أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الجزء الثاني من الرواية: السين














المزيد.....

الجزء الثاني من الرواية: السين


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5359 - 2016 / 12 / 2 - 09:31
المحور: الادب والفن
    


عزيزي فرهاد!
تغيّرت المدينة بعد سفرك، وبدت مثل شجرة خالدة دهمتها صاعقة.. أهيَ شجرة الخير والشر، التي طُردنا بسببها من الفردوس؟ حقاً لا أدري.
ولكن ما كان بوسعي سوى أن أدهشَ، كون رحيلك أفقد مراكش روحها. أحسَبُني أبالغ في شعوري، لولا أنني أفكّر أيضاً بما سبقَ ذلك من رحيل شيرين، المأسويّ. فكلاكما كان كلاً واحداً ( في نظري على الأقل )، حتى بعدما فصمَ الموتُ عُرى هذه الوحدة. قبل كلّ شيء، عليّ كان أن أفكّر بالساعات الأولى لحلولك وشقيقتك في المدينةـ كمتشردين، لم يتم التعامل معهما من لَدُن السلطات وفق القانون الدوليّ بصفة اللجوء السياسي أو الإنساني. أفكّر بذلك، من منظور أسطورة أخرى أقدم عهداً ولا ريب من أسطورة الفردوس الأول: لقد كنتَ كأوديب، إذ وصل إلى أسوار طيبة ليَجد هَوْلةً ترابط عند بوابتها. بيْدَ أنّ مراكش كانت أكثر من طيبة؛ كانت هيَ جوكاستا نفسها، التي أقترن بها أوديب ليكتشفَ لاحقاً بأنه يضاجع رحماً أنجبه هوَ.
أخالكَ تحسب أن جملتي الأخيرة، هيَ من باب التهكّم. ولن يدهشني ذلك، لما كان في طبعك من وسوسة، ومن ظنون تجاهي. فاسمح لي، إذاً، أن أذكّرك بمثال يؤكّد رأيي. حينَ سألتك ذات مرة: " لو أني مررتُ بعربة الكوتشي في تلك الليلة، آنَ كنتَ وشقيقتك مرميين عند أسوار المدينة القديمة، فأكتشفتُ كونكما مواطنين لي، ثم صرت أنتَ تحت رعايتي مبكراً؛ فهل كان من الممكن لشقيقتك أن تتعرّف على من سيوجهها إلى درب الجريمة؟.. أو أنك ستعرف امرأته، التي جعلت حياتك جحيماً على أثر إنجابها ابنة من صلبك؟ ". لقد كان جوابك جارحاً لي، وكان أشبه بهذيان شخصٍ على شفا الإنهيار النفسيّ: " فيما يتعلق بمروركِ، فإنه جرى على أيّ حال بعد أيام قليلة من ذلك. وأعتقد أنّ من حقي القول أيضاً، بأنه كان لقاءً واقعياً، لا مفترضاً، وهوَ من كان سبب شقاء كلا الشقيقين! ".
بالإحالة إلى بدء رسالتي بإشارة عن الفردوس المفقود، فإنني أعلم يقيناً بأنّ الحيّة، ( الشريفة )، هيَ من كانت وراء قناعتك تلك. لقد دأبت على الفحيح قربَ رأسك، بكوني من جنّد زوجها سيمو كي يقنع شقيقتك بالخدمة لدى المسيو غوستاف علاوة على التخريفات الأخرى بشأن الأميرة.
بطبيعة الحال، فإنني لستُ من السذاجة كيما أشكّ بأنك كنتَ تحت تأثير سحرٍ ما من تدبير الشريفة؛ اللهم إلا أن يكون سحر الجسد لا الروح. على أننا، أنا وأنت ( وحتى الأميرة ذاتها )، ننتمي للفئة المثقفة. فكان من المفترض ألا تسرف في التفكير بتلك الترهات، بله قبولها وبناء قناعات على أسسها المزيّفة. بكلمة أخرى، إنّ ثقافة القال والقيل جديرة بالعوام والغوغاء لا بالفنان والأديب. لا يسؤنّك كلامي، خصوصاً وأنني أستشف من رسائلك بنيّتك كتابة مذكرات عن أيام مراكش. أي انك ستكون ثالث من يفعل ذلك، بعد الراحلَيْن؛ شيرين وغوستاف. مذكرات هذا الأخير، وقعت نسخة منها في يدي بطريقة ملتوية. ومن غير المستبعد أن أرسلها لك فيما بعد، لو كنت راضية عنك. أنت ستنتظر ذلك بلهفة، هه؟ ولكنني قد أرسلها مرفقة بمذكراتي أنا، طالما أنّ " حمّى مراكش " في أوجها!
