أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما بعد بعد الحداثة 2














المزيد.....

هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما بعد بعد الحداثة 2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5129 - 2016 / 4 / 10 - 22:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما بعد بعد الحداثة 2

في الجزء الأول من البحث تناولنا بشكل سريع تصورا فكريا عن ما يسمى إعادة تدوير الدين ليكون شاخصة فكرية مهمة في عالم متغير متحرك لعصر ما بعد الحداثة، وقد أفترضنا ومن باب القبول بالممكن الواقعي أن العملية ممكنة وواقعية بالشرط الذي أدرجناه، ولكننا لم نتطرق إلى حقائق كثيرا ما يطرحها المفكرون والكتاب حول أسباب تخلف الدين بالصورة الراهنة من أن يكون منخرط طبيعيا في هذا العالم الذي يقوم ويتحرك أساسا على قواعد الفكر والتعقل وبالتالي لو نظرنا إلى أن الدين بالتجريد الفلسفي ما هو إلا خطاب فكري، خطاب عقلي يحرك الإنسان لأن ينتقل من المناطق قليلة الإشراق إلى ما هي أكثر أستنارة وتأثير.
الحقيقة المعضلة الرئيسية والمحورية في هذا التعويق لا تعود للدين كفكر وإن تعلقت بها نتيجة ما أستقرمن قراءات أعتباطية له، أعني بذلك أن الدين أساسا يتكون من دائرتين متداخلتين في التأسيس وفي التفكير والتصرف، الدائرة المهمة والأهم والأكثر جدلية وإشكالية أن الدين يحتوي أنماطا وأسسا ثابتة لا يمكن حتى إخضاعها للأحتمال التنظيري على أنها تقبل الحركة أو التحريك، وتسمى هذه الأنماط والأسس بالثوابت الدينية أو ثوابت الإيمان بالدين وهما بالطبع مفهومان مفترقان كل منهم يدل على دائرة خاصة من الفهم، المهم هذه الثوابت لو سلمنا بها سيكون للدين موانع أساسية وتكوينية يضحى معها مجرد التفكير بالدرس والتمحيص والبحث النقدي جريمة دينية لا تغتفر وبالتالي يقف عندها الفكر والعقل موقف الحذر الذي لا يتوائم مع كونية عالم الحداثة وما بعده وما بعد بعده.
يتوهم حقيقة من يظن أن الدين يمكنه أن يكون خارج السياقات الطبيعية لكل فكر لا في نصوصه ولا في مفاهيمه ولا حتى في طبيعة الدين المجردة، لو عدنا مثلا إلى ما يعتبره الكهنوت وأرباب القراءة الدينية من تعديد مفاهيم الثابت والمتحول في الدين نجد أنهم يردون مجموعة من الأفتراضات التي يقدرونها أنها ثوابت لا يمكن التقرب منها، مثلا مسألة التوحيد التي يعتبرون كونيته واحد من أهم أسس وأركان الدين ولا يقبل الديني أن تتعرض فكرة التوحيد للمناقشة لأنها ثابت تكويني.
النص الذي يمكن أن يستند عليه مثلا الإسلامي كشاهد على أن التوحيد ورمزه الله تعالى ممنوع من المناقشة هو ما ورد في الآية التالية من سورة إبراهيم وهي بالمناسبة أحتجاج {قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين}، يستخلص المتدين أن أمر الله وتوحيده من الثوابت التي لا تقبل الجدال ولا حتى التفكير بتفكيك المفهوم ودراسته، ناسيا أو متعمدا إلى العبور على حقيقة أن النص هو محل جدال بين نبي وبين أتباعه والجدال هو عرض تعارض بين فكرتين على الأقل، أي أن النبي الذي جادل خصومه كان على أستعداد للنقاش وفتح موضوع هذا الثابت للحوار.
هذا الجدل والمحاورة كانت نتيجة لمحاورة وجدل سابق وإن كان ذاتيا بين إبراهيم وربه مع إيمانه وما يتمتع به من يقين ولكن كان عارفا أن موضوعية الإيمان بحاجة لتشكيك، تشكيك ليس بمعنى توهين الفكرة وتسخيفها بقدر ما تعني البحث عن عمقها وقدرتها على أن تكون حقيقة يقينية قابلة للبقاء، في سورة البقرة برهان ينسف دعاة الثوابت والتسليمات البديهية الغير قابلة للنقاش (رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) ، إذا أفي الله شك الجواب نعم شك للوصول إلى قاعدة العلم بالوجود المبني على حقيقية لا المبني على الثابت وهكذا في قضية الخلق "أرني" هذا تحدي عقلي بمعنى طلب البرهان، فكيف لنبي أن يطلب البرهان وهو متصل كما يقول الديني مع الله في حين يحرم البشر الأخر الذي لا يؤمن أساسا بما بين يديه من ما يقال أنها ثوابت من التشكيك في أمر قد يكون حقيقة علمية وقد يكون خرافة والميزان متعادل بينهما على الأقل أفتراضا.
دائرة الثابت دائرة مخلة بالتفكير العقلي المنطقي وواحدة من إشكاليات تعارض الدين مع قواعد وقوانين زمن متحرك متطور متسارع فضلا عن إشكاليات أخرى مرتبطة بمفاهيم مشوشة صنعها الكهنوت والفكر التسليمي الديني ووضع له جدار من القداسة والحرمة متوهما بأنه فعل ذلك دفاعا عن الدين أو حماية لله من خصومه، الغيبيات التي تكثر تصوراتها في التأويل والتفسير وفي بعض المفاهيم المنتجة دينيا تشكل عقبة أخرى في وجه محاولة إندماج الدين في المنظومة الفكرية الإنسانية كي يعود حاضرا فيها، لو عدنا للنصوص وأعدنا قراءة المشهد الذي تبسطه بعقلانية مجردة عقلانية المفكر العلمي المنطقي المقطوع من التأثير بالبديهيات والمسلمات نجده أحيانا يصطدم بحقائق مذهلة حقائق تكشف ضعف التفكير الديني وتهافت منطلقاته وأسسه حين يكون الغيب هو الملاذ الأمن حين يهرب العقل الديني من عجز المواجهة العقلية مع الأخر.
لا بد لنا قبل أن نخطط لإعادة تدوير الدين في حياتنا المعاصرة أن نحارب بكل قوة مسلمات الإيمان على أنها بديهيات غير قابلة للنقاش والامتحان وعلينا أن ننكر شيء أسمه ثوابت فمع الحياة المتحركة التي يؤمن بها الدين لا يكون حتى الله تعالى في حالية الثبات وهو الذي يصف نفسه بعنوان التبدل والحركة (هو كل يوم في شان) ، إذا كان عنوان الدين الرئيس هو كل يوم في شأن أي أنه في حالة تحولات وتبدلات لا تتعارض مع ذاتيته الجوهرية الخارجة عن التوصيف والتكيف يقول بالحركة، فكيف لعقل أعتباطي أن يمنح ما دون العنوان ثبات إلا إذا جاء بدليل علمي منطقي يفيد بأن الكون كله في حالة ثبات وإستقرار ورسوخ في حالية السكون عندها يمكننا أن نسلم له بافتراضاته المطلقة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب ...
- ثقافة التسليع
- شك الإيمان وظاهرة التكفير
- حق الإنسان في أختيار العقيدة منطق ديني أصلي
- تطورات الموقف العراقي في اسبوع
- بين أخلاقيات الفعل الإنساني وإنسانية الفعل
- العراق ومرحلة التغيير والإصلاح
- طريقة الدائرة الجزئية في أحتساب أصوات الفائزين في الانتخابات ...
- رسالة براءة وتنبيه
- رسائل إلى مسافر
- أيام الفردوس _ مقطع من روايتي الأخيرة
- العراق ومنعطف التغيير أو نقطة التفجير
- الواقعية وما بعد الواقعية في الخطاب السياسي العراقي
- خيارات العالم مع أنتشار وباء داعش
- الروح الدينية مفهومها ودورها عند غوستاف لوبن
- تخاريف العقل
- أنا وفنجان قهوتي وأنتظار الحلم
- إرثنا التأريخي ومشكلة العيش من خلاله
- وماذا بعد العبور ؟.
- قراءات سياسية لواقع غير سياسي


المزيد.....




- الحرس الثوري يُهدد بتغيير -العقيدة النووية- في هذه الحالة.. ...
- شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس
- -سرايا القدس- تعلن سيطرتها على مسيرة إسرائيلية من نوع -DGI M ...
- تقرير للمخابرات العسكرية السوفيتية يكشف عن إحباط تمرد للقومي ...
- حرب غزة: لماذا لم يطرأ أي تحسن على الأوضاع الإنسانية للغزيين ...
- كيف تُقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن؟
- الكرملين: الدعم الأمريكي لكييف لن يغير من وضع الجيش الأوكران ...
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...
- بريطانيا توسع قائمة عقوباتها على إيران بإضافة 13 بندا جديدا ...
- بوغدانوف يؤكد لسفيرة إسرائيل ضرورة أن يتحلى الجميع بضبط النف ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما بعد بعد الحداثة 2