أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رمسيس حنا - السامى اللبيب يكشف عن عقدة كراهية المرأة (Misogyny)















المزيد.....


السامى اللبيب يكشف عن عقدة كراهية المرأة (Misogyny)


رمسيس حنا

الحوار المتمدن-العدد: 4946 - 2015 / 10 / 5 - 08:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    




فى مقاله بعنوان "عاوز أعرف" – مشاغبات فى التراث 8 – و تحت تصنيف كتابات ساخرة بتاريخ 26/9/2015 و هذا رابطه على صفحته على موقع الحوار المتمدن http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=486265 يحدد السامى اللبيب بإستخدامه اللغة العامية فى عنوان المقال "عاوز أعرف" مدى بساطة و وضوح رؤيته لتناقضات النصوص الدينية – التى طرحها – للعين الفاحصة المجردة لدرجة المقدرة على رؤئيتها و كشفها ليس من قبل الراسخين فى العلم بل حتى من قبل العامة البسطاء و حتى الأطفال الذين دائماً يعبرون عن إحتياجاتهم الجسدية و العقلية لإشباع غريزة حب الأستطلاع بطلب يصيغوه بعبارة بسيطة (عاوز أعرف) التى يخجل الكثيرون منا نحن البالغين الناضجين العاقلين من أن يتلفظوا بها – و لست أدرى هل بحكم الكبرياء و الغطرسة التى تتملك على تحاملنا أو لأن غريزة حب الأستطلاع لدينا قد توقفت لعدم إستخدامنا لها أو هل تنازلنا عن عقولنا لرجال السلطة الدينية ليعبثوا بها كما يشاءون. مع أنه لو تم قرِأة النص بأبسط جهد من التفكير و التمعن فإن القارئ البسيط سيتوصل فى النهاية الى بشرية النص فى ملائمته و مناسبته و تعامله مع مواقف لحظية بإنفعالية متحفزة تتمثل فى سرعة ردة الفعل التى جعلت النص حبيس نفسه فى بيئته و زمكانه و من ثم لا يمكن تعميمه لكل "الزماكانات" و لا لكل الأشخاص و الموجودات؛ و نتيجة لذلك فإن محاولة إطلاق النص "أى جعله فى المطلق" تكون محاولة بائسة ظالمة للنص و منتجه و تجعل من النص مثاراً و مثيراً للسخرية و ليس مثاراً للإزدراء و لكنه مثير للإزدراء بنا عندما نتقبله بدون فحص أو تقييم. و حتى لا يُساء فهم مصطلح "سخرية" الذى استخدمه المفكر السامى اللبيب لتصنيف موضوع المقال و نتجنب الخلط بينه و بين "الإزدراء" فإننا نود أن نبين أن الإزدراء هو التحقير المتعمد من الناقد دون موضوعية بإلصاق صفات أو إستنتاجات أو أتهامات أو شتائم لا يحملها النص بقصد الأستهزاء من أو التهكم على مصدره أو كاتبه؛ و هذا ما لا يمكن أبداً أن يحدث من ناقد مثل السامى اللبيب الذى يوثق كل ما يتوصل اليه بالحجج و الأسانيد و الأدلة الدامغة من نوعية النصوص نفسها و هذه هى سُخرية القدر أقصد سخرية النصوص التى تكّون مضمون ثفافة تحتضن النص لتعطيه قبلة الحياة و النص يستوعب و يقولب كنه الثقافة ليسلبها الحياة؛ بمعنى أن الأستهزاء و السخرية هما احد مكونات جوهر النص التى يصدرها لنا و ليست تحميلات على النص من خارجه ؛ و كأن السامى اللبيب يقصد أن يقول أن النصوص هى التى تزدري و تسخر من عقولنا و تزدرى و تسخر من كينونتنا العاقلة (reasoning being) و تضعنا نحن فى زمكانياتها و فى قلبها و قوالبها لكى نجد أنفسنا نتقولب و نتشكل بالنص و نتماهى فيه فنفقد كينونتنا العاقلة (reasoning being) و نفقد حضورنا أو وجوديتنا فى الزمكان الفعلى أو الحالى فنتغيب عن الوعى بالواقع الحقيقى لنكون مجرد بباغوات (parrots) نردد تلك النصوص بدون فهم أو بفهم لُقن لنا و فُرِض علينا مسبقاً و تحولنا النصوص الىى طينة أو عجينة طيعة فتمسخ جوهر الأنسان الذى فينا و تحوله هذه النصوص الى مجرد مفعول به و ليس فاعلاً أبداً بل مجرد أداة فى قبضة النص لتطبيق متطلباته و أهدافه المعلنة و غير المعلنة و المصرح بها و غير المصرح بها لنكون نحن و النص لعبتين فى يد مصدره أو مؤلفه أو كاتبه الذى يضحك علينا و يستهزئ بنا و يسخر منا، لنجد أنفسنا ندور معه فى حلقة مفرغة (vicious circle).

