أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - ظلال منكسرة_ثرثرة من الداخل














المزيد.....

ظلال منكسرة_ثرثرة من الداخل


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1329 - 2005 / 9 / 26 - 11:15
المحور: الادب والفن
    


الصراع على الأفكار مدمر ولا يوصل إلى نتيجة, يتم التضحية بالتفكير أولا. ذلك هو الدرس الأول الذي استخلصته من تجربتين, الأولى خارجية عصفت بمنطقة الشرق الأوسط في حرب تحرير الكويت, والثانية داخلية تعرضت لها أثناء التحقيق وبعد خروجي من التوقيف سنة أل 92, وعصفت بعالمي الداخلي وغيّرته بالكامل.
"أنا لا أعرف" كم كانت تلك العبارة خارجية ولا تعني شيئا سوى التلاعب بالألفاظ, قبل تجارب المرض ثم سقوط النماذج ثم العزلة الطويلة بعد خروجي من التوقيف.
نحن جميعا حكماء بعد الحدث: أكتب الآن هذه الفقرة وقاضي التحقيق في اغتيال الرئيس الحريري ديتليف ميليس في دمشق, هذه الأجواء في سوريا اليوم تذكر بما حدث أوائل التسعينات في الخليج, كنت بين الأغلبية الساحقة من السوريين نحمل فكرة شائعة وساذجة بأننا نعرف ما سيحدث! الحرب مجرد كلام سينتهي بصفقة هدفها الأساسي البترول. وأذكر الصدمة التي أصابتنا جميعا عند بدء العمليات العسكرية بالرغم من كل المقدمات والاستعدادات التي كانت تجري في العلن ويعرفها الجميع. انتهت الحرب بالنتيجة البسيطة: موازين القوى الظاهرة والمعروفة حسمت النتيجة بوضوح بارز. نفس الأصدقاء والمعارف الذين جاءت النتيجة على العكس تماما من تفكيرهم وتقديرهم, تابعوا الثرثرة بنفس العقلية والمنطق قبل الحرب, وحتى التساؤل البسيط,عن سبب توقعاتنا الخاطئة بالجملة, غاب عن جلسات الصخب والضجيج التي كنا نسميها حوارا.
معرفة الغيب أو قراءة المستقبل حلم قديم دغدغ المشاعر وتلاعب بالعقول طويلا, ما زال له النصيب الأكبر في الوهم المشترك, قد يكون البعض قادرين على وضع الخطط والمشاريع ومنهم من ينجح بتحقيقها, وأما نحن فلحسن الحظ أن المستقبل يبقى مجهولا حتى اللحظة الأخيرة, والعمر بكامله يتكرر في كل يوم ثم ينقضي تماما, لتتكرر النسخة في اليوم الذي يليه, وإلا فماذا كان أحدنا سيفعل وهو يرى أمامه كل هذه المصائب والاختناقات, من الأفضل أننا لا نعرف, وأنا لا أريد أن أعرف.

*
كنت أحمل تصورات خاطئة عن نفسي وعن العالم الداخلي عموما,كان اعتقادي أن العلاقات المنطقية التي تحكم التعامل المباشر بين الناس هي نفسها تسري على كل الأشياء بدون تعديل أو تحويل, افهم الآن كم من الاختزال والتشويه يرافقان كل حالة إثبات لفكرة واحدة مهما بدت بسيطة وبديهية. تأثير الخوف والرغبات على المعرفة لا يتوقف عند حدّ المبالغة والتضخيم, بل يصل الأمر إلى تزييف الوعي.
كنت أعتقد أن ما اشعر به هو الواقع وما أريده هو الخير.
في قلب معاناتي الخاصة عرفت أنني لست أفضل من الآخرين, ثم عرفت متأخرا أنني لست أسوأ من الآخرين أيضا. لم تدفعني الظروف لقتل أحد, ربما كنت سأفعل, فما يقوم به رجل واحد بوسع جميع الرجال أن يفعلوه, ولا أرغب بنكران ذلك مستقبلا, جلّ ما أريد أن أعرفه وأفهمه لماذا وكيف.
ما حدث كان ينبغي أن يحدث.
زملائي الليبراليون في سوريا ليسوا أفضل ولا أسوأ من غيرهم, هذا ما خبرته في التجربة المباشرة في الشبيبة وحزب البعث وبعدها في أوساط المعارضة اليسارية السورية والفلسطينية, وللأمانة الزملاء الأكثر أهلا للثقة من الذين عرفتهم حتى اليوم, ليسوا أهل الثقافة والإبداع كذلك, فقط زملاء الحرمان وشركاء الخمور والتبوغ الرخيصة يعرفون معنى الألم, فهم لا يهربون منه ولا يلقونه على غيرهم.
أفهم الآن مرارة أشباهي في العراق وفلسطين, ولا يختلف الأمر في بقية المنطقة,كنا مع الحكام السابقين بأسوأ حالة, ولن يخلتف الأمر مع اللاحقين, في هذه البلاد مع نظم الأخلاق والثقافة السائدة, لا وجود سوى لصنفين من البشر سادة قتلة ولصوص أو عبيد خائفين ومذعورين, ما حدث كان لا بد له أن يحدث.

*

التشبث بالرأي, ارتفاع درجات الصوت, والحركات العشوائية والسريعة لليدين, هي عرض للشخصية المتعصبة, هكذا تكلم الطبيب بهدوء, كنت ألاحظ ذلك وأشعر به, لكن ليس على هذا النحو الواضح. صرت انتبه لنفسي وأتصنع البرود وقبول المخالف بالرأي أو الفكرة, لكن سرعان ما أنسى ذلك وأجهد لصرع الخصم, وهو قد يكون أقرب الناس إلي! متعصّب وعنصري وغيور بل وأكثر, حسود, هذا ما صرت أنتبه إليه, في الصفات المشتركة مع أصدقائي, وأظنه يفسر حالة البرود التي نتلقى فيها أخبار القتل الجماعي, كما انه يدلّ على جفاف عاطفي مزمن.
في عبارة" أنا لا أريد شيئا" رغبة جامحة للتملك والاستحواذ والسيطرة. صرت أختار أصدقائي ممن يريدون أشياء واضحة, وأرتعب ممن لا يريدون شيئا.



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغضب والعزلة
- الأوهام_ثرثرة من الداخل
- مأساة هدى أبو عسلي_مأساة سوريا
- العين الثالثة_ثرثرة من الداخل
- ابن الكل_ ثرثرة من الداخل
- ثرثرة من الداخل(2) تحت الشخصية
- الآخر السوري_ثرثرة من الداخل
- لو أن الزمن يسنعاد
- الزيارة
- الذكاء العاطفي السوري(الكنز المفقود)
- محنة النساء في سوريا
- نساء سوريا الغبيات
- على هامش مهرجان جبلة الثقافي
- المهرجان والوعد
- الليبرالية تحت الشعار
- الارهاب مسؤولية مشتركة
- جميلة هي البلاد التي أغلقت أبوابها
- خاتمة أشباه العزلة
- رالف
- ظل أخضر


المزيد.....




- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب
- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - ظلال منكسرة_ثرثرة من الداخل