أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مجنونة الندم














المزيد.....

مجنونة الندم


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4914 - 2015 / 9 / 3 - 17:43
المحور: الادب والفن
    


كان صباحاً من الخريف، ألقاً، أشرقَ فيه وجهُ " أسمى " ذو القسمات المتناسقة واللون الحنطيّ.
إنها تمتلك حريتها، ولليوم الثالث على التوالي. أي مذ مغادرة أسرة زوجها إلى مدينة " مراكش "، أين يقيم أقاربهم، مستقلين سيارتهم الخاصّة، القديمة نوعاً. أما رجلها، فتوجّه باكراً كالعادة إلى مكان عمله في المدينة وهوَ يقود دراجته النارية. كان أهل " سلمى " من مواطني المدينة أيضاً، ولا يمضي أسبوع إلا وتزورهم في منزلهم. زوجها، كان يكتفي بإيصالها إليهم بدراجته النارية، ثمّ يؤوب في ساعة متأخرة للعودة معها. الضاحية، حيث يقيمون، كانت لا تبعد عن مركز " مراكش " بأكثر من نصف ساعة بالسيارة.
جاذبية " سلمى "، كانت تمرّ في الدرب معطَّرةً بأنفاس شبان الضاحية والمُسنين من غربائها سواءً بسواء. هؤلاء الأخيرين، وكانوا بغالبيتهم من الأمريكيين، سبق لهم أن توطنوا هنا عن طريق شراء فيلات مناسبة السعر أو قاموا هم ببنائها على جزء من الأرض المخضوضرة، المظللة بأشجار التفاح والتين والزيتون والنخيل. مزارع أولئك الغرباء، أو من يُدْعَون " كَاوري " باللهجة المحلية، كانت تعجّ بالثعالب والكلاب المتشردة علاوةً على الثعابين والعقارب. غير بعيد عن تلك المزارع، كان حمو " أسمى " قد ابتنى بدَوره داراً من طبقتين، اختصّتْ هيَ بالعلويّ منهما حينما رزقت بابنها قبل نحو سنة. ولن يضير حكايتنا إذا ما نوّهنا، بأن " أسمى " لم تكن على وفاق مع أهل زوجها، وخصوصاً أمه. إلا أنها اعتادت أن تقول لشقيقاتها وصديقاتها: " ما يصبّرني على الحال، هو أن زوجي انسان لطيف المعشر كما أنه مجتهد ويسعى لشراء بيت لنا ". وكانت تستطرد غالباً وهيَ تتطلّع بتولّه في سحنة ابنها " كما أنه لم يعد يهمني أحدٌ في العالم غير روحي هذا ".
الليل، كان قد حلّ منذ أمد بعيد، حينما انقلبت " سلمى " إلى جانبها كي تطمئن إلى حالة طفلها. إذ ارتفعت حرارته فجأةً مساء ذلك اليوم، وتحديداً بعيدَ خروجه من الحمّام. آنذاك، بكّتت الأمّ نفسها بشدّة لأنها حمّمت الولد مع علمها بحالة الطقس، المائل للبرودة ليلاً. لحُسن الحظ، فإن رجلها كان عندئذٍ في المنزل؛ هوَ من كان يعتاد على التوجّه إلى المقهى مع أصدقائه كي يتابعوا مباريات كرة القدم حتى ساعة متأخرة. وإذاً، ما مضت دقائق أخرى، حتى كانت " سلمى " محتضنةً الطفل وهيَ خلف رجلها على الموتورسيكل في طريقهم إلى المشفى الأقرب، الكائن على أطراف المدينة. السماء الحالكة، المتراكمة الغيوم، جعلتها أشباحاً؛ تلك الموجودات، من بيوت وأشجار وأسوار، التي كانت تتراءى لعينيّ المرأة الفتيّة، المتناعستين. كانت تحتضن ابنها بيد، وباليد الأخرى تقبض على طرف سترة رجلها. دقائق عديدة مرّت، والطريق ما فتأ ممتداً في بريّةٍ موحشة لا يتناهى منها إلا نباح الكلاب المتشردة. بيْدَ أن صرخةً ثاقبة، انطلقت على غرّة لتطغى على كل ما خلاها: " ابني..! "، كانت المرأة الشابة تصرخ بجنون وهيَ تهز زوجها من خاصرتيه. حينما توقف الرجل، أدرك كلّ شيء: الطفل، كان قد انزلق من البطانية إلى اسفلت الطريق فيما كانت الأم تغالب وَسَنَها. يائساً وصامتاً، أومأ الرجل لإمرأته أن تركب خلفه من جديد ثم ما لبث أن أنطلق عائداً. دقائق أخرى، على الأثر، وبدا على ضوء الدراجة الأماميّ ما يشبه هيئة آدمية، متكومة على أعضائها الدقيقة الحجم. الكلاب الهائمة، كانت ثمّة تَلِغُ في دماء الجثة المتوحّدة.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الببغاء
- مجنونة المهربين
- مجنونة المقبرة
- بشاركو ونتنياهو
- وصفُ أصيلة 4
- شاعر شاب من القرن 15 ق. م
- أفق نحاسيّ
- وصفُ أصيلة 3
- الهرم
- العبيد
- وصفُ أصيلة 2
- النبوءة
- القط
- المسرح
- أقوال غير مأثورة
- الطائر
- وصفُ أصيلة
- ملك العالم
- صراط التجربة
- الإرهاب هو الحل


المزيد.....




- روزي جدي: العربية هي الثانية في بلادنا لأننا بالهامش العربي ...
- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم
- وزير الداخلية الفرنسي يقدّم شكوى ضدّ ممثل كوميدي لتشببيه الش ...
- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...
- -الممثل-.. جوائز نقابة ممثلي الشاشة SAG تُطلق اسمًا جديدًا و ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مجنونة الندم