أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الفوضى الضرورية والفوضى الخلاقة














المزيد.....

الفوضى الضرورية والفوضى الخلاقة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5142 - 2016 / 4 / 24 - 13:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفوضى الضرورية والفوضى الخلاقة

عندما ينهار بناء بفعل فاعل أو نتيجة أيلولة طبيعة حتمية ستجد الفوضى تعم المكان نتيجة الانهيار اللا منظم وتناثر حطام البناء على مساحة محدودة كانت في السابق موصوفة بالانتظام، المجتمعات البشرية عندما تتعرض للتغيير العنيف تخرج منه وكأنها ضربت بإعصار أعاد كل شيء إلى شكل الفوضى، هنا الأمر في غاية الطبيعية ونتاج منطقي للهدم لغرض البناء خاصة مع بروز أشياء وممارسات وظواهر لم تكن مألوفة أو ظاهرة للعيان بشكل واضح، لكنها بالأصل هي نتاج متراكم وخزين في اللا وعي الاجتماعي ينتظر الفرصة فقط للبروز والتموضع على أرض الواقع، هذا ما يمكن أن نطلق عليه الفوضى الضرورية ولكن السؤال هنا لماذا ضرورية؟.
نقول ضرورية لسبب بسيط جدا أنك لا تستطيع أن تعيد بناء ما لم تهد نظام البناء القديم وتفرز الصالح الذي يمكن التعويل عليه وترمي الفاسد والمنحرف والغير مناسب في شكلية ونظام البناء الجديد، وإلا إذا تركنا ما كان على ما كان لم نفعل غير الادعاء الفارغ، هذا الهدم يستلزم تحطيم كل القطع والمقاطع التي سببت الحاجة للتغيير وكان فعلا تشكل تناقضا مع مفهوم التناسب مع التطور ومع التحديث، الهدم هنا ضروري والفوضى التي تنتج عنها تلحق بوصف الضرورية لأنها نتيجة متوقعة وطبيعية له، لكن الغير ضروري واللا منطقي أن نستمر بالفوضى خارج حدود الحاجة لها وخارج مدى الانفلات عن السيطرة بحيث تتحول الفوضى إلى شكل النظام الجديد وبذلك نخسر حتى البناء السابق الذي كان منتظما برغم عيوبه ومساوئه.
إذا الفوضى الضرورية مستلزم منطقي مع كل عملية تحول وتغيير جذري يستهدف الأسس ويعيد بناء المجتمع وفق نظرية اجتماعية أو فكرية جديدة وهذا ما لا يمثل ضررا حقيقيا في المجتمع، الضرر الحقيقي المتمثل بتحجر وتصلد الخطأ والانحراف الأجتماعي عندما لا يكون التغيير قادرا على إزالته ومسحة من الواقع، والضر الأكيد أن لا تنتهي عملية الهدم والفوضى الضرورية الى النتيجة الأساسية من التغيير والتطور، علينا أن لا ننسى أن المجتمعات الحقيقية هي المجتمعات التي تستوعب صدمة التغيير وتستوعب أثار الفوضى الضرورية بأسرع ما يمكن لتعيد سيرها التنظيم والمتسارع والمتطور لتعيد تسوية حسابات الزمن والتعويض عن الفرص الضائعة، أما المجتمعات التي تتعثر في الأستجابة والتعاطي مع نتائج الهدم وتعجز عن تنفيذ الرؤى التطويرية ستكون ونتيجة الفوضى معرضة للتشرذم والتقهقر وتزيد في حسابات خسائرها وتعرض وجودها العام للضياع.
أنتقالا من مفهوم الفوضى الضرورية إلى مفهوم الفوضى الخلاقة التي تعمل بعيدا عن ما فيها من لؤم سياسي مراد له أن يكون عنوانا لفوضى قاتلة أقول، الفوضى الخلاقة هي حل دراماتيكي لحالة الجمود الأجتماعي وصعوبة الحركة في مجتمعات بنيت وجودها وثقافتها وسر استمرارها على التمسك بالثوابت، حين أن كل المحركات الأجتماعية فيه لا تستطيع التغلب على حالة السكونية والجمود نتيجة العقل الجمعي المتجذر في طيات ما تسلكه وما تتعامل به مع الزمن وحركته، هنا يكون نشر الفوضى داخل هذه المجتمعات ليس نتيجة هدم وتغيير ولكن من أجل التقديم لمرحلة الاهتزاز التي تسبق عملية التغير والممهدة لها من خلال دعم حركة المحرك الأجتماعي العاجز أولا وثانيا لخلخلة أسس التحجر والسكون فيه.