مثل هكذا إستفزنى مقال الأستاذ السامى اللبيب لأن أبحث عن التركيبة العقلية و النفسيية لمصدر النص فيما يتعلق بهذه الرؤية المهينة للمرأة و انا أتذكر أيام مشاغبات الطفولة مع مدرس مدارس الأحد فى مقولة عن اليهودى الذى كان يقف و يصلى لله: (أشكرك يا الهى أنك خلقتنى رجلاً و لم تخلقنى إمرأة)؛ و بنفس المنظور عندما علمونا أن هناك حيوانات نجسة، و أن معمودية الطفل الذكر و دخول أمه به الى الكنيسة تتم بعد أربعين يوماً من ولادته؛ بينما إذا كانت المولودة بنت فإن معموديتها و دخول أمها الى الكنيسة لا يتمان إلا بعد مرور ثمانين يوماً من ولادتها مما يعنى أن عملية الولادة مسببة لنجاسة المرأة بصفة عامة فلا تدخل الكنيسة و لكن مدة نجاسة المرأة تتضاعف إذا كان المولود بنتاً. وكانت معارضتى للمدرس أن النجاسة ليست فى الحيوانات ولا فى المرأة و لا فى المولود سواء كان ذكراً أم أنثى؛ بل فى من صنع هذه المخلوقات نجسةً بعملية طبيعية المفروض أنه هو الذى أقرها. فكان نصيبى الطرد من الفصل و لم أعد اليه مرة أخرى و أُتهمت بالتجديف على ذات الله و بأنه قد مسنى مارق من الجن الكافر الشيطان. و أتذكر أننى عدت الى البيت ودخلت حجرتى البسيطة تلك الليلة و أنا أصلى عتباً فقلت "أنا اَسف و أعتذر ... فلقد علمنى شيطانى أنك أنت مصدر الطهارة و بالتالى لا يمكن أن يكون نتاج أعمالك شيئاً نجساً."

