أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الفردوسُ الخلفيّ: النون 3














المزيد.....

الفردوسُ الخلفيّ: النون 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5354 - 2016 / 11 / 27 - 08:39
المحور: الادب والفن
    


لشدما أدهشني أن أقرأ في مخطوطة شقيقتي الراحلة، زعمها بأنني كنتُ فيها البطل الرئيس. إنّ المرء سيكون مصاباً بمرض جنون العظمة، ما لو تبنّى هكذا رأي عن شخصه سواءً من إنسان قريب أو غريب. ربما كنتُ فعلاً قطباً تدور حوله حيوات شخصياتٍ أخرى، ولكن ذلك حال أيّ إنسان ولا أجد فيه إبداعاً أو تميزاً. مع أنني وقعت في ذات الخطأ ( لو تذكرون؟ )، حينَ كتبتُ أنّ " سوسن خانم " هيَ محور حياتنا المراكشية. ولن يقلل من خطلي، حقيقة أنني كنتُ أذهب إلى معنىً آخر بذلك القول؛ معنىً مجازياً ولا شك ـ كما لو جاز تشبيه كفل " الشريفة " بكونه تل نمل الباه، يُفرغ ثقبه ويستقبل في آن واحد، طابوراً من مواطني صيف الرغبة والنشوة والشهوة والشبق والمتعة واللذة!
بيْدَ أننا كنا ما نفتئ في بداية شتاء العام الجديد، وكلّ منا نحن أبطال الرواية ماضٍ في طريق موحل، وهوَ متجلّد القلب أو يكاد. آنذاك، كنتُ لمّا أعلمُ بعدُ بأنني مجرّد مطية ( على حدّ تعبير المرافقة )، في حلبة سباق تفضي بفارساتها إلى أحضان رجالٍ آخرين. وحقّ للعلم أن يُدهشني مجدداً، كوني بدَوري أستعملتُ إحداهن كمطية لبلوغ أربٍ مماثل لا يقلّ رقاعةً وحِطّة. إنها " خدّوج "، مَن رأيتُ فيها الفتاة المناسبة للدور المطلوب ودونما مراعاةٍ لكونها ابنة الأسرة المُحْسنة أو حالتها النفسية المَرَضية. ولكنني فعلت ذلك بنوعٍ من البراءة، معتقداً أنّ هكذا علاقة حبّ مزعومة يمكن أن تكون واقعية تماماً بالنظر لأكثر من سبب: أولاً، الفترة الطويلة نسبياً، التي قضيتها في ضيافة آلها.. ثانياً، ذلك الموقف في ساحة جامع الفنا، حينَ دافعتُ عنها، والمعتبر بطولياً بنظر الخانم وغيرها.. ثالثاً، إنفضاض حفل عقد قران " خدّوج " على العراقيّ بفضيحةٍ مدوّية، برزَ فيها إسمي كمسبّب رئيس وخصوصاً من جانب شقيقتها " سُمية "..
كما سبقَ أن علمتم أيضاً، فإنني أردتُ التأثيرَ على " سوسن خانم " من جهة، ودرء الشبهة عن علاقتي بمرافقتها من جهةٍ أخرى. ربما نجحتُ في كلا المسعيين في بادئ الأمر، لدرجة خلتُ فيها الإنسجام الروحيّ، الذي نما بيني وبين الخانم، قد وصل إلى درجة النضوج. على أنّ ذلك كله كان وهماً، وما لبثت المحبوبة المفترضة أن بددته بقسوة محتجّة بإكتشافها علاقتي مع مرافقتها من خلال اللوحة السرية. في واقع الحال، أنّ الخانم هيَ من كانت تقيم علاقة سرية مع نموذج لوحتي نفسها؛ مع من كان رحمُها في الأثناء يرعى جنيناً من صلبي.
" كان الأمرُ، في حقيقته، غفلةً منك أكثر منه خطأ..! "، خاطبتني " الشريفة " كمن يستصرخ شخصاً يسير على حافة هاوية. كنا حينئذٍ في منزل أسرتها ذاك ( القريب من عرين الأميرة )، وكان قد مضى حوالي أسبوع على إستقراري فيه بصفة عشيق.
ثم أستطردت عشيقتي، هادئةً قليلاً: " عليك كان أن تخدم الخانم في أمرين؛ الأول، بث الغيرة في جوارح المسيو الفرنسيّ، والثاني جعلكَ جسراً يصلها بالأميرة.. لِمَ تنظر إليّ هكذا؟ فماذا ظننتَ إذاً، أنت من شغل لديها وظيفة سكرتير بدون أن يكون لديه ما يعمله غير رفع أنفه إلى السقف، منتظراً رفيفَ ملائكة الإلهام! "
