أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الحرية الطبيعية ومفهوم الوعي بها














المزيد.....

الحرية الطبيعية ومفهوم الوعي بها


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 15 - 03:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الحرية الطبيعية ومفهوم الوعي بها

الشيء الجميل في حياتنا التعيسة أننا نعرف تماما مقدار الألم ونقبل به ثم نمارس كل أمراض النفس ببرودة أعصاب وأحيانا نستمتع بساديتنا ومازوشيتنا ثم لا نكترث للحظة ألم أو للحظة وعي، هل هذا نوع من الخبل أم نوع من اللا أبالية تجاه النفس والوجود معا، يعيش الإنسان الأجتماعي فسحته الحياتية وكأن الوجود متفوق عليه بالقدرة والقوة وهذا صحيح لكن الغير مناسب أن نسلم مقدراتنا التي منحت لنا في التكوين لهذه القوة، هنا أيضا نعيش الحالة معذبين وقد لا نكمل الفرصة في حالة أنتقال الإنسان من مرحلة التسليم لمرحلة التحدي وهو يحاول النجاة من واقع مؤلم، النتيجة أنه ما زال خاضعا للمازوشية ليس إختيارا بل لأن في القبول بدفع ثمن التحدي هو أيضا تعذيب للذات طالما أن النتيجة البعيدة ذاتها والنهاية في صورة واحدة.
نقول شيء جميل ووراء ذلك ألف علامة تعجب وألف علامة أستفهام تدور في عقل الإنسان لأن الجمال لا يتناسب مع الواقع ولا ينطبق مع أمراضنا النفسية، قد تكون الكلمة هنا لا تعود للموضوع بذاته ولكنها تصف حالة أنك لست غبيا ولا مغفلا عن واقعك بل أنك تعرف منذ أن تلتقط أول إشارة وعي يهذا وتقبل أن تمضي وتمضي بعيدا، لا خيار أمامك إلا أن تفعل أو لا سواه من خيار، هذا هو الحل وهو الأمل الذي يراود الإنسان لكنه يقاومه أحيانا، أما بالعبثية المؤلمة أو باللا إبالية وهنا يخسر موقفه وقد يخسر وعيه الذاتي.
إذن لا سبيل أمام الإنسان إلا طريق واحد هو أن يخفف من أمراضه النفسية بالكثير مما يمكن أن يعمله أو يندفع بأتجاه فك التأزيم الحاصل بين نفسه ونفسه وبينه وبين الأخر، في تصور ولو كان خياليا محضا أن بني الإنسان جبلوا على المحبة وجبلوا على العيش بسلام وجبلوا على الإثرة والتعاون والحب هل يمكن له أن يكون ساديا مثلا؟، أو هل من الممكن أن يشعر بالألم ويتلذذ به لأن لا خيار ممكن أمامه ليتجاوز الواقع، من المؤكد أن الحلم بهذه الجنة غير ممكن مع أفتراض أنه فعلا يسعى لذلك وأن ماض بقوة نحو بناء المجتمع السعيد، العلة التي تناقض هذا الأفتراض وهذا الحلم أن النفس تبقى هي النفس اللوامة النفس التي لا يمكنها أن تفرط بشعورها الطبيعي للتمرد على حدها الأساس.
الطبيعي في الإنسان هو وجود ظاهرتين مرتبطتين بما تقدم أولهما هي ظاهرة النسيان والثانية ظاهرة الأمل، النسيان كما يقولون نعمة حينما تساعد الإنسان للتخلص من عقدة الشعور بالذنب وتساعده أيضا على تحمل المرارة والألم، وبالتالي عندما تكون الظاهرة هنا متضخمة في وعيه ولا وعيه تتحول إلى إدمان للألم وإدمان لتقبل الأذى وتتحول إلى شعور طبيعي ملازم يستطيع أن يوظفه بقوة لكبح جماح المقاومة وبه يتغلب على عقدة الذنب، إلا أنه من جهة أخرى يحوله إلى إنسان ميت إنسان لا يحركه شيء مهم ولا يؤثر فيه أو عليه الحس بالقسوة والظلم هنا يتحول إلى عبد طبيعي عبد مستسلم عبد خال من القوة ليكون جاهزا للسحق وجاهزا ليكون ضحية نفسه.
أما الظاهرة الثانية وهي الأمل الذي يسعى به إلى الأنتقال إلى واقع جميل وقد يكون كذلك بالفعل ولكنه أيضا خيالي إن لم يرافق الأمل عمل تجسيدي لما يتأمله ويفترض فيه الوصول إليه، الأمل مثل ظاهرة النسيان عند الإنسان خاصة إذا كانت الممارسة لأجل الحلم فقط أو رافقها عجز عن فهم قوانين الحركة وقوانين صنع القدر، سيكون الأمل المفرط أيضا طريقا للعبودية وطريقا للإستلاب الذي يطيح بإنسانية الإنسان ويزيد من حدة أمراضه النفسية.
