أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - الآخر السوري_ثرثرة من الداخل














المزيد.....

الآخر السوري_ثرثرة من الداخل


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1296 - 2005 / 8 / 24 - 11:49
المحور: الادب والفن
    



سأضع حدّا لحياتي في الخمسين.
(0)

فصل الحيرة

أعيش في فراغ مطبق ومطلق, لم يعد بمقدوري تحمل المزيد.
لا أحب ذاكرتي وماضيّ, وليس لي هدف أعيش لأجله, وأما حاضري فهو صحراء كيفما نظرت أجد الخيبة والفشل, بلا جدوى بلا أمل, يخنقني الفراغ.
في العاشرة ظننت أن تغيير العالم هو من السهولة واليسر, بحيث يكفي أن أصل إلى العشرين لأحصل على القوة الكافية التي تمكنني من فعل ما أريد.وعشت على الأمل.
في العشرين بدأت السعي لتغيير المجتمع والمحيط, وتناسيت فقري ومرضي وخيبتي. لكنني نجحت في الوصول إلى الثلاثين, وفهمت أن الفقراء هم نحن, جميع من أعرف وأحب, وانتبهت أنني غير قادر على التخلي عن عادة التدخين, وأدركت أنني أجهل نفسي بشكل كبير, فكرت بالانتحار في الأربعين, إذا لم تتغير الظروف.
في الأربعين فترت همتي وتخامد حماسي لمعظم الأشياء, ودخلت في الفراغ.
تجاوزت الخامسة والأربعين وتحولت الكآبة إلى إكتئاب صريح.
*
الخوف من الفشل خرّب حياتي.
تلك الدودة التي نخرت إرادتي وعقلي ثم أتت على روحي بكاملها,و لدت في سن التاسعة واكتملت في الحادية عشرة. صفق الجميع لي, الأهل والأساتذة والزملاء, واستسلمت تماما لتلك الرغبة المجنونة: أن تتحول كل المنافسات إلى لعبة ممتعة يخرج منها الجميع ضاحكين, بلا ضغينة أو ندم أو ألم.أجل صدّقت ذلك وآمنت به.
حتى أقرب الناس إليّ لا يصدقون أنها سذاجة لا حيل مدبّرة.
فكرّت كثيرا, وجرّبت كل ما خطر على بالي, لتجاوز الخوف من الفشل, وأخيرا وصلت إلى حل سهل ومنطقي ومضمون : سأكتب حكايتي الفاشلة, فإن نجحت بذلك يتحقق هدفي, وإن أخفقت تكون حكاية ممتعة ومقنعة, ولا يوجد خيار ثالث, ستنجح الحكاية أو أنجح أنا الفاشل الذي يرويها. هكذا أتجاوز خوفي من الفشل.

*

أحيانا لا أجد ما أرغب بقراءته, فأحاول الكتابة لنفسي, وأظنها حالة معروفة لمن يشعرون بالوحدة والضجر. نسلّي أنفسنا بأشياء ذهنية ومتخيلة لا تؤذي سوانا.
الموت هو الحقيقة المشتركة, التي لا ينكرها أحد. المنتحرون فقط يعرفون متى وكيف تتشكل حقائقهم النهائية الفردية والمشتركة.
لو عرفت بشكل مؤكد أنني سأموت خلال شهر أو سنة, لتغيرت شخصيتي وحياتي.
لوكان ذلك سيحلّ خلال خمس أو حتى عشر سنين, لتغيّرت أيضا, المشكلة في التوقّع أنه احتمالي, فيفتح باب القلق على مصراعيه, كذلك الطموح والرغبات.
مع أن خطّ الحياة لمعظمنا واضح بقسوة, لا نصدّق ذلك ونعيش على الأمل والوهم.
أنا الآن بأعوامي ال45 أحقق فرضية راجحة لأتخفف من القلق التوقّعي.
المغادرة أو الانتحار أو تغيير محاور أساسية في حياتي, وكتابتي ستتحدد في هذا الإطار, وقد بدأت بخلع الأبواب خلفي, لأقطع مع فكرة العودة.
لم أبدأ حياتي كما أريد, ولم أعشها كما أريد, وليس لدي الجرأة لأختمها كما أريد.

*

هل أنقذني بوذا فعلا!؟
أعتقد أن في حياة كل فرد, حكاية أساسية تشمل معظم فترات وتفاصيل حياته, يرغب في الحديث عنها بشكل تفصيلي وممل, وبنفس الدرجة يرغب في استبدالها بالرواية التي يظن أن الآخر القريب أو البعيد, سيحبه أو يحترمه أو يقدره, لو نجح في تمثّلها بشكل مقبول. السعي لنيل إعجاب الآخرين سجن مفتوح طوال العمر.
ساعدني بوذا على فترات متباعدة, أكثر من ماركس وفرو يد وأكثر من أبي وأمي
وأكثر من المسيحية والإسلام, وما زلت أعود إلى النصوص البوذية بعد كل أزمة, وبعد كل مأزق لأجد صديقا محبا ومتفهما ومتسامحا, لا أستاذا ولا واعظا.
في حكايتي سأعتمد على الخيال والذاكرة والمنطق, وسأتجنب المحاور المحرجة لي أو لمعارفي وأصدقائي, لكنني سأسعى إلى تجنب الكذب القصدي.
*
إلى أي درجة يحق لفرد معزول ومحبط أن يحمل هوية الآخر السوري!!!؟؟؟
سأحاول البقاء في المنطقة المشتركة,بين السرد الأدبي وما حدث فعلا, وبين الموقف العقلاني والخيار الذي أملاه التكيّف, وبين الرغبة في المعرفة والرغبة في التوازن, وبين الأدب والحياة أو بعبارة أخرى بين الوعي والإحساس.
ويوم أمتلك الحدّ الكافي من الجرأة أو النزاهة, سأعاود المحاولة لملأ الثقوب والنواقص في هذه النصوص التي يجمعها فرد وبلد, وفترة زمنية لا يمكنني وصفها بأقل من" سوداء وكارثية" مع ما فيها من حظ استثنائي, كنت ألاقيه دون انتظار أو توقّع, وهو ما منعني من ارتكاب حماقتي الشخصية حتى اليوم.

طفولة سوداء, شباب طائش, فقر, مرض, عزلة, كهولة محزنة, تلك محطات حياتي الأساسية, التي وصلت معها إلى الحافّة, بلا سند أو معين سوى الكلام والثرثرة حتى النهاية. لم ينفع معي العلاج المعرفي, وبمساعدة اليوغا والكتابة سأستمر في المحاولة, يوم في السكر والتهتك وآخر في الهدوء والتأمل وبينهما كهل يصارع أزمة منتصف العمر, ويسعى لإيجاد من يصغي إليه .



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو أن الزمن يسنعاد
- الزيارة
- الذكاء العاطفي السوري(الكنز المفقود)
- محنة النساء في سوريا
- نساء سوريا الغبيات
- على هامش مهرجان جبلة الثقافي
- المهرجان والوعد
- الليبرالية تحت الشعار
- الارهاب مسؤولية مشتركة
- جميلة هي البلاد التي أغلقت أبوابها
- خاتمة أشباه العزلة
- رالف
- ظل أخضر
- أبواب متقابلة
- ورق الخريف_ أشباه العزلة
- لا يوجد طريق لا تمشي عليه امرأة عاشقة
- الفصل بالفأس بين الديقراطية والثقافة الليبرالية
- قوس قزح على الأرض
- الأقرب من الألم..الجزء الثاني لأشباه العزلة
- عشب أزرق


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - الآخر السوري_ثرثرة من الداخل