أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - بين أخلاقيات الفعل الإنساني وإنسانية الفعل














المزيد.....

بين أخلاقيات الفعل الإنساني وإنسانية الفعل


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5121 - 2016 / 4 / 2 - 09:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بين أخلاقيات الفعل الإنساني وإنسانية الفعل

من الإشكاليات الفكرية التي تشغل بال الكثير من الفلاسفة والمفكرين وخاصة من الذين يهتمون بالفكر المثالي بشقيه الأخلاقي والديني، هي صعوبة الفصل بين الفعل الأخلاقي والفعل الإنساني من حيث أصل ومفهوم الفكرة التي تنطوي على معنيين، الأول فكرة الصح والصحيح وفكرة الحق والحقيقية، الإشكالية في المفهوم الأول هل أن كل فعل صح هو أخلاقي أم أن الفعل الصحيح أكثر أخلاقية، الفرق بين الصح هو ما يطلبه واقع القيم والمحددات والضوابط والقوانين أما الصحيح هو الموافق لطبيعة الأشياء.
الإعدام مثلا للقاتل في جريمة عمدية هو صح بموجب القانون وصح بموجب قواعد الدين وصح بموجب الأعراف والقيم وصح بموجب المنطق من حرم كائنا من الحياة يعاقب بمثل ما أقترف من جريمة، هذا الصح هل هو أخلاقيا بمعنى مساويا لقيمة عليا أكبر من القانون ومن القيم والمحددات والضوابط، البعض يجزم أن الصحيح أن نستخدم الصح حفاظا على المجتمع من وحشية الإنسان وتفشي الإجرام فيه، ولكن هل من الصحيح مثلا أن نعدم حياة إنسان قد خضع أساسا لقواعد غير سوية سواء في التنشئة أو التربية أو تعلمها من بيئة ومجتمع لم يمنحه العصمة المطلوبة التي تتوفر عند الاخرين الذين لم يمارسوا ذات الجريمة، بمعنى الأصح هو أن نفصل بين الجريمة ودوافعها وبين واقع المجرم وظروفه.
المدرسة المثالية التي تؤمن بالصحيح وتنحاز له تعمل على رد الفعل الإنساني إلى ما هو طبيعي وما هو شاذ بمعنى أنه من غير المعتاد أن تصدر من إنسان يعيش وفق قوانين الطبيعة كواقع وليس واقع الواقع كطبيعة، الميل للقتل في هذه المدرسة ميل حيواني حقيقي متأصل في الإنسان وجذوره الطبيعية من مرحلة الحيونة التي مر بها ككائن تدفعه قوى الحس في النفس الإنسانية كما في الغضب أو الزعل أو حتى الكراهية، فهي طبيعية وقد تضبط وتحدد ويسيطر عليها فقط لأغراض العيش المتمدن وليس الحياة الطبيعية للإنسان ككائن حيواني، الصحيح هنا القتل واحد من بصمات الطبع التكويني وبالتالي تصنف على أنه ميل طبيعي ويدان على أنه تجاوز الصح الوضعي فقط.
المدرسة المناقضة الأخرى والتي تميل على أن الإنسان في تحولاته النفسية والتطورية عليه أن لا يعود في كل مرة إلى أصله الحيواني طالما أنه تفرد عن الأصل بالعقل والنطق، وهذا سبب كاف أن لا يكون حيوانيا إلا في الجزء التكويني البدني ولكنه إنسانيا بمعنى أنه ذا ميول مدنية أساسية وهو ما يحرص عليها من خلال إيمانه بالحياة المشتركة، الصحيح هنا هو ما تفرزه قوانين هو سعى لبنائها وما يخرق منها هو الخطأ والخطيئة التي يجب أن يتحمل وزرها، حين تتوافق معايير الصح مع الصحيح الوضعي كواقع ومستلزم طبيعي.