لقد أورد الأستاذ السامى اللبيب ست عشرة إشكالية فى هذا المقال سأتناول منها السبع إشكاليات الأولى فقط الخاصة بالمرأة و التى تمتهن كرامتها و تجردها من إنسانيتها بل فى الحقيقة تجرد الرجل – إذا تمسك بهذه الجدليات – من كل معان الأخلاق و الأخلاقيات و الرجولة و الشهامة و الإنسانية و تكشف عن جهل مصدر النص التام بطبيعة المرأة و إنسانيتها من ناحية و تزيح الغطاء الثقيل و الموسوم بالمقدس عن مرض نفسى شَائِن يسمى بعقدة كراهية أو عداوة النساء (misogyny). فالسامى اللبيب يدعونا أن نتأمل كيف يكون بول الولد "أفضل" من بول البنت و أنا شخصياً أسأل كيف يكون بول البعير أفضل من الأثنين؛ و عقيقة "اسبوع" الولد شاتان و عقيقة "اسبوع" البنت شاة واحدة؛ و نصيب الرجل فى الميراث مثل حظ الأنثيين ؛ و المرأة تتوضأ بماء غسل الرجل؛ و مدة نجاسة المرأة عند ولادتها لبنت أضعاف مدة نجاستها عند ولادتها لولد؛ و هجر الرجل لزوجته جائز حسب رغبته أو عقاباً لها (و إهجروهن فى المضاجع) ولكن إعتذار المرأة عن تلبية شبق زوجها (لأى سبب) يوجب علي الله و ملائكته لعنها؛ و طلاق الرجل بإرادته المنفردة حق له من حقوق الله بينما هى لا تستطيع أن ترفع عنها اى غبن أو ظلم واقع عليها بالطلاق و لكن عبر و سيلة أخرى – (الخُلع الذى فيه تتنازل عن كل شيئ) – شُرِعت لها خصيصاً كعقاب يجردها من أبسط حقوقها الذى قد يعينها على مواجهة الحياة و يحفظها من إمتهان كرامتها. و حداد الزوجة على زوجها الميت واجب تتجرد فيه من كل زينة بينما لا يوجد أى ذكر حتى لجواز حداد الزوج على زوجته بل الأنكأ من ذلك أنه يمكنه ممارسة مضاجعة الوداع عليها و هى ميتة. وفى حالة مرضها يتوقف الزوج عن الإنفاق عليها لأنها لم تعد صالحة لمتعة الغضنفر مع إعتذارى للحيوانات؛ فما بالك عندما تموت الزوجة – (المسماة تدليساً شريكة حياته) – فليس عليه أن يكفنها و لكن له أن يضاجعها مضاجعة الوداع ليستمتع بها لاَخر ست ساعات قبل دفنها أو قبل أن يتحلل جسدها. و أنا شخصياً الفت نظر السيدات و السادة القُرَّاء إذا كان لديهم علم بأى حشرة أو حيوان ذكر يضاجع انثاه و هى ميتة فليعلنوا أو يكشفوا عن هذه الحيوانات، وإلا يكون سلوك الحيوان الغريزى أرقى و أنقى من مصدر النصوص التى تحس أو تشجع أو حتى مجرد أن تفتح للرجل باب على مثل هكذا من سلوكيات أبسط ما توصف به هو الدناءة و الحقارة و القذارة و قتل أى عواطف إنسانية فى البشر. فقط الرجل – و لا أقول الأنسان – هو الذى شُرِع له مثل ذلك الفعل الدنيئ القميئ ليس لإطفاء توهج الشبق لديه و لكن إمعاناً فى إذلال المرأة حتى و هى ميتة، مما يثير التساؤل ما الفرق بين مضاجعة الزوجة و هى ميتة و بين التمثيل بجثتها؟؟؟ ... كيف تقتل هذه النصوص إنسانيتنا و تجردنا من أبسط و أرق العواطف الإنسانية (الحزن و ألم الفراق) لكى تحولنا الى ضباع همجية متوحشة لنتلذذ و نستمتع بالعبث بجثث موتانا.

و السؤال البديهى إذا كانت المرأة بهذه الحقارات و العيوب و النقائص – و هى صناعة أو خَلقة الله – فأن هذه الحقارات و العيوب و النقائص لا تُلام على المرأة – المخلوق أو المصنوع – و لكن تلام على الصانع أو الخالق الذى سلم هذا المُنتج المعيب لذلك الأشوس الغطريس الكامل (الرجل). و بالتالى فنحن (كرجال) أمام خيارين و لنا حقان: الحق أو الخيار الأول هو أننا نرد البضاعه لمصدرها كما نطالبه برد ثمنها؛ فإذا كانت المرأة قد أُعطيت لنا كمنحة أو هبة مجانية فمن حقنا أن نردها أيضاً لكى نُعرّف المورد أنه يغش فى بضاعته و نظهر كذبه فى مقولته لنا (و خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم) اللهم إلا إذا كانت المرأة لا تندرج تحت هذا المصطلح أو المُصَنف الذى هو (الإنسان)؛ و الخيار أو الحق الثانى هو أن نتقبل نحن الرجال الأشاوس الغطاريس المُنتَج الهبة على عيوبه و لكن يحق لنا أن نخبر الصانع – من باب الحب و الغيرة على سمعته – و من باب ان "إحنا ما يضحكش علينا" – بهذه العيوب حتى يُحسن المُنتَج فيما بعد و بالتالى تتحسن سمعته و يُوثق فى كلامه و صناعته و منتجاته، و بالتالى يمكن رتق الفتق و ترميم التصدعات الحادثة فى شخصيته و فى روحنا.

