أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الفردوسُ الخلفيّ: اللام 3














المزيد.....

الفردوسُ الخلفيّ: اللام 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5348 - 2016 / 11 / 21 - 09:18
المحور: الادب والفن
    


" إنها فتاة مسكينة، مدمنة على المخدرات، فهي في سبيل الحصول عليها تقبل بأيّ ممارسة مهما كانت شاذة "، بهذا المعنى تكلّم صاحبنا العراقيّ حينَ كنا في حفل ميلاد مخدومتي. آنذاك، لم يفتني التلميحَ إلى كونه حصل من الفتاة المومس على تفاصيل تتعلق بمعاشرتي لها. وقد أستجوبتها بدَوري لما ذهبنا معاً إلى شقتي، وكان ذلك على أثر لقاءنا مجدداً في مطعم الوجبات السريعة. لقد تيقّنتُ بعدئذٍ أنّ كلا اللقائين كان على سبيل المصادفة، ولا يد لصاحبنا فيه. الفضول وحده، كان قد جعله يستدرج الفتاة لتبوح بوقائع إصطحابي لها إلى شقتي في يوم أسبق. ولقد أعلمته هيَ بما يريد ببساطة، طالما أنّ المومس في العادة لا تتوقع أن تلتقي زبونها مرة أخرى.
ولكننا إلتقينا ثانيةً، ثمة على الترّاس الخارجيّ في المطعم. ألفيتني أضع على وجهي قناع عدم الإكتراث، فيما كنتُ أتقدّم من طاولتها. بادرت هيَ إلى معانقتي كصديق قديم، بأن طبعت قبلتين على وجنتيّ.. تماماً، كما فعلت مع " رفيق " حينَ ألتقينا معها لأول مرة عند ساحة عبد المؤمن. إلا أنني لم أعُد ألتفت إلى ناحيتها، وكانت عندئذٍ تجالس إحدى صديقاتها. المكان، كان مكتظاً بفتيات يمكن تمييزهن بسهولة كزميلات لرفيقتيّ طاولتنا.. فإنه البؤرة الرئيسة للمومسات وأضرابهن.
" أعتقد أنها المرة الأولى، التي أجدك فيها هنا؟ أو ربما أنت لم تأتِ إلى هذا المطعم من قبل أبداً؟ "، خاطبني " رفيق " بصوتٍ عال. طفقتُ أتطلّع إليه، متفكّراً بغرابة سؤاله، لما بادرت فتاتي للقول وهيَ ترمقني بنظرة باسمة: " كيف ذلك؟ على علمي أنك مقيم في مراكش منذ ما يزيد عن الثلاثة أشهر؟ "
" قصدها، بأنّ المكان هوَ مقصدُ كلّ شخصٍ غريبٍ، يرغب بالتعرّف على فتاة.. "، قالها بنبرة مرحة أثارت ضحك الصديقتين. ثم أستطردَ متنحنحاً، كمألوف عادته عندما يشرع بالتفلسف: " هذا المكان، يجدُ فيه القادم من أوروبا ما قد أعتاده ثمة من طعام صحيّ. علاوة على جوّ الحرية، المفتقد في المواضع الأخرى ضمن المدينة. أما أولئك الآتين من المشرق، ولو لأيام قليلة ينسون فيها القهر والحرمان، فإنهم ينصهرون هنا إنصهاراً في بوتقةٍ من المشاعر السامية والمنحطة سواءً بسواء! ". وفيما أثار مختتم جملة الفيلسوف مزيداً من ضحك البنتين، فإنني رحتُ أهجسُ قلقاً بفكرة طارئة: " لِمَ يتعمّد التكلّم كالمهرجين، وهوَ الرجل ذو الطبع المتحفّظ؟ ". أستعدتُ عندئذٍ هذره خلال الطريق، وفيما سبق أثناء حفل ميلاد " سوسن خانم ". في الحالة الأخيرة، كنتُ معتقداً في حينه أنه أكثرَ من الشراب. بيْدَ أنه في هذه الليلة، بدا جلياً كونه نهبة لإضطرابات نفسية: فضيحة فض عقد قرانه، علاوة على ما يشاع عن قرب فكاك شراكته للفرنسيّ في رياض باب دُكالة، لعلهما أثرا على أعصابه بشدّة. كذلك أمر الوضع في بلده الأصليّ، حيث أفصح لي قبل قليل عن مقدار توتره بشأن إمكانية عدم تنفيذ الأمريكان تهديدهم بمهاجمة صدّام حسين.
من ناحيتي، عليّ كان أن أدرك ليلتئذٍ بأنّ حالتي لم تكن تقلّ بؤساً. فسعيي خلف تلك الفتاة، كان أيضاً بمثابة قناع آخر يخفي ما يعتمل في نفسي من صراع. وربما ألمحت فيما سَلَف، بأنها ليست الحاجة الجنسية من دفعتني في هذا الطريق، المزروع بالبغايا. بل يمكن القول، بأنه هروبٌ من جسدٍ متأجج ومثير، كان يكمن لجسدي في كلّ زاوية من مكان عملي. ولا أعني" الشريفة "؛ السهلة المنال بالنسبة لي، على الأقل. بل هيَ مخدومتنا، مَن كانت لا تني تتمنّع عليّ وعلى الرغم من التقارب الشديد بين روحينا. حاجزُ الجسد، كان على وهمي الوحيدَ الفاصل بيننا. في المقابل، فإنني كنتُ في طبقات أعماقي أحتفظُ بيقينٍ دأبَ على إخافتي: علاقة " الشريفة " بمخدومتها، وكانت حتئذٍ مبهمة إلى حدّ كبير. ولأنها كانت كذلك، فإنني صممتُ على أن أتجنّب الإتصال الجسديّ بالمرافقة ( وكان ذلك قد حصل مرة واحدة لا غير ) لكي لا يكون سبباً في هدم كل ما بنيته من أحلام وآمال..
إمعاناً في النأي بنفسي عن أيّ مشكلة، فيما يخصّ علاقتي بالمرأتين، رأيتني فيما بعد ألجأ إلى تدبيرٍ آخر، مخادع. فلأنّ الخانم كانت قد أظهرت إهتماماً جلياً بحادثة ساحة جامع الفنا، المعلومة، فإنني بسذاجتي أحلتُ ذلك إلى غيرتها من " خدّوج ". فلم يكن مني إلا محاولة تأجيج شعورها ذاك، المفترض، بأن بدأتُ التردد على فيللا الأسرة بحجّة الإطمئنان على وضع قريبهم المصاب. مثل هكذا تصرّف، كان من المؤمل أيضاً أن يبعدني عن مجال إهتمام " الشريفة ". هذه الأخيرة، أوحت لي منذ زياراتي الأولى للفيللا بأن خطتي أعطت نتيجة إيجابية. فإذ كانت مطرودة من ذلك المنزل، فإن الفضول أشتعل في داخلها ما أن علمت بترددي إليه من جديد.
في مخطوطة شقيقتي " شيرين "، كتبت كيف تناهى إليها الحديث عن نيّتي التقدّم لخطبة " خدّوج ". ذلك جرى في فترة لاحقة، كنتُ فيها على علاقة مع " الشريفة " والتي كانت قد غيّرت ولاءها وقتئذٍ لتصبح مرافقة " شيرين ". فلما أرادت شقيقتي التكلّم مع صديقتها السابقة، " خدّوج "، لثنيها عن فكرة الزواج ـ كذا ـ فإنّ الأخيرة نفت الموضوع من أساسه، ثم ما عتمت أن فاجأتها بكشف علاقتي مع زوجة أخيها غير الشقيق. ثمّ تدخلت " غزلان " لتضيف، بأنّ " سيمو " طلّق زوجته مع كونها حامل في شهرها الثالث.
كل ذلك جرى في فترة لاحقة، أجل! .. وإنها لفترة، كان فيها الحبّ قد غدا وهماً، فيما مشاريع مستقبلي إنهارت مع ما بدا أنه إنهيار العالم بأسره.