" لعلني أعلمُ ذلك.. ولكن، تابعي كلامك بدون هذه الألفاظ غير اللائقة "، أجبتها مستسلماً وداخلي يغلي بالغيظ والحنق. فيما بعد، قرأتُ في مخطوطة شقيقتي، كيفَ أضحى طليقُ " الشريفة " بنفس السلوك المتنمّر بعدما كان كهرّ العتبات البيتية. كان " سيمو " عندئذٍ قد أيقن بأنّ " شيرين " أشرفت فعلاً على هاوية اليأس، وأنها ستكون طوع أمره في أيّ شيء يعرضه عليها بما في ذلك الجريمة.
أكملت " الشريفة " فكرتها، وليسَ بدون نظرة منتصرة: " نعم، أنا آسفة! أقول أنّ الخانم ـ وهيَ لم تفضي إليّ ذلك صراحةً ـ كانت بحاجة إلى رجل أعمال من شاكلتها، لا فنانٍ من الصعب السيطرة عليه. فلما مضى المسيو غوستاف في طريقه المعروف، والأميرة توغّلت في مراسلاتها المضحكة مع مواطنه الفرنسيّ بمعونة من الهيرويين؛ فإنّ الخانم دفعتك بعيداً عن درب حياتها "
" ربما أنا كنتُ بنظرها مجرد لاجئ، وبالتالي، غير لائق بمقامها. غير أنها كانت خيرَ من يعرف المسيو الفرنسيّ، وأنه لا يصلح زوجاً لها... "
" ولكنه يصلح زوجاً لشيرين، أليسَ كذلك؟ "، قاطعتني بعبارة جديدة جارحة. أضمحلت إبتسامتها الهازئة تحت وقع نظرتي، فما كان منها إلا التمتمة بمفردات متلعثمة: " آه، ألا يمكنني ضبط لساني القذر؟ سامحني حبيبي.. لآخر مرة! ". وأردفت متقمّصة هذه المرة نبرة العالم: " أعود فأقول، أنّ الخانم سئمت منك في أيّ حال من الأحوال. فلا تعلقنّ أملاً عليها من خلال دحض براهيني، فإن الموضوع ليسَ معادلة رياضية! "
" فأنتِ تعرفين الرياضيات، وأنا من كنتُ أظن أنك لم تنهي الإبتدائية؟ "، قلتُ لها مداعباً في محاولة للتخفيف من حدّة الحديث. وقد أستجابت لمزاحي، فانتفخت بحركة فخر أوداجها المتورّدة، قبل أن تنفخ قائلةً: " بل إنني توقفتُ عند الصف التاسع، وإلا لما كنتُ أتقنت الفرنسية ". فتحتُ فمي، ولكنني تمنّعتُ عن الكلام فجأة. وإذا بها تبادرني، كمن قرأ ما وددت قوله: " كنتَ تعتقد أنني تعلمت الفرنسية في بيوت مخدوميني السابقين، أليسَ كذلك؟ ". قبل أن أجيب، عادت هيَ للغوها: " هذا يدل على حقيقة محزنة، بالنسبة لي؛ وهيَ أنك لم تتنازل مرة لمعرفة ماضيي، لا عن طريقي ولا عن طريق الآخرين.. ".
كانت مُحقة، ولا غرو. فلم تكن هيَ تلك المرأة، التي كان من الممكن أن يهمّني أمرها خارج حَوْز الجنس. ولقد سبقَ وسايرت " اللبوةُ " رغباتي، حتى تلك المجهولة من لَدُن الحيوانات، مؤملةً بإمتلاكي عن طريق ربطي بثمرة رحمها. أما ذلك الماضي، المَوْسوم، فما أسرعَ أن عرفتُ جانباً كبيراً منه حينَ هُرعت " شيرين " إلى منزل أسرة " الشريفة " لكي تحذرني من مغبة الإقتران بها. على أنّ " شيرين "، في آخر المطاف، لم تكن تعلم بأنّ عشيقة أخيها كانت آنذاك تطوي في داخلها سرَّ حياتها الأكثر فظاعة؛ سراً، كانت مستعدة أن تخفيه في جبّ الجريمة لو تطلّب الأمرُ ذلك..

> يليه الجزء الثاني من الرواية، وهو قيد التنضيد



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفردوسُ الخلفيّ: النون 2
- الفردوسُ الخلفيّ: النون
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام 3
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام 2
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء
- الجزء الأول من الرواية: الطاء 3
- الجزء الأول من الرواية: الطاء 2
- الجزء الأول من الرواية: الطاء
- الجزء الأول من الرواية: الحاء 3
- الجزء الأول من الرواية: الحاء 2
- الجزء الأول من الرواية: الحاء


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الفردوسُ الخلفيّ: النون 3