المعيار الأخر الذي تدور فيه الإشكالية هو معيار الحق والحقيقية وقد انقسمت أيضا المدارس الفكرية المثالية بالنتائج لسبب بسيط جدا هو معيار الحق والتفريق بين المفهوم وبين واقع الحقيقية، الحق حتى يكون واجبا في التصنيف كوصف للفعل بحاجة لتحديد معيار عقلاني ومنطقي له يدور في فلكه ما هو واجب وما هو أعتباطي، فكرة الحق بذاتها مشوشة وغير مجدية في إقحامها بتقسيم الفعل الأخلاقي، إلا إذا أعتمدنا مقولة أن كل حق هو أخلاقي وليس كل ما هو أخلاقي حق تام، مثلا القتل والقصاص من القاتل عمل منطقي في حالة شعور الضحية وهو أيضا حق لها ومن الأخلاقي أن يصار له كحل، المشكلة تثور هنا في العودة لما قبل الفعل الإنساني حين تعلم الإنسان القتل هل كان ذلك من الأخلاق والحق أم لا.
السؤال لو طرح في صيغة أخرى عندما يكون قتل القاتل أخلاقيا وحقا وعملا إنسانيا طبيعيا، هنا سيكون من الصعب أن نقبل وصف تكرار الفعل من شخص أخر أي فعل القتل بحد ذاته أنه عمل مشين وغير أخلاقي وباطل لأن جوهر الفعل واحد سواء كان قتل بريء أو قتل قاتل بالمعنى المجرد، ما لا يمكن وصفه إلا بالحق يجب أن يكون في جميع الحالات مطابق للمبدأ الأساسي دون أن يتغير بالظرف، حق الإنسان في الحياة حق ومضوع أخلاقي لا جدال فيه لأنه مطلق سواء أكان هذا الكائن بصفة محددة أو خاضع لصفة محددة فهو صاحب حق مطلق في الوجود طبقا لقانون الطبيعة التي أستولدته وفقا للقوانين الكونية.
المدرسة المثالية الطبيعية التي تؤمن بركني الصحيح والحق المطلق هي التي تؤمن بكونية الإنسان المجرد وترجع في إدانة الفعل أو تبنية بناء على علاقة ذلك الفعل بالبيئة والواقع وقوانين الطبيعة، فهي تنظر للإنسان ليس مجردا كائنا فاعلا مدفوعا بقواه الذاتية النفسية والعقلية، بل تنظر له من زاوية أنه وليد جملة من المؤثرات والفواعل والمفاعيل وشبكة من القوانين التي يجب أن تكون حاضرة دوما في كل تقييس ومعايرة للتوصيف والتفريق بين أخلاقيات الإنسان وإنسانيته المجردة، كي تضمن من أن هذا الكائن ينال رؤية واقعية في تحديد ماهيته وماهية أفعاله المرتبطة أساسا بوجوده في طبيعة تحتكم لنظام عام وشامل وكلي.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق ومرحلة التغيير والإصلاح
- طريقة الدائرة الجزئية في أحتساب أصوات الفائزين في الانتخابات ...
- رسالة براءة وتنبيه
- رسائل إلى مسافر
- أيام الفردوس _ مقطع من روايتي الأخيرة
- العراق ومنعطف التغيير أو نقطة التفجير
- الواقعية وما بعد الواقعية في الخطاب السياسي العراقي
- خيارات العالم مع أنتشار وباء داعش
- الروح الدينية مفهومها ودورها عند غوستاف لوبن
- تخاريف العقل
- أنا وفنجان قهوتي وأنتظار الحلم
- إرثنا التأريخي ومشكلة العيش من خلاله
- وماذا بعد العبور ؟.
- قراءات سياسية لواقع غير سياسي
- مجالات التغيير وطرائق الثورة
- حوار حول النص والعقل وقضايا القراءة وظاهرة التدين
- ماذا يريد الكاهن وماذا يريد الدين ح2
- لحظة من فضلك
- ماذا يريد الكاهن وماذا يريد الدين ح1
- إصلاحات ترقعيه أم تغيير في أساسيات اللعبة السياسية في البلد ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - بين أخلاقيات الفعل الإنساني وإنسانية الفعل