أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مجنون المال














المزيد.....

مجنون المال


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4930 - 2015 / 9 / 19 - 17:57
المحور: الادب والفن
    



" المال والبنون زينة الحياة الدنيا "
كان " هشام " يردد هذه الآية الكريمة، مطمئناً نفسه إلى حقيقة، أنّ الله قد ذكرَ بوضوح أفضلية الفلوس على الذرية. إذ لطالما اتهمته امرأته بالحرص والتقتير؛ هيَ من كلّفه صداقها مبلغاً لا يُستهان به. كذلك تعرّضَ أحياناً للمز أصدقائه، " الّعْروبية "، ممن يحيلون عادةً خصلةَ الشحّ لأصوله الريفية. أما عن نفسه هوَ، فإنه كان يجزم دائماً بأنه محسودٌ: واقعة طرده من وظيفته مؤخراً، أثبتتْ صحّة هذا الرأي.
بطلُ حكايتنا، كان ما يفتأ فتياً. لولا أعين الحساد، لكان عليه أن يتقدّمَ، دونما قلق، نحو نهاية الحلقة الثالثة من عمره. قامته المشيقة، وبدنه الأقرب إلى الرشاقة، كانا ولا شك يجلبان انتباه السائحات الأوروبيات؛ وبالأخص الفرنسيات منهن، اللواتي كن يتواصلن معه بيُسر. عمله الليليّ في الرياض ( النزل )، كان يُحصّل منه على الغالب بقشيشاً جيداً. أما وظيفته السابقة، كمسجّل عقود في المحكمة، فإنها كانت الخير والبركة: بفضل الرشاوى، لا الراتب الزهيد بطبيعة الحال، أضحى صاحبَ عدة قطع من الأراضي الصغيرة، المثمّنة في المقابل من لدُن من يفهم بشؤون تعهدات الأبنية.
" الكَاوري الكافرة "، كما دأبَ على نعت صاحبة النزل، رفضت قطعياً أن تمنحه عملاً خلال النهار على أثر تسريحه التعسفيّ من الوظيفة. هوَ ذا يقود دراجته النارية، وداخله يحترق كما البنزين في خزانها، مهموماً من التفكير بالعرض الوحيد، الذي قدمته مخدومته الفرنسية: " لقد رأيتُ زوجتك مرةً هنا؛ إنها فتيّة وجَلِدة كما بدتْ لي. فلِمَ لا تأتي بها كي تعمل لدينا مع الفتيات، فتحصل على راتب مناسب.. ؟ ". إنه يدركُ، ولا مَراء، أنّ فتيات الرياض يُجبرن على الدعارة مع النزلاء السياح تحت مُسمّى " المسّاج ". حتى البقشيش، الذي يتحصلن عليه من الزبائن، كانت " الكَاوري " تستولي عليه ببساطة. في المنزل، ومثلما توقّع " هشام "، فإن من اعترض على عمل الزوجة كانت حماتها. إلا أنه، إلى نهاية الجدل، استطاع اقناع والدته بالأمر. في اليوم التالي، استهلّت امرأته العمل في مطبخ الرياض. لقد حرص هو على توصيتها قبلاً، بألا تقبل ما تعرضه عليها صاحبة النزل خارجَ خدمة المطبخ. ولكي يطمئن قلبه، فإنه طلبَ من أحد زملائه في العمل أن يراقبَ سلوك الزوجة. هذا الأخير، كانت وظيفته أمين مفاتيح الرياض، وفي التالي، المشرف على عمل الفتيات. كان الرجل، المناهز الخمسين، قد أصبح صديقاً للزوج الملول، خصوصاً بعد تسرّحه من وظيفته.
ذات ظهيرة، حارّة، انطلق " هشام " إلى الرياض لأجل لقاء صديقه على فترة الغداء. أوقف دراجته النارية أمام جدار الجامع المجاور، ثمّ دلف إلى الدرب المظلل بالبواكي الحجرية. وعليه كان أن ينتظر متأففاً أمام باب الرياض، حتى فُتِحَ أخيراً من قبل إحدى الفتيات. توجّه فوراً إلى حجرة صديقه، الكائنة على طرف الحديقة ذات الأشجار المثمرة. ما أن همّ بقرع باب الحجرة، حتى تناهى إليه صوت تأوّهٍ عميق كأنما صادر من بئر. قلبه، بدأ يخفق رويداً مع انطلاق المزيد من التأوهات، المشفوعة بأصوات أخرى.
" أهيَ هنا، بين أحضانه؟ فمن أغوى الآخر؛ هوَ أم هيَ؟ على الأرجح، فإنها من عرض جسده مقابل التكتم على العمل ذاك، غير المشروع. يا للشيطانة المأفونة! لقد كانت تكذب بدون حياء، حينما كنتُ أسألها عن البقشيش. سترى مني، فيما بعد، شيئاً عُمرها ما رأته "، قالها في سرّه. وبينما كان يتراجع عن باب الحجرة، بقيَ يردد من بين أسنانه: " فيما بعد، فيما بعد ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النملة الحمراء
- فريسة سائغة
- خطوط حمراء وساحة حمراء
- مجنون الأرقام
- مجنون المقام
- مجنونة المدينة
- مجنونة الملجأ
- مجنونة الندم
- الببغاء
- مجنونة المهربين
- مجنونة المقبرة
- بشاركو ونتنياهو
- وصفُ أصيلة 4
- شاعر شاب من القرن 15 ق. م
- أفق نحاسيّ
- وصفُ أصيلة 3
- الهرم
- العبيد
- وصفُ أصيلة 2
- النبوءة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مجنون المال