أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - قيود أمّي . الفصل الأوّل. 2















المزيد.....

قيود أمّي . الفصل الأوّل. 2


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5448 - 2017 / 3 / 2 - 01:06
المحور: الادب والفن
    


نم يا حبيبي. غداً سوف تكبر. أصبح عمرك خمس سنوات، ولا زلت تريدني أن أغنّي لك.
أحدّث نفسي عن الفرح القادم.
عندما يكبر تميم سوف أشكو إليه أيّامي.
لماذا لا تنام؟
سوف أغني لك:
يقولون مشرقين ع أهلهم، وانا وجهتي غروب
عمري سلة شمع بتدوب على مهلا . على مهلا
وقلبي نهر من الوجع ما لو مصب
آه من الدهر، ومن العمر
من المسا ،ومن الفجر
ليش البكي بيعز ع عيوني
وقلبي معبا بكى ؟
يا دهر غنيلي على مهلك. على مهلك
بلكي ارحل وأنا أسمع لك. أسمع لك
ما بقا بقلبي آهات
وما بقا بعيوني دمع
آه من الوجع . لو تعرفون الوجع ؟
قلبي يرقص ع أنغام الفزع
والريح تدق على بوابي
أفتح لها صدري وقول:
يا ريح خدي الروح ما بقا بقلبي غير جروح
ما بقا فزع . ليش الفزع؟
الأرض قفرا، والاحباب شرّقوا
انتظر الغروب.أه لو تدرون بحالي
لقد نام.
لا ينام إلا بعد أن أغني له أغاني حزينة، وينزل دمعي على جبينه. يتحدّثون عن حبّ الأمّ. لا أشعر بذلك الحبّ الذي يربطني بتميم. ربما لا يكون الحبّ هو ما يربطني به، بل ذلك الشّعور الذي يجعلني أتمسك بالحياة من أجله. أعتقد أنني مذنبة لأنّني أتيت به إلى العالم. نم يا تميم. نم يا حبيبي. سوف أنتظر الأيّام.
لم أتعلّم مفردات الحبّ الحسّية، فلا أقبّل ابني إلا بعد أن يغفو. أحزن عليه ، أطبع قبلة على جبينه، أجلس دقيقة دون حراك أحدّث المستقبل حوله. هل سوف يحبّني؟
سؤال غبيّ أطرحه على نفسي، علي أن أحبّه أكثر، أعطيه من عمري.
سوف أرقص قليلاً. كلّما بكيت على أنغام أغنيتي أشعر بالحاجة إلى الرّقص. أسميت وصلة الرّقص اليومية التي أقدّمها على مسرحي بعد أن ينام تميم رقصة الصمّ البكم. اليوم أشارك الأغنيّة. الموسيقى راقصة، وأنا مستعدّة. خلعت ثيابي الثّقيلة. ربطت خصري بغطاء رأسي، انساب جسدي مع اللحن إلى أن تذّكرت أنّه ملوّث . سقطت عن المسرح وأنا أصرخ: أرغب أن أعيش.
نعم. سوف أعيش. أريد أن أطير كالعصافير دون واجبات زوجيّة. أستطيع أن أحصد بيديّ، أو أن أقتلع الصّخور على أن أسهر معه.
-هل أنت مستيقظة يا عليا؟ أحضرت فيلماً أرغب أن نراه معاً.
-لا أستطيع يا أيمن، فأنا على وشك أن أنام.
-وهل سوف أسهر وحدي؟ تعالي بسرعة. سوف يعجبك الفيلم.
لا أعرف ماذا أفعل. يقول أنّ جميع النّساء يشاهدن تلك الأفلام مع أزواجهم. أجلس إلى جانبه وروحي تتجمّد . لا أحبّ أن أرى تلك الأفلام. لا يمكن أن يكون الوضع مثلما أرى.
قال لي كلمات أخجل منها، يقول أنّه بقدر ما أتجاوب معه في تقليد الفيلم بقدر ما يكون راضياً عنّي، وسوف يكتفي بي، وكلّ العلاقات التي" قد يقيمها" تصبّ في مصلحتي. حيث أنّ العلاقات هي المحرّض له على التّواصل معي، على فكرة . هو لا يتواصل معي بالكلام. لا أعرفه، ولا أراه.
كلامه يشبه كلام أمّي: قالت لي: نفّذي كلّ طلبات زوجك. كوني امرأة صالحة. لذا أجرّد نفسي من الشّعور بالحياة مستسلمة لرغبته.
انتهت السّهرة. نام نوماً عميقاً. سهرت حتى الصّباح، فبعد أن أخرجت مفرغات معدتي. بدّلت ثيابي، لم أجد في العتم ثياباً ألبسها. لففت نفسي بالبطانية، وخرجت إلى الشّرفة . جلست إلى الكرسي، وبيدي السّكين. سوف أغرزها في بطني. وماذا لو لم أمت؟ لا أعرف أين يقع المكان القاتل. أعدت السّكين إلى المطبخ، وبدأت الصّور الجميلة ترد إلى ذهني. صور حبّ مختلف لا أشعر من خلاله بالغثيان. أرغب أن أكون طبيعيّة، لا أعرف إن كان الخطأ فيّ أم فيه. فقط أشعر معه أنّني لست أكثر من كائن دون ملامح.
