أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الفردوسُ الخلفيّ: الميم 2















المزيد.....

الفردوسُ الخلفيّ: الميم 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5350 - 2016 / 11 / 23 - 09:27
المحور: الادب والفن
    


" شيرين، وضعت قَدَماً في العام الجديد وأخرى في قبرها! "
كذلك فكّرتُ مُتنبئاً، على أثر إعلان خطبة شقيقتي خلال حفل رأس السنة في جناح مخدومتي. وإنها المرافقة، " الشريفة "، مَن أفرغتُ فيها غلّي أثناء عودتنا بالسيارة من مهمّة توصيل أقارب الشاعر. ما لم أكن أعرفه ليلتئذٍ، أنّ هذا الأخير لم يحضر الحفل بسبب موقفٍ عاصف مع إمرأته. بحَسَب مخطوطة " شيرين "، كان الشاعر قد رافقَ شقيقتي مشياً على الأقدام في تلك الليلة آن خروجها من صالة رواق الفنون؛ ثمة، أين حضرتُ معها جزءاً من الإحتفال برأس السنة.
الفصل الآخر من الحكاية، قصّتها عليّ " الشريفة " فيما بعد؛ هيَ من تتسرّب إليها الأسرارُ بشكل مُلغز، شبيهٍ بشخصيتها نفسها. وإذاً، لما عادَ " المهدي " إلى الصالة، أنفردت به " لبنى " وكانت من الغيظ والغيرة حداً جعلها تخرج عن طورها. عند ذلك، أضطر الزوج وبغية التخفيف من غلوائها، أن يكشف لها بأنّ " شيرين " طلبها مخدومها الفرنسيّ وسيتمّ إعلان خطوبتهما في نفس الليلة خلال الحفل المقام بجناح " سوسن خانم ". فما كان من " لبنى "، المتشككة من الخبر، إلا الطلب من شقيقها وإمرأته مرافقتها إلى ذلك الحفل. لأنّ " المهدي " أعتذر عن الذهاب معها بحجّة أنه وعدَ ضيفه، " فريدريك بوول "، بمرافقته باكراً إلى مدينة ورزازات لكي يشتركا في فيلم وثائقي فرنسي عن حياة هذا الأديب بمناسبة بلوغه سنّ الثمانين.
ولكنّ الفصل الأخير من الليلة تلك، الحافلة، عليّ كان أن أسدل ستارَهُ مع مرافقة الخانم. فكما سَلَفَ وذكرتُ، كنتُ في تلك الآونة أحاول النأي بنفسي عن " الشريفة " خشيةً على صلتي الطيّبة بمخدومتها، والتي كنتُ مؤملاً بتنميتها وصولاً إلى حبّ مثمر. على ذلك، دأبتُ في الأثناء على التعامل مع " الشريفة " بطريقة فظة تبلغ أحياناً حدودَ الإهانات. سذاجتي، البالغة بدَورها حدود الغباء، أوهمتني بأنني خيرُ من يصلح زوجاً للخانم كوننا على المستوى نفسه من الثقافة فضلاً عن خلفيتنا النبيلة، المشتركة ـ كذا. ولو أنني كنتُ أقلّ غباء، لأدركتُ مبكراً حقيقة كوني لعبةً بيد مخدومتي. أما من ناحية " الشريفة "، فلقد تحمّلت تصرفاتي وهيَ ماضيةٌ أيضاً في لعبتها الخاصّة. وربما ساعدها على التحمّل، ما في طبعها من صبر وإخبات. لقد كانت ولا غرو، أكثر ذكاء مني بما لا يقاس. فإنها عرفت منذ البداية، أنني لا أصلح إلا لها؛ أننا سنمضي مستقبلاً في نهش بعضنا بعضاً كما كان يفعله أسلافنا البداة في مواقع السلب والنهب. في هذا الشأن، يتعيّن عليّ ذكرُ موضوع لوحة " خجي وسيامند ": أكثر من مرة، صممتُ على إخراج اللوحة من مكمنها ضمن إطار البورتريه، بغرض تمزيقها ومن ثمّ إحراقها. بيْدَ أنّ يدي لم تكن لتطيعني. إلى الأخير، كانت هذه اللوحة هيَ دليلُ الخانم على علاقتي السرية بمرافقتها عندما عثرتْ عليها صدفةً في وقت تالٍ من ربيع العام الجديد. ولكن، فلنعُد إلى أحداث الهزيع الأخير من ليلة رأس السنة.
كنا عائدين بالسيارة، وقد أوصلنا تواً جماعة الشاعر إلى عمارة حديثة تقيم فيها بحيّ باب خميس، لما لحظتُ أننا أضحينا على مقربة من طريق فاس. " ميلي بنا إلى مكانٍ ناء، فإنني أشعر بأنفاسي متعسّرة..! "، خاطبتها بعدما وقّعتُ قبلة على فمها. " الشريفة " نظرت إليّ، متمعّنة في هيئتي طالما أنّ طلبي بدا لها غريباً. ولعلّ وجهي كان لا يقلّ إذاك تجهّماً عن السماء المغيّمة، الخالية من بصيص أيّ نجمٍ أو أمل. ما عتمت السيارة أن توغلت في ذلك الطريق، فما هيَ إلا دقائق قليلة حتى أخذت أجواء الريف تنفح أنفي برائحتها الحرّيفة. رحتُ على الأثر أسترقّ النظرَ إلى فخذيّ المرافقة، العاجيين العاريين، مُستعيداً شبيهيهما، الأسمرين، الذين فتحتهما " للّا عفيفة " على وسعهما في ليلةٍ أسبق. كنا قريبين من عرين الأميرة، ولم أكن قد ألتقيتها مذ أمسية حفل ميلاد مخدومتي. ولكنّ هذه الذكرى، بدَت كنبوءة أكثر جدّة للآتي من تدابير المقدور.