ظاهرة أو مفهوم الفوضى الخلاقة يستمد من تسميتها حيث تنتج هذه الحركية الاجتماعية والسياسية بصورة خاصة حالة أختلاق محركات أضافية ودعمها بصورة عاجلة وقوية الهدف منذ لك خلق حالة تململ وتمرد محمية ومؤطرة بهدف أسمى تساهم بسحب البساط من كل القوى المتمسكة بالوضع الساكن والتي تعتبره من المقدسات التي لا مناص من حمايتها، المواجهة بين الحرس الاجتماعي القديم والقوى المحركة الجديدة لا بد أن ينتج عنه حراك داخلي بيني يصب في خانة تطوير المطالبة بالتغيير والوصول بجرأة للمناطق المحرمة على الناس تفكيرا ونقدا كونها تعتبر من الأسس التي تستطيع المحافظة على البنيوية التاريخية لهوية المجتمع.
السؤال هنا هل من الضروري دوما أن نخلق هذه الفوضى داخل مجتمعات لم تتأهل أصلا لتقبل التغيير أو تعتبر أن التغير هو جزء من عدوان خارجي على هويتها الحضارية والثقافية، في علم الأجتماع لا يمكن أبدا أن تكون لدينا قوانين ووصفات جاهزة لكل المجتمعات طالما أن لكل مجتمع خصيصة ولكل مجتمع طريقة تفكير تتأثر فيها عوامل عديدة أبرزها الثقافة التكوينية التراكمية والبيئة وعنصر اللغة وأساليب التفكير والمحدد الأخطر العوامل العقائدية والدينية، لذا فليس من الممكن أم نجيب بنعم كما لا يمكننا الجزم بلا دون أن نراعي العوامل السيسيولوجيه والسيكولوجية والتاريخ والتراث لهذه الشعوب، وأيضا علينا أن لا نتوقع لهذه الفوضى دائما أن تأتينا بالنتائج المبهرة خاصة في ظل تداخل الكثير من المؤثرات والعوامل الغيرية في حركة المجتمع وفي سيرورته التاريخية.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد التاريخية قراءة نقدية في فكر عبد الكريم سروش ح1
- نقد التاريخية قراءة نقدية في فكر عبد الكريم سروش ح2
- من يطلق رصاصة الرحمة على نظام المحاصصة
- الحياد في قضايا المصير
- المتوقع والمأمول من حراك البرلمان العراقي
- الحرية الطبيعية ومفهوم الوعي بها
- اللعب على المكشوف
- قراءة في كتاب _ عندما يكون الرب لعبة سياسية . د عباس العلي
- بيان الأمانة العامة المؤقتة للتجمع المدني الديمقراطي للتغيير
- وأد النساء في عالم لا يعرف التمييز
- السياديني وظاهرة توظيف المقدس
- هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب ...
- هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب ...
- هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب ...
- ثقافة التسليع
- شك الإيمان وظاهرة التكفير
- حق الإنسان في أختيار العقيدة منطق ديني أصلي
- تطورات الموقف العراقي في اسبوع
- بين أخلاقيات الفعل الإنساني وإنسانية الفعل
- العراق ومرحلة التغيير والإصلاح


المزيد.....




- بعد تحريك ترامب لوحدات -نووية-.. لمحة عن أسطول الغواصات الأم ...
- مقبرة الأطفال المنسيّة.. كيف قادت تفاحة مسروقة صبيين إلى سرّ ...
- الوداع الأخير.. طفل يلوح لجثامين في جنازة بخان يونس وسط مأسا ...
- مستشار سابق للشاباك: حرب غزة غطاء لمخطط تغيير ديمغرافي وتهجي ...
- نفاد تذاكر -الأوديسة- قبل عام من عرضه.. هل يعيد كريستوفر نول ...
- بين الرخام والحرير.. متحف اللوفر يستضيف معرض الكوتور لسرد قص ...
- أزمة حادة بين زامير ونتنياهو بشأن استمرار الحرب على غزة
- فورين أفيرز: لماذا على تايوان إعادة إحياء مفاعلاتها النووية؟ ...
- فيديو الجندي الأسير لدى القسام يثير ضجة في إسرائيل
- بلغراد تندد بتثبيت حكم على زعيم صرب البوسنة


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الفوضى الضرورية والفوضى الخلاقة