أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 3














المزيد.....

الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5347 - 2016 / 11 / 18 - 09:57
المحور: الادب والفن
    


دلفتُ ومخدومتي إلى ساحة جامع الفنا، من مدخل سوق السمّارين المقابل لكافيه دو فرانس. مصابيح سطح المقهى، الكبيرة والمبهرة الإضاءة، كانت تبدو بديلة للنجوم المطفأة. أفواج الخلق، كانت تتدفق على الساحة من جهة درب الأضباشي، مُسيّرة على إيقاع طبول فرق الكَناوة. بدَورنا، راوحنا أقدامنا ثمة مقابل المقهى، وكلّ منا يتطامن برأسه كي يرى نجمَ الساحة الأكثر تألقاً؛ " الحلايقي "، المتوسّط مريديه وهوَ يسرد لهم إحدى حكاياته، أو مِلَحِهِ، بمعونة من أنغام الربابة والصنج.
" أأنتَ على أهبة للدفاع عني، ما لو تحرّش بي أحدهم؟ "، همست الخانم في سمعي فيما كانت عيناها تلتمعان ببريقٍ من التخابث اللطيف. أدركتُ ولا غرو، أنها توخزني بذكرى تلك الحادثة، التي جرت في ليلةٍ أسبق في نفس الساحة. لقد رأيتني ليلتئذٍ أتعارك مع شاب أرعن، كان يلاحق " خدّوج " أثناء إنضمامها لجمهرة تتحلّق حول فرقة موسيقية أمازيغية. ساحة جامع الفنا، هيَ المكان المثاليّ لأمثال ذلك الفتى، المدفوعين بعدوانية غريبة متماهية مع الكبت والحرمان من الحب والعاطفة.
" إنّ أيّ أمرئ منهم، يعتقد أنّ من حقه الإلتصاق بمؤخرة الفتاة، طالما أنها متكوّرة في بنطال ضيّق.. وإلا، ما معنى أن تزاحم هيَ صفوفَ الشبان، المتجمعين في هذه الحلقة أو تلك! "، قالتها مخدومتي متخليةً عن تحفّظها المألوف. ثم أردفت بلهجة العالم ببواطن المكان، كونها متأصّلة فيه قبلي بأعوام عدة: " فلو أنّ الفتاة المعنية أبدت ردّة فعلٍ ما، فإنّ المتحرش لن يتورع عن ضربها بقسوة. عادةً، سيقابل الموقفُ بلا مبالاة الآخرين، وربما أنّ بعض هؤلاء يرفعون أصواتهم بالضحك تملّقاً للمعتدي أو إنتشاءً باطنياً بفعلته. وأظن أنك خبرتَ ذلك، أثناء دفاعك عن خدّوج؟ "
" كان رجال الشرطة على مقربة من المكان، لحُسن الحظ. لقد تدخلوا حالاً، كونهم أعتقدوا أنني سائح أجنبيّ.. "
" كان ذلك منك عملاً فروسياً، على أيّ حال "، عادت الخانم للقول مصّرةً على بعث الذكرى. إلا أنني كدّتُ أقع بالفخ، لما تمتمتُ وكما لو كنتُ أتكلم مع نفسي: " مع كونه حدثاً مشؤوماً، بالنسبة لي؛ بما أنه أرخى ظلاً من الشبهة الباطلة على علاقتي مع إبنة الأسرة المُضيفة "
