أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما بعد بعد الحداثة















المزيد.....

هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما بعد بعد الحداثة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5129 - 2016 / 4 / 10 - 07:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما بعد بعد الحداثة

سؤال يطرحه البعض هل من الممكن أن نتوقع أو نفترض أن الدين يمكنه أن يعيد الأعتبار لوجوده أو أن البعض من المفكرين قادر على إعادة تدويره مجددا، وإن كان بصيغة فكر منتج وليس بصيغ عبادية وتعبدية تركز على الطقوس وتعتمد على الحس الغيبي والانفعالي الذي ميز مفهوم الدين تقليديا، قبل التسرع في الإجابة لا بد أن نحدد مفهوم ذاتي ومفهوم موضوعي قبل البحث في مستقبل الدين، الجانب الذاتي هنا يعود للدين ويعود للإنسان أيضا.
في الجانب الذي يختص بذاتية الدين السؤال الواجب طرحه أيضا هل يستطيع الدين بالقوة أن يتكيف مع التغيير؟, بمعنى هل يملك القابلية الأساسية والقدرة على تجاوز واقعه ومن ثم التخلص من العوائق التي كبلت حركته ليكون أكبر من معرقلات التواصل مع حركة الإنسان في الزمن وحركة الإنسان المقيدة داخل إطارية الدين، أما فيما يخص ذاتية الإنسان السؤال هنا هل بإمكان الإنسان ككائن صاحب تجربة أن يقبل بإعادة تجريب مفاهيم وقيم خرج منها منكسرا ومهزوما أمام الزمن ، ثم هل من الممكن أن نحول الإنسان إلى حقل تجارب من غير ذاكرة ومن غير مستقبل.
الإنسان ومن خلال سيرورته التأريخية تعلق بالدين كواحدة من احتياجاته الطبيعية وسعى للبحث في كل مرة على ما هو متوافق مع تطمين حاجاته ووفقا للمستوى الإدراكي عموما لمنطق وحدود معرفته بالمعرفة ووعيه بقوانين الطبيعة، نعم تمسك برغم تجاربه الأليمة بالدين ومع كم الجراحات والانتكاسات التي أوصلته لدرك العبودية والسخط والإستلاب، ومع ذلك حاول أن ينهض من جديد مع كل دعوة دين ليجرب خيارا أخر، هل هذا يعني أننا في دائرة مغلقة مع الدين يتمثل لنا في كل الأوقات بأنه ضرورة قدرية لا إنفكاك منها، البعض يعزو الحالة إلى قوة الإشكالية الوجودية وعمق الأزمة التي يواجهها البشر قبال ضعف القدرة العقلية عن البحث عن أساسيات أزمة الوعي لديه.
أما من الناحية الموضوعية فإن للتغيرات والتبدلات الفكرية التي قادت العالم منذ عصر التنوير وعزل الكنيسة في أوربا حتى يومنا هذا، مردودات فكرية وأنفتاح غير متوقع على الجديد والمثير من أساليب التفكير والتعقل مما جعل من مسألة العودة للدين بالطريقة القديمة التي تتبنى الإيمان به كوحدة واحدة، دون ممارسة حق النقد والتشكيك في الأحكام والأوامر والحقائق المطروحة ضربا من الجهل لا يمكنه أن يصمد مع هذا الكم الهائل والمتدفق من الحقائق العلمية والمقولات الفكرية التي تتصادم وتتعارض مع مفاهيم ومنهجية الدين القديم، من الصعوبة بمكان اليوم أن تقنع الناس جماعات وأفراد مثلا أن القتل للمخالف أو الغير المضاد هو واحد من الطرق التي تدخلك الجنة، أو قنع حركات التحرر الأجتماعي من أن الجلوس والإقرار في البيت يضمن للمرأة حرية وكرامة في ظل نظام أقتصادي يعتمد على المبادرة الفردية والتكافل الذاتي إلا في حدود معينة كالعجز والكوارث والطوارئ.
هل هذا التصور يقودنا للجواب بالنفي أقول وبكل صراحة طالما بقينا نفكر بالدين ونتعامل معه بذات الطريقة التي تعامل بها السلف قبل الف واربعمائة وثلاثون سنه لا يمكن لعاقل أن يصدق أ بالإمكان حتى تصور ذلك، والحل هو أن نعود للدين كفكر يتعامل مع عقول مركبة متعددة المستويات في الإدراك غير مؤمنة بما هو خارج المنطق العلمي المتشبث بالدليل والبرهان، عقل يفهم أن لكل قانون علة مؤسسة ونتيجة منتظرة تتطابق في القواعد وتعمل وفق ميكانيكية فكرية منضبطة لا تقبل التأويلات المتباينة والتفسيرات المتعددة تبعا لظرفها ومقدماتها، وحتى ننجع في إعادة طرح الدين علينا كخطوة أولى وقبل أن نطرحه مشروع منافس أن نمتح عقلياتنا نحن مع معايير ومستويات الإدراك الفهمي العامة، دون أن نحاول تزيف القناعات أو الهروب من الحقائق الصادمة التي ستفاجئنا في الأمتحان.
