أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - قيود أمّي














المزيد.....

قيود أمّي


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5446 - 2017 / 2 / 28 - 17:40
المحور: الادب والفن
    


رواية في حلقات
المقدّمة: هذه القصّة حقيقيّة في معظم أجزائها، أردت أن أسجّل من خلالها الأشياء الخفيّة في حياة المرأة منذ الطفولة، وحتى الشّيخوخة، لكنّ بعض النّساء يفقدن صبرهنّ ، يفضّلن الموت، ولا يجدن وسيلة إلا حرق أنفسهن بصمت. كان لي صديقة اسمها مها جمعت ثيابها، وضعتهم في صرّة من خرق، بللتهم بالكاز، ثمّ أقفلت الباب، جلست فوق الثياب، وأضرمت النار بنفسها. كانت أمّاً لثلاثة أطفال، وقد تباطأ أهل زوجها في إنقاذها فماتت بعد ليلة، وبدأت الأقاويل، فقد كانت والدة زوجها تدخل من بيت لآخر، وتقول. هناك سرّ لا نعرفه. تتّهمها بشكل مبطّن بأنّها" لم تكن شريفة" أمّا أهلها فقد هربوا من الحيّ خوفاً من العار، فلو لم تكن خاطئة لما قتلت نفسها.
طبعاً في تلك الحادثة أجمعت النّسوة على أنّها تستحقّ ما جرى لها، فالمرأة أشد عداوة مع المرأة، والمسؤوليّة الأولى على الأمّ الخانعة، والتي هي خانعة حكماً في مجتمع جاهل مستبد.