#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام 2
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء
- الجزء الأول من الرواية: الطاء 3
- الجزء الأول من الرواية: الطاء 2
- الجزء الأول من الرواية: الطاء
- الجزء الأول من الرواية: الحاء 3
- الجزء الأول من الرواية: الحاء 2
- الجزء الأول من الرواية: الحاء
- الجزء الأول من الرواية: زاء 3
- الجزء الأول من الرواية: زاء 2
- الجزء الأول من الرواية: زاء
- الجزء الأول من الرواية: واو 3
- الجزء الأول من الرواية: واو 2
- الجزء الأول من الرواية: واو


المزيد.....




- راغب علامة يسعى لاحتواء أزمة منعه من الغناء في مصر
- تهم بالاعتداءات الجنسية.. فنانة أميركية تكشف: طالبت بأن يُحق ...
- حمامات عكاشة.. تاريخ النوبة وأسرار الشفاء في ينابيع السودان ...
- مؤلَّف جديد يناقش عوائق الديمقراطية في القارة السمراء
- الأكاديمية المتوسطية للشباب تتوج أشغالها بـ-نداء أصيلة 2025- ...
- 5 منتجات تقنية موجودة فعلًا لكنها تبدو كأنها من أفلام الخيال ...
- مع استمرار الحرب في أوكرانيا... هل تكسر روسيا الجليد مع أورو ...
- فرقة موسيقية بريطانية تقود حملة تضامن مع الفنانين المناهضين ...
- مسرح تمارا السعدي يسلّط الضوء على أطفال الرعاية الاجتماعية ف ...
- الأكاديمي العراقي عبد الصاحب مهدي علي: ترجمة الشعر إبداع يوط ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الفردوسُ الخلفيّ: اللام 3