أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زجاجة مكياج














المزيد.....

زجاجة مكياج


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4948 - 2015 / 10 / 7 - 11:43
المحور: الادب والفن
    


شاءَ أن يُطلق اسمَ والدته، " ليلى "، على ابنته البكر. إنه اسمٌ أوروبيّ، أيضاً.
سرّت الزوجة السويدية بالإسم. إلا أن والدة " سليم "، كعادتها، لم تُبدِ حماساً. فما يهمها، هوَ وصول المال عن طريق أصدقاء ابنها، الذين كان عددهم يضطرد في بلاد الكفار تلك، القصية. بالقسم الأكبر من المال، اشتروا أحسن الأراضي في سهول الجزيرة، الخصبة. تمّ تسجيل هذه الأراضي باسم الأخ الأصغر، مقابل أن يحصل على جزء من أرباح محاصيلها فيما القسم الأكبر كان يُحفظ لصاحب المال. " سليم "، كان حاله الماديّ ممتازاً. فهوَ يملك محلاً لمستحضرات التجميل في مركز المدينة، علاوة على فيلا في إحدى ضواحيها. حينما تعرّفَ على المرأة السويدية، كانت بعدُ متزوجة ولديها ابنٌ صغير، وكان هوَ بلا عمل دائم.
" سليمو..! كنت تتحجج بابنتك؛ وهيَ ذي أضحَتْ في سن الصبايا "، خاطبته والدته هاتفياً. إذاك، كانت هيَ تلحّ عليه أكثر من ذي قبل، بضرورة أن يتزوج من البلد: " لأنها ستنجب أولاداً يبقون لك، فلا يذهب مالك إلى الغرباء! ". هذه الفكرة، صارت تروق له أيضاً. العديد من أصدقاء الغربة، وخصوصاً من المنتمين لمنطقته، فعلوا ذلك وقلة منهم أبدوا ندمهم. امرأته، كانت تماثله في العمر وتختلف عنه في كل الأشياء الأخرى: " إنها مُسرفة؛ وهذا وحده سببٌ كافٍ للفراق "، فكّر صاحبنا وهوَ يتأمل الرغوة الطازجة في قدح البيرة. في هذا البار، الملاصق لمحله والمتآلف معه عُمراً، كان يحصل على شرابه مجاناً بالنظر للصداقة القديمة، التي تربطه بصاحبه.
وإذاً، كانت " ليلى " على حدّ المراهقة، حينما وقع الطلاق بين أبويها. وكونها متعلقة بالأم، فلم يؤثر الوضعُ الجديد في مشاعرها. حينما تمّ بيعُ محل أبيها، فإنها حصلت منه على زجاجة مكياج فرنسية المصدر. وكانت هذه هيَ الهدية الوحيدة، ربما، المرتبطة بذكرى الأب. هذا الأخير، ما لبثَ أن عاد إلى موطنه كي يستقرَ هناك. الإبنة، انقطعت صلتها بوالدها وخصوصاً بعدما تزوج مجدداً ورزقَ بالمزيد من الأولاد. وهيَ ذي في سنتها الجامعية الثانية، ما تفتأ علاقتها وثيقة بوالدتها وعلى الرغم من سكنها في شقة منفردة. عندئذٍ، شاءَ القدَرُ أن يضربَ ضربته.
كان " سليم " قد سلا تقريباً أمرَ ابنته البكر، حينما اتصل به يوماً شقيقه الأصغر كي يخبره بوفاتها على أثر حادث سير. هذا الشقيق، كان قد سبق وأُغريَ بالتنازل عن الأراضي المكتوبة باسمه في مقابل مساعدته بالهجرة إلى السويد. تلقى " سليم " الخبرَ في جَلَدٍ، لدرجة أنه لم ينسَ التشديد على شقيقه بألا يسمح لكائن من كان بالعبث في محتويات شقة الفقيدة. زوجة الرجل، المنكوب بابنته، يبدو أنها كانت آنئذٍ تتنصتُ على جانبٍ من المكالمة الهاتفية. كانت فتاة ريفية، ساذجة وماكرة في آن. اقتربت منه على رؤوس أصابعها، مبالغةً في التعبير عن مشاركتها بالمصاب الجلل، ثمّ ما عتمت أن فتحت فاها: " سليمو..! لن أمنعك بطبيعة الحال من السفر لوداع ابنتك الراحلة، مع أن ذلك سيكلفنا الكثير من المال "، قالتها بصوت متهدج. وأضافت، فيما عيناها تلتمعان كما عينيّ هرّ على ناصية صحنٍ ناءٍ: " ولكن، لديّ طلب منك. لقد سبقَ وأخبرتني بالهدية تلك، التي منحتَها للمرحومة ابنتك ذات مرة قبل عدة أعوام. أعني، زجاجة المكياج! ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجرف
- الرئيس ونائبته
- كان ليبياً أفريقياً
- كان غريباً وغامضاً
- مجنون الجنائن
- مجنون المخيم
- مجنون المال
- النملة الحمراء
- فريسة سائغة
- خطوط حمراء وساحة حمراء
- مجنون الأرقام
- مجنون المقام
- مجنونة المدينة
- مجنونة الملجأ
- مجنونة الندم
- الببغاء
- مجنونة المهربين
- مجنونة المقبرة
- بشاركو ونتنياهو
- وصفُ أصيلة 4


المزيد.....




- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زجاجة مكياج