" لعلّك أستفدتَ من ناحية واحدة، على الأقل. وأعني، ما كان من كفّ الفتى المتهوّر، غني، عن ملاحقتك في دروب المدينة ممسوساً بجنيّ الغيرة. ولكنني ما أفتئ أفكّر برعب في منظر هذا الفتى الشرير، كما وصفه بنفسه لشقيقتك، حينَ كان ملثّماً بعمامة وقد دسّ خنجراً بجلابته "، قالت ذلك بوجه مكفهر الأسارير. ثم ما عتمت أن تحرّكت لمغادرة الحلقة، بإتجاه موقف التكسي عند الكتبية. بغية تغيير الحديث، فإنني تحوّلتُ إلى معلومة أضحت معروفة ضمن مجموعتنا: " لا بدّ أنه أخذ درساً قاسياً، بعدما كاد أن يفقد حياته خلال الأحداث الأخيرة التي أعقبت الإضراب العام ". هزّت رأسها بخفّة، وعلّقت بالقول: " أمثاله من الشيوعيين المتطرفين، لا يمكن أن يتعظوا! لقد أرتكبت شقيقتك خطأ جسيماً بحق أسرة للّا بديعة، إذ طلبت من غوستاف أن ينقل الفتى الجريح إلى الفيللا. إنهم يلاحقون اليوم بشراسة حتى صغار الطلبة، ممن يتظاهرون للإحتجاج على إشتراك بلدهم في التحالف الأمريكي، المعادي لصدّام حسين. فكيفَ بمن إشترك في عصيان مسلّح، كان يهدف لإسقاط حكم الأسرة المالكة؟ "
" وأنا أيضاً هكذا كان رأيي، بخصوص نقل غني إلى منزل جدّه... "
" فلِمَ إذاً قمتَ بزيارته هناك؟ "
" لا أدري، حقاً! ربما أنّ الواجب دفعني إلى الإطمئنان عليه، بعدما أبدى لشيرين أسفه على تلك النزوة حيالي... "
" أتدعوها نزوة؛ وهوَ من كان ينوي إغتيالك بخنجر حقده المريض؟ "، قاطعتني مرة أخرى وبإنفعال حدَّ أنّ بعض العابرين إلتفتَ إلى مصدر الصوت. ولم تمهل جوابي، فأستأنفت بنبرة أخفّ حدّة: " حقاً، لا يعرف المرء بماذا يفكّر هؤلاء الناس.. من الممكن أن يكون أحدهم على أتم إنسجام وود معك، وعلى حين غرّة، ينهال عليك بخنجر أو مطرقة حديدية! أظنني قرأتُ مثل هذه العبارة ذات مرة، في إحدى قصص فريدريك بوول.. "
" ولكنك لم تُسعدي بقراءة قصصه؛ أليسَ كذلك؟ "
" لا، أبداً. ولا تُسعد أنتَ أيضاً بإعتقادك، أنّ ثمة تناقضاً في موقفي من كتاباته! إنّ رضى القراء، قد تكون غاية لا سبيل إليها غالباً بالنسبة لمن يعتمدون أسلوبَ بوول. بيْدَ أنّ الحقيقة، في المقابل، تبدو أقرب عند هذا الكاتب فيما يتعلّق بالمغرب "
" قد يكون الأمرُ مجرّد إيثار الكاتب لأسلوب الغرابة، وليسَ بالضرورة تجسيداً للواقع؟ "
" أنا لم أقرأ له الكثير، كما ذكرت لكَ. ولكنني أظن أنك ستفعل ذلك، بما أنني أمتلك نسخة عن إحدى مجموعاته القصصية. وعلى أيّ حال، فإن ثمة مثلاً محلياً ربما سمعتَ به: إذا كنتَ في المغرب، فلا تستغرب!! ".







#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء
- الجزء الأول من الرواية: الطاء 3
- الجزء الأول من الرواية: الطاء 2
- الجزء الأول من الرواية: الطاء
- الجزء الأول من الرواية: الحاء 3
- الجزء الأول من الرواية: الحاء 2
- الجزء الأول من الرواية: الحاء
- الجزء الأول من الرواية: زاء 3
- الجزء الأول من الرواية: زاء 2
- الجزء الأول من الرواية: زاء
- الجزء الأول من الرواية: واو 3
- الجزء الأول من الرواية: واو 2
- الجزء الأول من الرواية: واو
- الجزء الأول من الرواية: هاء 3
- الجزء الأول من الرواية: هاء 2
- الجزء الأول من الرواية: هاء


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 3