كل هذه النظرة المُحقِرة للمرأة و كل هذه المعاملات المهينة لإنسانيتها من قبل الرجل – و التى و ضحها الأستاذ السامى اللبيب فلى مقاله – تنم عن أمراض نفسية متعددة بداية بالنرجسية (Egomania´-or-Narcissism) و عقدة توهم أو غرور العظمة (Grandiose delusions (GD)´-or-delusions of grandeur) مروراً بعقدة أوديب (Oedipus complex) و عقدة الخوف من النساء (gynophobia) و نهاية بعقدة "كراهية النساء" (misogyny) التى تعنى الأحتقار و الكراهية المتأصلة للمرأة خاصة و أن الرجل الشرقى بصفة عامة لديه إعتقاد راسخ فى أن المرأة هى المسئول الأول فى تحديد نوعية الجنين ما إذا كان ذكراً أو انثى و ذلك لوجود حديث أخرجه مسلم عن ثوبان مولى الرسول أنه قال: كنت قائما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حبر من أحبار اليهود .. وفيه: جئت أسألك عن الولد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا، فعلا مني الرجل مني المرأة، أذكرا بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل، آنثا بإذن الله». قال اليهودي: لقد صدقت، وإنك لنبي، ثم انصرف فذهب. و هكذا نحن نحمل المرأة مسؤلية فشل الرجل فى إنجاب الولد الذكر. فإذا كانت المرأة هى من البداية التى تحدد نوع الجنين فكان لابد أن يخافها و يخشاها الرجل لكى يصل هذا الخوف الى درجة الكراهية لها و التى يحاول الرجل أن يخبيها تملقاً لها لكيما يعلوها فيعلو منيه على منيها فتأتى بالذكر و يتحول علو الرجل بنكاحها و بوطئها الى مفخرة و كبرياء و تعالى على المرأة و ما يتبعه من إحتقار لها الذى يتأصل بالخوف الكامن فيه من عدم إنجاب الذكر الذى يعنى إنقراضه أو يعنى التفوق العددى للإناث و التى تفتق ذهنه لحل هذه المعضلة بجمعه أكبر عدد من النساء تحت سيطرته فى عقد أطلق عليه عقد الإملاك أو النكاح أو الوطء (لاحظ إمتهان المرأة بهذه التسميات) ليصل أحط الأمتهان فى إطلاقه لعدد النساء التى يحوز عليهن بملكات اليمين. و السؤال هل تدرك سيدتى الجميلة النبيلة المعطأة سر بؤسها و شقاءها و خيبة أملها و النظرة الدونية التى تُعامل بها من قبل الرجل؟؟ فإن كانت تدرى فتلك مصيبة وإن كانت لا تدرى فالمصيبة أعظم.

لقد أثبت العلم الحديث أن نوعية الجنين تعتمد على عدد و نوعية الكروموسومات X/Y ( X / Y chromosomes) الموجودة فى الحيوان المنوى و البويضة. و عليه يكون الذكر (الرجل) الذى يحمل حيوانه المنوى الكروموسومات X/Y(X / Y chromosomes) – و ليست المرأة التى تحمل بويضتها الكروموسومات X/ X (X / X chromosomes) – هو المسئول الأول عن تحديد نوع الجنين؛ و ليس بـ"علو" أو "دنو" أو "طفو" أو "غوص" منى الرجل أو المرأة. و ربما لم يفطن الشراح و المفسرون لمصطلح "علو منى الرجل" أن الرسول ربما كان يقصد به زيادة كروموسوم (Y) ((Y chromosomes) و إن علو "منى المرأة" كان يقصد به زيادة كروموسوم (X) (( X chromosomes) و هذا دليل على الإعجاز العلمى للرسول الأمى الكريم و الله أعلم. هذا مثال يبين كيفية لَىّ النصوص و إعطاء الكلمات معان لا يمكن أن تحتملها أو قل إن شئت أن الكلمات يمكن أن تتحمل أو تحتمل ما نعطيه لها من معان غير المقصود الحقيقى للنص. و ربما يكون هناك تفسير أخر يحتمله النص لإمكانية تأويل مصطلح (علو) طبقاً لوضع الرجل و المرأة الجنسى أثناء عملية الجماع.

