب بفرار مئات الأسر كل يومٍ ، فتضع العراقيل أمامهم بدلاً من مد يد المساندة الفعلية لهم ، و تفرض شروطها على غيرها حسب المصالح السياسية ، بعيداً عن المسؤولية الأخلاقية الملقاة على عاتقها .
و على الصعيد ذاته فزراعة بذور السلام في أوطانهم الأصلية أولى من زراعتها في تربةٍ خارج الحدود . فأما تخصيص يومٍ واحدٍ من أيام السنة للاجئ فعليه قليلٌ ، لأن أيام الدهركلها لا تسد رمق غصةٍ حبيسةٍ في الحلق ، أوتعادل دمعةً خرساءَ حائرةً على خده .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل قتل العباد إنجازٌ ، أم إحياؤهم ؟!
-
عزفٌ على وترٍ شغوفٍ .
-
عذراً أيها الوزير : لكم نزاهتكم ، و لنا مفسدتنا الكبرى .
-
الاستفتاء حقٌ مشروعٌ ، و ليس خزياً و لا عاراً .
-
إلى متى يستمر الوضع على هذا المنوال ؟!
-
عن الحياة غائبون
-
أحقابٌ همجيةٌ من الجهلِ .
-
صوموا إن شئتم ، أو فَلّتَصْمُتوا.
-
ضائعٌ أمله ، و منسيٌّ حلمها .
-
صرخة فتاةٍ آلمها الغدر .
-
البطالة في المخيمات آفةٌ تولد الآفات .
-
كاليستوقراطيون بلا وميضٍ .
-
نفوسٌ تخرُّ هابطةً
-
هربنا من الدب ، فوقعنا في الجب .
-
هل المرأة ناكرةٌ للجميل ؟
-
اللعنة ترقص على ضمائر بائعي الذمم
-
الوطن أكبر من الجميع ، والأبقى
-
الأول من أيار فضاءٌ متنفسٌ للبروليتاريا
-
وصمة عارٍ على جبين الغرب قبل المملكة السعودية
-
عثور أردوغان على مبتغاه بتغذية الماضي حلمٌ زائلٌ
المزيد.....
-
السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
-
على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال
...
-
-آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف
...
-
مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ
...
-
ما هي الآثار الجانبية للموز؟
-
عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
-
ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
-
باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ
...
-
محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
-
الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها
المزيد.....
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
-
شئ ما عن ألأخلاق
/ علي عبد الواحد محمد
-
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|