أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - حكايا جدو أبو حيدر -23-














المزيد.....

حكايا جدو أبو حيدر -23-


كمال عبود

الحوار المتمدن-العدد: 5347 - 2016 / 11 / 19 - 03:46
المحور: الادب والفن
    


ابن البلّانه
*****

ملعونٌ أنت يابن البلّانه ...
ملعونٌ في الدنيا والآخره ...
ممنوعٌ من دخول القريةِ ومطرودٌ منها ...
ما حكايته هذا ابن البلانه ...؟

هو-عطّاف - شابٌ وسيم الشكل .. أعزب .. بيتُه في الحارةِ الشرقيّة ، قرب التنور... مشهور بحبه ل ( سعَيده ) ، يستيقظ وينتظر .. يضع كرسياً قرب النافذةِ وينتظر .. عينُه على التنور .. يراقب نساء القرية والصبايا القادمات لخبز العجين ، كم يعشقُ هذا المنظر ؟ .. صبايا يحملن ( جرزات) الحطب على رؤوسهنّ ... وآخراتٌ يحملن أطباق واسعةً من القش مُغطاة بقماشِ تحته كرات العجين المُتخمره .. ومنظرُ أردافهنَّ يسعدُهُ .. كم يروقهِ اشتعال النار في التنور وهمهمات الصبايا ..؟ وهو يستغرق السمع لما يقلْنَ عن أخبار فلانٍ وفلانا .. وكم يتلهّف لرؤية ( سعَيده ) ، وسعَيده حينَ تطلُّ يخفقُ قلبهُ وتتراقصُ الدنيا في عينيه .. وحين تضحكُ أوحين يأتي دروها وتشعلُ النار فكأنّما يشتعلُ اللهب في صدر عطّافاً هذا... وسعَيده تماطل وتصدّ المُغرم ..

قَالَتْ مَرّةً تُزجره : روح خليك متل الشباب ، اشتغل في الأرض ، لسّا بتضل متل الحريمات في البيت ..
وفي مرّةٍ أخرى : انت أهبل وغبي .. مافي نصيب لك عندي ، يا .. تنبلْ ..

باءت كل محاولات عطّافاً بالفشل ... مرّ وقتٌ طويل ولم يفلح في خطبِ ودِها .. فقرر الإنتقام ...
صار كل مساء يملأُ التنور بالماء فيصبح رطباً ويتشرّبُ الطين والفخار بالماء ويصبح من المستحيل إشعال النار وخبز الأرغفة ... والنسوة والصبايا يلْعَنَّ هذا الفعل السيء وتمسي العائلات بلا خبز ... وحينَ يئسنَ من الفاعل أنشأنَ تنوراً في الحيّ الشرقي وفقد عطّافاً متعة التنور وناره، و(سعَيده ) وأحاديث الصبايا...

أختار عطّافاً أمراً آخر للإنتقام .. مساءَ يومٍ أمسكَ بهرّةٍ كبيرةٍ ذبحها ورماها في بئر القريةِ الوحيدة ...
ذهبت النساء يحملن جرارهنَّ صباحاً ورأينَّ الهرة المذبوحة طافيةً بدمها فوق الماء في البئر، فرجِعنَ دونما ماء للشرب ، وذهب الرجال الى شيخ القرية يستفتونه ...
قال الشيخُ : أخرِجوا الهرّة وأخرِجوا سبعةَ دلاءٍ من الماء وأفرغوها على الأرض ثُمَّ قدّموا إليَّ الدلو الثامن ...

هكذا فعل الرجال وهكذا أخذ الشيخُ كأسَ ماءٍ من الدلو الثامن وشرب وقال: ها قد أصبح الماءُ طاهِراً .
لكنَّ عطّافاً لم يعجبه الأمر ، فعمدَ ليلاً إلى حمارٍ يملكهُ جارهَ أبو مصطفى ، فأخذه إلى جانب البئرِ ودفَعهُ فسقط الحمار في البئر ، وانهال عطّافاً بالحجارة والصخور وأغصان الشجر الغليظةِ ورماها فوق الحمار الذي غرق في البئر ولم يترك عطّافاً شيئاً قذراً يستطيع حملَهُ إِلَّا ورماه في البئر...

عرف الجميع أنّ عطّافاً هو من فعل هذا وكان من المستحيل إخراج الحمار النافق من البئر وخاصّةً بعد أن تفسّخ واختلطتْ أحشاؤه بماء البئر وأوساخه وعفونة ما رُميَ هناك...

تقاطر القوم إلى عند الشيخ يشكون عطّافاً ، رفع الشيخُ يديه داعياً :
ملعونٌ أنتَ يا عطّافاً في الدنيا والآخرة ...
مطرودٌ أنت من القرية ومن الرحمة ..
حدَث هرجٌ ومرج .. أختلطت الأصوات:
الله يلعنهُ ..
بيستاهل ...
ابن ال..
الله يلعن الحاكم اللي ما حفر لنا بئراً ارتوازياً...

لكنّ أحمد الأعرج من ساقه اليمنى أستند على عكازه اليسرى وقال: طول عمركم هيك ، عند الشيخ إمّا تلعنوا الحاكم أو تلعنوا شي واحد تاني ، بدل الثرثرة روحوا احفروا بئراً آخر .. بيومين بيخلص ..
جاءه بضعة ردودٍ يقول كل واحد:
أنا ما دخلني ..
أنا ما فاضي ..
أنا ما بحفر شي..
خلّوا الحاكم يحفر!
*****

قال الراوي : من العام 2011 م بداية الحرب والأزمه في سوريا مازالت القريه بدون بئر وأهلها يشترون الماء وما زال عطّافاً يزور القرية بين الحين والآخر.
*****



#كمال_عبود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايا جدو أبو حيدر -22-
- حكايا جدو أبو حيدر -21-
- حكايا جدو أبو حيدر -20-
- حكايا جدو أبو حيدر -19-
- آمِنَة
- أوراقٌ خريفيَّة
- حكايا جدو أبو حيدر -18-
- دِلاءٌ ليستْ للبيع
- حكايا جدو أبو حيدر -17-
- من وحي العيد
- من وحي الحرب -1-
- عواطف
- حكايا جدو أبو حيدر -16-
- حكايا جدو أبو حيدر -15-
- حكايا جدو أبو حيدر -14-
- حكايا جدو أبو حيدر -13-
- حكايا جدو أبو حيدر -12-
- حكايا جدو أبو حيدر -11-
- قطراتٌ من نبعها
- حكايا جدو أبو حيدر -10-


المزيد.....




- مصر.. رفض دعاوى إعلامية شهيرة زعمت زواجها من الفنان محمود عب ...
- أضواء مليانة”: تظاهرة سينمائية تحتفي بالذاكرة
- إقبال على الكتاب الفلسطيني في المعرض الدولي للكتاب بالرباط
- قضية اتهام جديدة لحسين الجسمي في مصر
- ساندرا بولوك ونيكول كيدمان مجددًا في فيلم -Practical Magic 2 ...
- -الذراري الحمر- للطفي عاشور: فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية هزت وج ...
- الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة بوليتزر للتعليق الصحفي ع ...
- رسوم ترامب على الأفلام -غير الأميركية-.. هل تكتب نهاية هوليو ...
- السفير الفلسطيني.. بين التمثيل الرسمي وحمل الذاكرة الوطنية
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - حكايا جدو أبو حيدر -23-