صدقني، أنني لن أفعل ذلك بغية تصحيح صورتي. فلا خشية لديّ من الكتابة عني، وسيّان عندي الكاتب وما إذا كان سيذكر الحقيقة أو يرقّعها. فالحقيقة حيادية، ولو أنها لا تظهر أحياناً بوضوح قمرٍ مائل على برج السور في ليلة خريفية. الكاتب الأصيل، لا خوف عليه من الزيف بما أنه يملك ضميراً حياً ينبض على وقع دقات قلبه. إلا أنّ الحقيقة، هيَ من يجوز أن تقدَّم أحياناً للكاتب على شكل أشياء مغشوشة. أي كفعل إبليس، حينَ يوسوس في صدور الناس بصفة إله. إنني من ناحيتك، واثقة تماماً من أصالتك فضلاً عن إجادتك العربية أيما إجادة سواءً بالأسلوب أو التوشية اللغوية. على أن من واجبي مرة أخرى، تنبيهك لضرورة الإبتعاد عن مصادر القال والقيل. هيَ ضرورية في بعض الحوارات، ولكن يمكن إسقاطها من تفاصيل السرد.
بعيداً عن تلك المصادر المذمومة، ها أنا ذا أعلمك ببعض الأمور الملحّة بالنسبة لك. إبنتك، هيَ من تشغل بالك أكثر من أي شيء في هذه المدينة.. بل وربما في هذا العالم كله. سأبدأ القول، بما سَلَفَ وسمعته مني أكثر من مرة؛ أنني ما كنتُ لأتصورك أباً أبداً.. هذا ليسَ بذي بال، فلأصرفن النظر عنه!
ولكن في مقابل ذلك، لن يفوتني التأكيد بأنّ خَجِيْ الصغيرة كانت أروع ذكرى منك. ولو أنني متّ على غرّة، وتمّ تشريح قلبي، لوجدوا صورتها ثمة. أنت تدرك صدق قولي، وأن ذلك ليسَ مجرّد توشية لفظية. بلى، وإنني لم أخطئ في إرسالها إلى أسرة قريبة طالما أنّ إحدى أفرادها كانت تتمنى لو أنها هيَ من أنجبتها من صلبك. لحُسن الحظ، من ناحية أخرى، أن المسئولين وافقوا أخيراً على تسجيل ابنتك كمواطنة أجنبية مقيمة بالنظر إلى كون أبيها قد حصل على وضع مماثل. أي أن ابنتك لا تشبهك بالشكل حَسْب، وإنما أيضاً بالمصير!
لن أتكلم عن والدتها، لأنني حقاً لا أملك معلومات عنها تزيد عما أخبرتني أنتَ به حينَ اختفت على حين فجأة.
دمتَ بخير
سوسن

> مستهل الجزء الثاني من رواية " الفردوسُ السفليّ "..









#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفردوسُ الخلفيّ: النون 3
- الفردوسُ الخلفيّ: النون 2
- الفردوسُ الخلفيّ: النون
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام 3
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام 2
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء
- الجزء الأول من الرواية: الطاء 3
- الجزء الأول من الرواية: الطاء 2
- الجزء الأول من الرواية: الطاء
- الجزء الأول من الرواية: الحاء 3
- الجزء الأول من الرواية: الحاء 2


المزيد.....




- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الجزء الثاني من الرواية: السين