كثيرا من الناس ينادون بالحرية الكاملة التي تعني التمتع بحق رفض ما لا تحب وليس ممارسة ما تحب، الحرية التي تجنب الإنسان أمراضه الأجتماعية والأقتصادية كما يفهمها دعاة التحرر وكأنها الحل الأنجع لجعل الإنسان يخرج عن واقع عبوديته الطبيعية، هذا وهم الحرية الحقيقية هي التي تكون منسجمة مع معناها وهدفها أن تحرر الإنسان من خوفه ومن ألمه ومن أمله ومن النسيان، الحرية هي التي تخرج الإنسان من عبوديته التكوينية إلى مرحلة الوعي بكل قوانين الحياة في صيغتها الأولى السليمة الخالية من ذاتية الأنا وأنا الذات، هذه الحرية أيضا من الصعب حتى تصورها على الواقع لأن الإنسان الطبيعي يرفضها ليس لأنها غير صالحة ولكنها غير مستطاعه مع التناقض الإنساني الكلي مع الذات والأخر والطبيعة.
الحرية مفهوم أصبح مطاطا ومشوشا وغير قادر أن يعطي لنفسه حدود ممكنة لتناقض طبيعة الإنسان معه، الحيوان الطبيعي حيوان حر سواء أكان في الغابة أو الماء أو في الجو وحتى الطير والحيوان المأسور في الأقفاص هو حر لسب بسيط جدا أنه لا يعي بالشكل الذي يحصل مع الإنسان حين يمارس أمراضه النفسية، الحيوان الطبيعي لا ينسى لأجل أن يعيش ولا يتأمل الخيال والوهم كي يستطيع البقاء، الحيوان الطبيعي يعيش لحظته فقط وإن حاول نسيان حدث إذا كان لديه وعي فهو لم ينسى للتجاوز ولكن لكون ذاكرته لا تخزن الحدث بالقدر الذي نجده عند البشر، الحيوان الطبيعي حيوان حر ومتحرر من الأنا ومتصالح مع طبعه وواقعه .
الوعي الإنساني هو سبب عبوديتنا للواقع وعبوديتنا لأمراضنا وعبوديتنا لأننا لا نعرف الحرية إلا حين نكون خارج ما تمنحه لنا من فرصة تأكيد لواقعية العبودية التي تأسرنا، التمتع بالحرية الحقيقية هي أن لا نقبل بما لا نريد وأن لا نستسلم لقوة الوجود حتى تمسخ إنسانيتنا ووجودنا الخاص، الحرية التي تصاحب الوعي هي قدرتنا أن نتجنب الألم كما نتجنب النسيان ونتجنب الأمل الفارغ، الحرية الطبيعية هي التي تقود الإنسان للكمال البشري النسبي وتجعل من كل فرد قوة دفع لتنظيم الواقع بطريقة تمنع أن ينجرف نحو اللا طبيعي في الطبيعة، الحرية التي تمنح الإنسان قرار دون أن يدفع ثمن مقابل الحرية لأنها أساسا معطى طبيعي سلبه الإنسان من الإنسان ولا بد أن يعود هو الأخر حر بلا تقييد ولا تحديد.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللعب على المكشوف
- قراءة في كتاب _ عندما يكون الرب لعبة سياسية . د عباس العلي
- بيان الأمانة العامة المؤقتة للتجمع المدني الديمقراطي للتغيير
- وأد النساء في عالم لا يعرف التمييز
- السياديني وظاهرة توظيف المقدس
- هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب ...
- هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب ...
- هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب ...
- ثقافة التسليع
- شك الإيمان وظاهرة التكفير
- حق الإنسان في أختيار العقيدة منطق ديني أصلي
- تطورات الموقف العراقي في اسبوع
- بين أخلاقيات الفعل الإنساني وإنسانية الفعل
- العراق ومرحلة التغيير والإصلاح
- طريقة الدائرة الجزئية في أحتساب أصوات الفائزين في الانتخابات ...
- رسالة براءة وتنبيه
- رسائل إلى مسافر
- أيام الفردوس _ مقطع من روايتي الأخيرة
- العراق ومنعطف التغيير أو نقطة التفجير
- الواقعية وما بعد الواقعية في الخطاب السياسي العراقي


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الحرية الطبيعية ومفهوم الوعي بها