قد ننجح في إعادة تدوير الدين إذا نجحنا تدوير نظامنا العقلي ووسائل الإدراك وطرق التفكير، وأبتعدنا بشكل جذري وحقيقي عن معايشة واقع الدين الأول الذي منحه حالية زمانية ومكانية خاصة، علينا أن لا نخضع للتراث وأن نجعل منه مختبر نقدي وليس مصنع أنتاجي معرفي ملزم وحاكم، الدين عندما يتحول إلى ممارسة فكرية أولا ودعوة للعقلنة والتمنطق سيكون واحدا من فاعليات العقل الإيجابي المستشرق التي تنتج معارف مركبة ومتنوعة وحداثية، كما وستطرح يقين وإيمان حقيقي بالكثير من المواضيع التي تبدو الآن وكأنها مجرد أوهام مصاغة بقوالب لفظية مثالية مفرطة، تخشى على نفسها من النقد فتلبس ثوب القداسة وتحتمي خلف ماهية قدسية تسمى كلام الرب، مستخدمة الترهيب والترغيب كطريق للوصول للعقول البسيطة والعادية لتوهمها بحقيقة قد تكون مغيبة أو غائبة بالفعل.
ولكن سنفشل حتما إذا لم ندرك أن الدين واحدا من أهم تكوينات العقل الفطري العقل المطبوع بتلقائيته الغير ملوثة بنظريات أو أفكار ورؤى تعادي الطبيعي البشري، وهذه واحده من أهم العلل التي تبرر بقاء الدين شاغلا وفاعلا ومحوريا في أهتمامات الإنسان مع هذا الكم الرهيب من الفشل والخذلان، نتيجة التحريف والصراع الأناوي بين رموز الدين وتياراته، بين القراءات المختلفة والتخريجات المتضاربة وما أبتدع ودخل زورا على مظاهر التدين ومحاولات جعل الدين شرطيا مرتشيا وسياسيا فاسدا في حياة الإنسان غير مكترث لا بالألآم ولا بالمصائب بقدر ما يهتم بحصد السلطة والقوة.
بين الفشل والنجاح لا بد لنا من مراجعة نقدية لكل المفاهيم ولجميع المناهج التي تعلمنا من خلالها ماهية الدين، نحتاج لشجاعة أن نتحرر من وهم القداسة الزائفة ورفع الغطاء عن كل المقولات التي تمنع الإنسان من التدبر والتفكير بطريق أخر غير طريق الكهنوت، علينا أن نعمل وفق روحية الناقد المنتج وليس الناقد الهدام طالما أننا نريد أن نرتفع بفكر ونصل به إلى المشاركة الإنسانية الحقيقية في بناء رؤية كونية جديدة، علينا قبل ذلك وبعده وأثناءه أن نعري العقل من ثياب الكهنة الخاشعين بل علينا أن نلبسه رداء الفرسان المقاتلين كي نتمكن من المواجهة الشرسة التي سيثيرها الفرقاء بعد توحدهم ضدنا الملحدون يرون فقط ضرورة دفن الدين والتخلص منه كفكر منغلق وقاطع طريق والمؤمنون المتشددون الذين يدافعون عن قناعاتهم الخاصة التي تمثل لهم مسألة وجود وعدم.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة التسليع
- شك الإيمان وظاهرة التكفير
- حق الإنسان في أختيار العقيدة منطق ديني أصلي
- تطورات الموقف العراقي في اسبوع
- بين أخلاقيات الفعل الإنساني وإنسانية الفعل
- العراق ومرحلة التغيير والإصلاح
- طريقة الدائرة الجزئية في أحتساب أصوات الفائزين في الانتخابات ...
- رسالة براءة وتنبيه
- رسائل إلى مسافر
- أيام الفردوس _ مقطع من روايتي الأخيرة
- العراق ومنعطف التغيير أو نقطة التفجير
- الواقعية وما بعد الواقعية في الخطاب السياسي العراقي
- خيارات العالم مع أنتشار وباء داعش
- الروح الدينية مفهومها ودورها عند غوستاف لوبن
- تخاريف العقل
- أنا وفنجان قهوتي وأنتظار الحلم
- إرثنا التأريخي ومشكلة العيش من خلاله
- وماذا بعد العبور ؟.
- قراءات سياسية لواقع غير سياسي
- مجالات التغيير وطرائق الثورة


المزيد.....




- حزب الله: إيران حقّقت نصرا مؤزرا
- كيف تطيل عمر مناشف الميكروفايبر وتحافظ على فعاليتها؟
- 16 قتيلا في احتجاجات بكينيا
- اعتمد على المباغتة.. الجزيرة تحصل على تفاصيل كمين خان يونس
- الموساد يشيد بعملائه داخل إيران وبدعم الـ-سي آي إيه- للهجوم ...
- إصابة 3345 إسرائيليا بالحرب مع إيران و41 ألفا طالبوا بتعويض ...
- أبو عبيدة: جثث العدو ستصبح حدثا دائما ما لم يتوقف العدوان
- لماذا تتجه طهران لمنع الوكالة الدولية لتفتيش منشآتها؟
- كاتب روسي يدعو موسكو للتحرك دبلوماسيا من موقع قوة
- موقع تركي: القبة الفولاذية باتت ضرورة ملحة لتركيا


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما بعد بعد الحداثة