العراق ومرحلة التغيير والإصلاح

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 5120 - 2016 / 4 / 1 - 08:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

العراق ومرحلة التغيير والإصلاح

المطلوب عراقيا على مستوى التخطيط والتنفيذ ورسم الأهداف والاستراتيجيات بوضوح بعيدا عن الإنفعالات والشحن الطائفي والعنصري، الهدف لأساس الذي يجب أن يكون عنوان المرحلة القادمة تغيير شامل مدني وسلمي وتحت سقف الدستور والقانون وصولا إلى مرحلة لاحقة تتضمن إنجاز التغيير الأكبر بعد بناء أسس المجتمع المدني، وهي مرحلة إعادة بناء النظم الحاكمة والمسيطرة بدأ من الدستور وأنتهاء بكل القوانين والتشريعات التي صدرت قبل مرحلة التغيير من خلال ربطها بمنظومة قيمية تعتمد فكرة الحق المتساوي والواجب المتكافئ ورعاية مرتكزات حق الإنسان في الوجود والحركة والانتماء، هذه المرحلة وما قبلها هي ما يطلق عليها إصلاح الأسس وترميم ما لا يمكننا تغيره حتى نكون على شفا عملية إعادة البناء بجهود الكل ولأجل الكل.
والمفترض على القوى المدنية والمؤمنة بالتغيير الديمقراطي السلمي الحضاري أن نعتمد المنهجية العلمية والعملية في قيادة المرحلة، دون التفريط بالحماسة الشعبية وتسخيرها وتوجيهها نحو المصلحة الوطنية العابرة للفئوية والطائفية، أيضا علينا أن نعمل تحت مفهوم العقل المدني الذي يلتزم بسقف القانون ويحاول من خلال مؤسسة الحكم وبالأسلوب الديمقراطي السلمي أن يؤسس لرؤية وطنية قادرة على التعامل مع الاستحقاقات والواجبات والتحديات المصيرية والمستقبلية، ونقدم الأفكار الناضجة المدروسة اللا تعود بنا إلى أن نجرب وننتظر النتائج على المديات المتاحة، ونتشاور ونتشارك بوضع أفضل وأنجع الحلول بروح الفريق الواحد المسئول لا يهمنا ولا يفرقنا أنتماء أو هوية فرعية، فكلنا أبناء وطن واحد مستصرخنا بعد أن أوغلوا المجرمون به فسادا وعبثوا بكل مقدراته وقوته.
ومع الأسف أن الواقع الموجود اليوم وبكل تجرد وحيادية لا يمثل شيئا جوهريا من المطلوب والمفترض ولا حتى أقل من ذلك، برغم القيل والقال وما ظهر وما خفي من تحرك في الشارع الجماهيري والكثير من الضوضاء المرافقة، والسبب يعود بالتأكيد لوجود فئة من الناس لا تريد التغيير ولا تتمنى الإصلاح لأنها تهوى التنظير الفارغ والكلام الذي لا يستند إلى واق، فما زال البعض يظن أنه صاحب المعاجز وأنه وحده من يملك الحقيقية ولا يجب أن يتحدث أحد بوجوده، وهو جالس في مكانه ينتظر أن يأت دوره في القطع المبرمج من الكهرباء أو أن يسمح له الشرطي أن يمر من عبر نقطة تفتيش وهو ذليل، مع ابتسامة يدلل بها على أنه لا يمكنه حتى أن يغير حاوية الأزبال في بيته.
بين المطلوب والموجد والمفترض علينا أن نقر أن هذا هو واقعنا ولا بد أن نتعامل بكل أمل على التغيير والبناء للأفضل، دون أن نحلم بالمستحيل وهو حق ولكن الواقع يشير إلى أن الرحلة القادمة بحاجة إلى جهد مضاعف وصبر وقدرة على القيادة الديناميكية، الوضع العراقي بتراكماته التأريخية وبالخراب الممنهج وبالتدخلات الإقليمية والدولية وبغياب وعي وطني موحد، محكوم بالتوافق التدريجي والبناء على المشتركات الأساسية قبل أن يتحول إلى مجتمع منتظم قادر على أن يرسم حدوده وإمكانيته باستقلال تام، ما ينقصنا الآن الكثير وبالأخص على مستوى الإحساس بالهوية الوطنية الجامعة التي هي عماد نجاح أي مشروع وطني حقيقي.

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل