|
الحكايات الثلاث
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 5023 - 2015 / 12 / 24 - 19:23
المحور:
الادب والفن
الفريسة: الوعل، يتبقّلُ حشائشَ المرعى مُقتنعاً بندرتها في بعض أوقات السنة. الأسد، كان يَعتبر المرعى حَوْزَهُ الخاص. الضبع، هوَ عدوّ الجميع. بعد مطاردة متعبة، انقضّ الأسدُ على الوعل فأنشب مخالبه في ظهره. ثمّ انكفأ على نفسه وهوَ يلهث. على الأثر، هرول الضبعُ فطرد الأسدَ المنهك بعيداً عن الفريسة. وإذا بدبّ هائل، كان يراقبُ المشهدَ عن بُعد، يضرب على صدره: " أهذا عدل؛ أهذا منطق؟ ملك الغابة يُهان هكذا على مرأى من الجميع! "، صرخَ فيما كان يعدو باتجاه مكان الفريسة. الضبع، ولّى مذعوراً في الحال. في اللحظة التالية، المُعقّبة سقوطَ الدب برصاصة الصياد، انتفضَ الوعلُ وفرَّ.
المبارك: بعدما تمكّن من شلّ حركة الثور، هوجم الفهدُ المُتعب من لدُن ضبعٍ ضارٍ. الثعلب، كان وقتئذٍ يحومُ على مقربة من الفريسة. ولأنه لم يكن مدعواً للوليمة، فقد أخذ يتسلى بشمّ الدم الطري، المسفوح بين الحشائش المترامية حتى ضفة النهر. بعدما بقرَ الضبعُ بطنَ الثور، جفلَ هذا مُجدداً. فارتأى الوحشُ أن يتسلى بدَوره، فراحَ بفقأ عينيّ الطريدة المحتضرة. " يا لكَ من ضبعٍ وضيع..! "، فكّر الثعلبُ فيما كان يهز فروة ذيله بحركة معبّرة عن التأثر. منتهزاً السانحة المناسبة، لم يتردد في المجازفة بالاقتراب من الطريدة ومحاولة جذب ما تيسّر من أسلابها. وإذا بالضبع ينقضّ عليه بشراسة، مُطلقاً زمجرة مرعبة. الثعلبُ، المأخوذ على غرّة، لم يجد مهرباً إلا جوف الفريسة. وكان قد أيقنَ بالهلاك الحتم، حينما شعرَ فجأة بأنّ الأرضَ تتحرك تحته. على الأثر، إذا بتيار بارد يغمره رويداً. " آه، ويلي..! إنه التمساحُ يجرّ الفريسة إلى أعماق النهر "، عادَ الثعلبُ إلى مخاطبة داخله في قنوط. إذاك، كان يسمعُ عظامَ جُمْجمة الثور وهي تتقصّفُ بأسنان ذلك الفك المفترس. في اللحظة التالية، لُفِظَ الثعلبُ بقوّة خارج بطن الفريسة. هذه المرة، رأى نفسه مرمياً فوق رأس فرس نهر. إلا أنّ عينيّ هذا الأخير، المتناعستين، راحتا ترمقانه بنظرة وديعة. قفزة موفقة باتجاه الضفة، كانت كافية للثعلب كي يظن أنه قد أضحى بمأمنٍ. ثمّة على البر، وقفَ لاهثاُ يستنشقُ الهواءَ بعمق: " لا بدّ أنني مخلوقٌ مُبارك. فلأول مرة أنجو بدون أن استعمل دهائي "، ندّت عنه وهوَ يتنهد. كانت تلك آخر كلمات الثعلب. الضبع، من ناحيته، بقيَ طويلاً يتذكّرها ويضحك.
الدخيل: تقدّمَ الأسدُ في حَوْز عدوّه الفهد، هازئاً بالحدود القائمة بين أرضَيْهما. الفهد، كان قد علّمَ حدودَ الحوز بطريقة غريبة. ففي كلّ آونة، اعتادَ على رشّ بوله على جذوع الأشجار وأسنّة الصخور وتلال النمل الأبيض لكي تُنذر الرائحة أيَّ وحشٍ دخيل. على ذلك، يُمكن للمرء تفسيرَ علاماتِ الإشمئزاز، التي لاحت على ملامح الأسد حينما راحَ يدوسُ بغضب على إحدى تلال النمل. ساكنو المنملة، كانوا إذاك ينعمون بفترة قيلولة استعداداً لجولة عمل فترة العصر. عند ظهور الجوارح محلقةً في الفضاء، أدركت جماعة الضباع أن ثمّة فريسة في الجوار. حينما وصلت طلائع هذه الوحوش إلى المكان المقصود، عليها كان أن تستمتعَ لوهلةٍ بتأمل مشهدٍ على شيء من الطرافة: الفهد، كان عندئذٍ قابعاً فوق فرع أحد الأشجار يراقبُ الأسد المُنهمك بانتزاع أحشاء وعلٍ كبير. الأسد، انتفضَ قائماً لما انطلقت أولى أصوات الضباع، الشبيهة بهسيس الممسوسين. في اللحظة التالية، احتدمت المعركة المنتظرة. طُوّق الأسدُ من لَدُن الضباع، الذين ما عتموا أن اعتمدوا تكتيكهم المعروف. داروا في البدء حول عدوهم اللدود، ثمّ أخذ كلّ منهم على الأثر بمحاولة عضّ أطرافه. في الأثناء، كان الفهدُ قد انتهزَ سانحةً مناسبة كي يجرّ طريدته إلى الأعلى. عصراً، لم يكن النملُ بحاجة للإبتعاد عن مملكتهم في وجود جيفة الأسد قربها.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيرَة أُخرى 7
-
أمثولتان
-
مجنونة الجبل
-
سيرَة أُخرى 6
-
الحكايتان
-
من أمستردام إلى مالمو
-
سيرَة أُخرى 5
-
حكايات
-
أمستردام
-
سيرَة أُخرى 4
-
مراهق
-
حكايتان
-
ثلاث حكايات
-
سيرَة أُخرى 3
-
مجنون عبّاد الشمس
-
قانون فرعوني
-
مثير الغبار
-
سيرَة أُخرى 2
-
الطليعي
-
البطة الطائشة
المزيد.....
-
صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
-
كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
-
أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
-
السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي
...
-
فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
-
-تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط
...
-
-لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
-
فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون
...
-
لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
-
مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
المزيد.....
-
سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي
/ أبو الحسن سلام
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
المزيد.....
|