" ماذا تفعل؟ إنك تدفعني دفعاً! "، نبست رفيقة الليل بصوتٍ مخنوق بالرغبة. منذ بعض الوقت، كانت تشهق من متعة لسانها المغروس في فمي. وإذا بي أعمد إلى رفعها بمشقة من مؤخرتها، كي أقلبها إلى الجهة الأخرى حيث باب السيارة. قلتُ لها: " أريدك أن تركعي على ركبتيك.. "
" لِمَ سأفعل ذلك، والمكان ضيّق؟ "
" لأننا سنصلي معاً! "، أجبتها بجملة مُجَدّفة جديرة برقاعة فكرتي. وكانت على الأرجح قد فهمت معنى هذه الحركة المباغتة، كوني أنتهكتُ هيكلها المحرّم مرةً من قبل. ولكن قبل أن يتاح لها إبداءُ أيّ ردة فعل، كان القلمُ قد شقّ له طريقاً إلى صفحة الموضع الغامض، الأكثر نصاعة وإثارة، المتجمّع فيه تاريخٌ عريقٌ من الألم والمهانة والندامة.
" كفاكِ تمثيلَ دَور المرأة الممتَهنة الكرامة.. "، قلتُ لها في شيءٍ من الغيظ وكما لو أنني ألومُ نفسي. عندئذٍ، كانت هيَ تنشجُ بصوتٍ خافت، متهالكةً بوجهٍ ما يفتأ منحنٍ إلى ناحية باب السيارة، فيما خصلات شعرها الصفر تضيء جانباً من مسند المقعد. فلما قلتُ لها ذلك، ألتفتت نحوي لتبتدهني وبسمة مغتصبة على شفتيها: " أنا أعرف بكوني إمرأة بلا كرامة أصلاً، ولكنني أعرفُ أيضاً بأنّ كلّ رجل يمارس الفعل المحرّم كان مفعولاً به في يوم من... ". قطعتُ كلامها بلطمة قاسية على صفحة وجهها، وقد ثارَ جنوني من تعبيرها المشين. رفعت رأسها ثانيةً، وعلى فمها ذات البسمة. فشعرتُ لحظتئذٍ بأنها أكثر مخلوقة إثارة للمقت والقرف، ففتحتُ بابَ السيارة لأندفع إلى خارجها. أنفاسي، كانت عند ذلك مخنوقة بالفعل وليسَ إدعاءاً ـ كما ذكرتُ للمرأة التعسة قبل دقائق لدفعها إلى هذا المكان.
ها هوَ صوتها المبحوح، يأتيني على الأثر واضحاً خِلَل باب السيارة الموارب: " أرجوك عُد، وسأقبّل رجليك عسى أن تسامحني.. عُد، عد! وإلا سأقود السيارة بدونك، فأهوي بها إلى الوادي.. ". نظرتُ دونما وعي إلى ناحية طريق الإياب، متخيّلاً الجرفَ المندلق في تلك الأنحاء كمصران شخص مجروحٍ بمديَة. هُرعت إلى السيارة، لأنكبّ على مقعدي وقد أنتابني الرعبُ والشفقة في آنٍ واحد. كانت " الشريفة " تنفّذ وعدها الأخرق، شارعةً بتقبيل كلا فردَتَيّ حِذائي، حين مرّت سيارةٌ حَذاءنا. كون الطريق فرعياً وضيّقاً، وبالكاد ممهّداً، فإنني لمحتُ وجهاً نسائياً أليفاً تبدّى لي بلمحة عبْرَ نافذة تلك العربة الأخرى. لقد كانت الأميرة، لا غيرها، وكانت عائدة من المدينة إلى قصرها. خاطبتني عن بُعد، آنَ رجوعها بالسيارة إلى موقفنا: " مرحباً، سيّد فرهاد! عرفتُ سيارةَ الخانم، فتوقفتُ لأرى ما إذا كان ثمة مشكلة طارئة..؟ ".















#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام 3
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام 2
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء
- الجزء الأول من الرواية: الطاء 3
- الجزء الأول من الرواية: الطاء 2
- الجزء الأول من الرواية: الطاء
- الجزء الأول من الرواية: الحاء 3
- الجزء الأول من الرواية: الحاء 2
- الجزء الأول من الرواية: الحاء
- الجزء الأول من الرواية: زاء 3
- الجزء الأول من الرواية: زاء 2
- الجزء الأول من الرواية: زاء
- الجزء الأول من الرواية: واو 3


المزيد.....




- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الفردوسُ الخلفيّ: الميم 2