الفصل الأوّل 1
في عام 1970 كانت علياء الجابر طالبة في الثانوية، سوف تكون في العام المقبل في الجامعة. هذا ما قالته صديقتها: لا نعرف ماذا حلّ بعلياء بعد زواجها،،طالما حاولنا التّقارب معها، تلبّي ما نطلب منها بكلّ مودة، لا تشاركنا الحديث. عندما ينتهي الدّوام في المدرسة تذهب ببطء إلى المنزل، وكأنّها كانت تودّ البقاء في منزلها. في عام 1980 غادرت علياء هذا العالم، وتركت طفلها تميم حيث كان في السّابعة من عمره.
قبل أن تقدم على الرحيل كتبت رسالة عن حياتها في مئة صفحة. تقول:
لا أعرف إن كنت هنا، أعيش خارج الزّمان والمكان. أخاف من الليل. أخاف زوجي ، أخاف الأشباح، أخشى كلّ شيء.
التقيت مع أيمن في السنة الأولى من الجامعة. جمعتنا علاقة حبّ، كنت سعيدة بوجوده، وليس لدّي فكرة أكثر من ذلك عن الحبّ. لا أرغب أن أعود إلى المنزل فكلّما عدّت أشعر أنّ ما جرى لي سوف يتكرّر مع عمّي الذي أتحاشى أن أنظر إلي عينيه. أشعر عندما يبتسم لي بالقرف من نفسي، فقد باغتني بقبلة مختلفة عن تلك القبل التي كنت أحلم بها من أمّي . كانت تقبّل أخي الصّغير بحبّ، وأحتّك بها كي تراني، ثم طويت الصفحة مع الزمن، اكتفيت أن أضّم يدّي إلى صدري عندما يكون الطقس بارداً، وأتكوّر على نفسي عندما يداهمني المرض، فلا أشكو لأحد. الحقيقة أنّني لا أفرق بين المرض، وغير المرض. فأحياناً أختبئ في عزّ الظهيرة خلف القبّة الصّغيرة، أسند ظهري إليها، أترك الحرّية لعينيي، وأنفي أن يأخذاني إلى الحزن. أسأل الشمس الحارقة: هل لو بقيت في مواجهتك سوف تقتليني؟ كنت أحلم أن تأتي أمّي كي تأخذني من يدي، وتقول لي أحبّك، لكن بعد أن يرهقني الجلوس أدخل إلى الغرفة فتأتي أختي وتشدني من شعري: أين كنت أيتها الشريرة. لم تساعديني في العمل. هيّا خذي هذه الأواني، ونظفيها، وبعد أن أنتهي ترمي بالصحون ثانية كي أعيد غسلها. أختي لا تكبرني إلا ببضع سنوات، لكنّني أخافها، ولا أتجرأ على مخالفتها، وحتى أمّي تحسب حسابها. أخي أيضاً يأتي فيطلب مني أن أصنع له الشّاي، ولا يناديني باسمي، ينكز رأسي بإصبعه باحتقار. تعوّدت على هذا الأمر.
لم أكن أحبّ أن أعود من الجامعة إلى منزلنا في القرية، وقبل أن أصل أضع غطاء رأسي كما أرادت أمّي، أدخل إلى المنزل، أصمت طوال الفترة التي أعيش فيها في منزلنا. أشعر أنّ المشاكل التي تحيط بنا لن تحلّها الأيّام، وفوق ذلك كلّه يتدّخل الأعمام والعمّات في كلّ شاردة، وواردة من حياتنا.
اعتقدت أنّ الدورة الشّهرية عار، فكنت أخفي أمرها، وبعد أن أصبح عمري خمسة عشر عاماً . لا حديث عند أمّي سوى أن تحذّرني من الرّجل، وتقول لي هي الغلطة الأولى والأخيرة. أصبحت أعيش هاجس أن أصبح حاملاً ولا يصدّقني أحد أنّني لم ألتق برجل. تعرّفت على الجنس لأوّل مرّة مع زوجي في المدينة الجامعية. لم أكن موافقة، ولا معارضة. كنت كالبلهاء، شعرت بالإهانة . شيء فظيع لم أكن أتخيّله.
الكثير منكم لن يصدّق بأنّني منذ تلك المرّة، وأنا أصاب بالغثيان.
تمّ الزّواج، ولم أشعر لحظة أنّني بخير، وكلّما حلّ المساء أخاف أن يعود أيمن قبل أن أنام. لم أشعر أنّه يعرفني. وليس مهتمّاً سوى لأمر واحد، وأنا أبحث عن حياة. أن ألبس ثياباً جميلة، وحليّ، نمسك بيد بعضنا، ونذهب إلى حفل موسيقيّ، أو نتحدّث عن أنفسنا ونحن نسير بين الأشجار. البيت فيه صمت القبور، وأيمن لا يأتي إلا في المساء، فقد كان لديه شركة لتأجير السّيارات. عندما ينام قربي يشخر، وينبعث من فمه رائحة الخمرة، أغيّر مكاني، وأنام على الكنبّة. اعتقدت أن الحياة تسير عند الجميع كما تسير معي، سكتّ على كلّ أمر. أقول لنفسي: كل البشر هكذا . لا يمكن أن أوجد نظاماً آخر للعالم. أكره جسدي، كسرت المرآة في الحمّام كي لا أراه، أشعر بالعار على الدّوام.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غرائب تحدث كلّ يوم
- حق الاقتراع للنّساء
- واقعة في الحبّ
- هذه الليلة لي
- إن أراد الله فناء قوم ابتلاهم بالإيمان
- تزوج بامرأة ثانية كي تدخل الجنّة!
- المرأة السّورية بين القانون، والعرف
- الاعتداء الجنسي المقنّع على الأطفال، والنّساء
- - طرقت باب الله، ولم يفتح لي-
- حضن الوطن، والأسد المريض
- نساء تناضل أمام الكاميرات
- في وداع الثّورة السّوريّة
- حنين إلى ذكرى
- ياعين لا تدمعي
- حكاية ليست للنّشر
- جيناتي
- يقال أنّ الشّام ياسمينة
- منامات
- ما أرخصك ياصديقي!
- دون تعميم


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - قيود أمّي