طلع الصباح بعد تلك الليلة" الخرقاء" لن يستيقظ أيمن الآن . يستيقظ الساعة الثانية بعد الظهر عادة. سوف أخرج كي أرى أشعة الشّمس. سوف أصطحب تميم معي كي يلعب بالكرة، وأعمل له لفّة خبز بالزبد والسّكر، وأخرى لي بالزيت و الزّعتر، . هذه تفاحة أيضاً لتميم، زجاجة ماء، زجاجة شاي مع السّكر. لا يهمّ سوف نشربها باردة. ليس بالضرورة أن يكون لدينا عدّة كاملة للرحلات. سوف لن أنسى الكبريت. عندي عرنوس ذرة سوف أشويه من أجل تميم. الأمر سهل. سوف أجمع بقايا العيدان وأشعلها.
يحبّ تميم أن يخرج من المنزل برفقتي. هو يقفز الآن، وأنا أراقبه. كم أنت سعيد!
وصلنا إلى تلّة قريبة ، فرشنا خرقة كبيرة على الأرض ، وضعنا جميع الأشياء. نسيت أمر البارحة. ما أطيب الزيت والزعتر!
سوف نلعب بالكرة معاً. هيا يا تميم.
-فيما بعد. أرغب أن أطارد العصافير، وأقلّدهم.
بينما يطير تميم مثل العصافير دون أن ترتفع رجلاه . أتى الأولاد وأصبحوا يقلّدونه، أصبحوا سرباً من الأطفال، وكأنّهم تفاهموا مع الطّيور، بدا الأمر رائعاً.
أتت امرأتان مع أولادهما وجلستا قربي، ثم طلبتا منّي الانضمام إليهما. تحدثتا كثيراً، كنت أستمع بشوق للكلام، كانتا تتحدّثان عن ذكاء أبنائهما، وعن غباء المحيط. أتتا على ذكر زواجيهما بالسّوء. سألتني إحداهن: وأنت كيف حال زوجك معك؟
أجبت باختصار. زوجي يحبّني.
ما أكذبني! لم يقل يوماً أنّه يحبني. توهمت أنّه قال. أحسدهما كيف يتحدثن بصراحة. التفتت إحداهن إليّ، وقالت: تبدين على باب الله. وهل يحبّ الرجل زوجته؟
بدأتا تسردان روايات. قالت إحداهنّ: لا أقبل أن نقيم علاقة حميمة مالم يضع مئة دولار على وسادتي. أعرف أنّ الرجال يفضّلون المتشبهات بالعاهرات. لذا أبيع جسدي له، وقالت الثانية أنا أطلب منه طلبي وهو منغمس في العلاقة. أقول :سوف تشتري لي طوق الذهب غداً ويوافق، ولو تنصّل من الموضوع عملت له فضيحة.
- أخجل من خوض تلك الأحاديث. اعتدت أن أقدّم خدمتي مجاناً وبأصعب الشّروط، لكنّني لا حظت أنّهن يبالغن فاكتفيت بالاستماع، وبعدها مللت فذهبت أنا وابني إلى الوادي القريب حيث الكلبة لولي، والكلب دلول. هما يعيشان في مزرعة رئيس البلدية السّابق. لديهما أطفال كثيرون أعني الكلبان لولي ، ودلول. يبدو أنّ الوقت هو وقت الغزل. غزل الكلاب صريح أكثر من غزل البشر. سألني ابني: ماذا يفعلان. تجاهلت السّؤال.
-ماما. أرغب أن يكون لدينا كلب, أحبّ الكلاب.
-عندما تكبر يا بني ، وتشتري مزرعة مثل هذه سوف تشتري كلباً، وحصاناً، وحيوانات ،وسوف أعتني أنا بهم.
-هل للكلاب لغة؟
بالطبع يا بني.
-أرغب أن أدخل مدرسة الكلاب كي أتعلم لغتهم.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قيود أمّي
- غرائب تحدث كلّ يوم
- حق الاقتراع للنّساء
- واقعة في الحبّ
- هذه الليلة لي
- إن أراد الله فناء قوم ابتلاهم بالإيمان
- تزوج بامرأة ثانية كي تدخل الجنّة!
- المرأة السّورية بين القانون، والعرف
- الاعتداء الجنسي المقنّع على الأطفال، والنّساء
- - طرقت باب الله، ولم يفتح لي-
- حضن الوطن، والأسد المريض
- نساء تناضل أمام الكاميرات
- في وداع الثّورة السّوريّة
- حنين إلى ذكرى
- ياعين لا تدمعي
- حكاية ليست للنّشر
- جيناتي
- يقال أنّ الشّام ياسمينة
- منامات
- ما أرخصك ياصديقي!


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - قيود أمّي . الفصل الأوّل. 2