أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - الصدف ضيعتني.._ثرثرة من الداخل














المزيد.....

الصدف ضيعتني.._ثرثرة من الداخل


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1396 - 2005 / 12 / 11 - 09:48
المحور: الادب والفن
    


الصدف ضيّعتني قبل الأخطاء_ثرثرة من الداخل

كنت أمشي في شوارع اللاذقية مع شعور غريب بأني شخص آخر. مع الزمن تتحول الأحداث المؤلمة إلى ذكريات ممتعة أو كوابيس, الأحداث المحببة هشة وسريعة الزوال, صرت أثرثر لأهرب من صفة الغفلة.
دائما كانت مأساتي امرأة, لتظهر أخرى جديدة وغريبة في البدء, تمد لي حبل النجاة, دون أن أصدق إلا بعد فوات الأوان, أنها كانت من لحم ودم, وأن ما مضى لا يعود, مثل المطر وتعاقب الفصول في اللاذقية.
لم أتعلم حتى اليوم ما الذي يجدر التخلص منه أو الاحتفاظ به طوال العمر.
في نفس الوقت الذي تتنامى فيه الأحقاد والضغينة بين حكام سوريا ولبنان, ويمتلأ الطريق بين البلدين بأدوات الموت الفعلي والرمزي, سوزان تمد يدها من بيروت, ما ذا بوسع الكتابة والشعر, بعدما تنفلت الوحشية البدائية من عقالها!
(في اللحظة التي كتبت اسم سوزان وصلتني رسالة منها, تخبرني بسفرها غدا إلى القاهرة, وتبشرني بأنها ستحمل لي كتاب صديقنا فرناندو بسوا معها....)
تغيّر مزاجي الفكري والنفسي بعد تلقي الرسالة_كانت المسودة التي فكرت بوضع عنوان لها" إحباط", ثم فكرت ب" عدالة"....
كنت أفكر بالإحباط ومفاعيله, وكنت أرغب بالكتابة عن الإحباط,
, لكنه كان قد وصل إلى حد فقدان المقدرة حتى على الجهد البسيط الذي يتطلبه التدوين, في تلك الحالة من السلبية عدت, رأيت المطر وتحسسته, وصلت ولا رغبة لي بشيء محدد, سقف التوقع لدي لما سيحدث كان منخفضا جدا, لا بل تحت حد الخسارة التي يمكن تجاوزها لاحقا.
في هذه الحالات أكتب, ليس فقط ما اشعر به, ما أخافه وأتمناه وما أحلم به, وما أظنه سيتكشف لأصدقاء جدد, أكتب حين لا أ رغب بأي شيء آخر, وحيث لا يمكنني تبديد اليأس الخانق والغامر إلا بالكتابة .
بعدما انحدرت إلى القاع, لا بل وصلت إلى تحت القاع, كان علي أن أفهم من جديد أن اللعبة المرعبة لن تنتهي بعد, أمد يدي إلى الرأس والصدغ, يا لها من حياة يصعب تحملها.
....سوزان, الإحباط العدالة, فرناندو بسوا..

أنتمي إلى ذلك الصنف المدمّر من البشر, الذي لا يمكنه أن يرضى أو يحب, أو يكره أو يرفض, إلا بصورة عابرة, وسرعان ما يرتد إلى النقيض ليعيد تدمير صورته الجديدة, غالبا بلا وعي ومدفوعا بقوى قهرية, يتعذر على بائس ومستوحد مثلي أن يستوعبها أو يتجاوزها يوما, تشبه كثيرا الخطوط المتوازية على الكف, تذكرنا بأن لأمثالنا حياة أخرى خارج الحياة اليومية, وإيمان خارج الأديان والعقائد التي نعرف, وسنبقى تحت عتبة الألم المشترك وفوق سقف الحلم, معلقين في الفراغ هكذا حتى النهاية.
بدل أن أرسل هذه الجملة لسوزان, كي تعطي الموافقة على نشرها أو العكس, أرسلت عبارة كنت قد كتبتها لنفسي, الصوت الآخر داخلي, وهو على تعارض مع تفكيري المنطقي, كان هو الأقوى والمسيطر.
هكذا تلعب المصادفات من جديد بحياتي وكتابتي, ربما من كل ما سوّدته, لا يناسب ذائقة القراءة الرحيبة التي أتوق إليها, سوى تلك الهفوات التي أبانت عن مساحة وفضاء شبه مجهولين للوعي والشعور.
مع إنني استسلمت فعليا لوضوح المستقبل ورتابته, ما زال حلمي الطفولي, بان حدثا غير متوقع, سيغير حياتي بالكامل, وينقلني إلى السعادة التي لا أعرف كيف تكون.
بعد الأربعين عرفت مشاعر جديدة, وحصلت تغيرات عميقة في علاقتي بنفسي وبالآخرين, ذلك أعتبره ضربا من الحظ النادر, أن يتسع فضاء العيش أكثر لتجارب جديدة مؤلمة أم مفرحة, هو مصدر غنى الوجود خارج التكرار والرتابة.
لقد كنت محظوظا للغاية. حادث السير مع ياسر وعماد, كما تجربتي مع مرض كليتي اليسرى, صداقتي المبهجة مع سوزان, دخولي إلى عالم الأنترنيت, أجل..الحياة أعطتني الكثير ولم أنتبه, كنت بحماقة كبرى أريد حصر الحياة داخل القصد والشعور والغاية, بدل أن أنفتح للوجود الرحب مثل الطير والحشرة والوحش, خارج أسوار المتعة والألم. تلك العدالة الطبيعية والأوسع, حيث لا غضب أو خوف يحبط الروح ويفرغها من الداخل, وسأفكر بنصيحة صديقنا بسوا:
الفرح الذي سأشعر به, سيرى الشمس قرمزية ذات يوم
وتلك الشمس ستكون لي وحدي, لي وحدي.
اللاذقية



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجه الغائب_ثرثرة من الداخل
- اسمه تعايش_ثرثرة من الداخل
- وجه فوق القناع_ثرثرة من الداخل
- موقف الخسارة _ثرثرة من الداخل
- قصة موت معلن_ثرثرة من الداخل
- الجوهرة
- حياة افتراضية_ثرثرة من الداخل
- الأدب والسياسة_ثرثرة من الداخل
- لماذا الآخر السوري
- اللاقانون _ثرثرة من الداخل
- وردة الكينونة_ثرثرة من الداخل
- دخان ويوغا_ثرثرة من الداخل
- اللاطمأنينة_ ثرثرة من الداخل
- ظلال منكسرة_ثرثرة من الداخل
- الغضب والعزلة
- الأوهام_ثرثرة من الداخل
- مأساة هدى أبو عسلي_مأساة سوريا
- العين الثالثة_ثرثرة من الداخل
- ابن الكل_ ثرثرة من الداخل
- ثرثرة من الداخل(2) تحت الشخصية


المزيد.....




- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - الصدف ضيعتني.._ثرثرة من الداخل