لماذا كل هذا التحامل و التمميز ضد المرأة؟ هل لأننا غاضبون بسبب إعتمادنا الكامل (منذ بداية تكوننا أجنة فى أرحام أمهاتنا و حتى بداية مرحلة الشباب) على المرأة فى إشباع إحتياجاتنا الأولية للحياة و حتى الثانوية منها الى إحساسنا و إدراكنا الشديدين بإعتمادنا عليها فى إشباع إحتياجاتنا الجنسية فى مرحلة النضج؟؟ هل ثقافتنا غرست و نمت فينا إحاسيس الخوف من المرأة بإلصاقها صفة النجاسة و التلوث خاصة و بسبب دم الدورة الشهرية؟؟ هل نحن نخاف المرأة لأننا نعتقد إن رؤيتها تثير و تطلق سراح وحش الغريزية الجنسية الذى ينتج عنه سلوكنا البوهيمى و البهيمى المتوحش و القميئ و من ثم فرضنا عليها الستر و الستار و الحجاب و الخمار بإدعاء أن كل ما فيها عورة؟؟ هل نحن نخاف و ننزعج و يعترينا الهلع بسبب يقيننا أننا عاجزون عن تهذيب و ضبط سلوكنا و ترويض وحش الشبق الجنسى الذى يرتع فى عقولنا و يدوسها بأقدامه و يتركها قاحلة و فى حالة فوضى لمجرد رؤية المرأة فلا نستطيع المقاومة عند رؤيتها و علي ذلك فرضنا على النساء أن يقرن فى بيوتهن و يحبسن و يخبئن أنفسهن (فى كبسولة) الغطاء الخارجى؟؟ هل وصل بنا الغباء الى درجة أننا لا نفهم أن عفة المرأة لا يمكن أن تُفرض عليها من الخارج بل هى قناعة داخلية عقلية؟؟ و لكن ماذا نفعل و النص حكم عليها علناً و صراحةً أنها ناقصة عقل و بالتالى فهى ناقصة دين و عليه يجب الا تتولى أى منصب قيادى فقد قرر النص انه لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً؛ أم ان كل هذا الخوف (phobia) ناجم عن عقدة نفسية فى لا وعى (unconscious /subconscious) مصدر النص نتيجة التجارب و الخبرات السالبة و السلبية مع المرأة منذ طفولته المبكرة مروراً بمرحلة الشباب و النضج و حتى بلوغ مرحلة الشيخوخة؛ و نتيجة لذلك و لدت عنده عقدة الخوف من النساء (gynophobia) بنص هو فى حقيقته إمتهان لله ذاته عندما يقرر إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ و عليه يأتى نص (إن لكيدهن عظيم) مؤيداً و مدعماً له لكى يغرس الخوف عميقاً فى عقل الرجل فتكتسح النصوص أى محاولة للنقد أو المراجعة. و بالتالى فإن عقدة الخوف من النساء (gynophobia) – فهى نسخة من الشيطان إن لم تكن الشيطان ذاته و هى ذات كيد عظيم إن لم تكن الكيد نفسه – نتج عنها عقدة مركبة أخرى و هى عقدة كراهية النساء (misogyny) لدي مصدر النص.

و رغم قلة الأبحاث فى هذه الظاهرة المرضية التى يُطلق عليها كراهية النساء (misogyny) فقد تم تعريفها على أنها خوف و كراهية و إحتقار مبالغ فيهما و غير معقولين من الرجل نحو المرأة. و على الرغم من التوصل الى تعريف شامل لظاهرة كراهية النساء (misogyny) الا انه من الصعب تحديد أعراضها (symptoms) لمقدرة كاره المرأة (misogynist) على التخفى و المناورة و الظهور بمظهر المحايد بل أحياناً بمظهر المدافع عن حقوق المرأة أى انه يظهر فى العلن عكس ما يبطن و لكنه فى جميع الحالات ينتابه خوف غير معقول و شعور بالذعر و الهلع و الرعب لرؤية إمرأة مع إزدياد سرعة ضربات القلب و سرعة التنفس و غثيان و جفاف فى الحلق و رعشة فى جسده كله و قلق و محاولة تجنب الموقف. كل هذا يحدث نتيجة صراع ينشب داخلياً فى نفسية كاره النساء (misogynist) بين الخوف الشديد من و الإنجذاب الشديد لنفس الشخص (المرأة) مع أضطراب ذهنى و وجود مشاكل جنسية.

كما ان الشخص (أى الرجل) الذى يُطلق عليه "كاره النساء" (misogynist) أو الذى يكون بالفعل كذلك هو نتاج بيئة و ثقافة و تربية و تعاليم دينية ينحصر فيها دور المرأة فى كونها شخصية ثانوية و وعاء إنجاب "للذكور" و لا مانع أن يتجرع الرجل الأسى و المرارة إذا كان نتاج هذا الوعاء "أنثى أو بضعة إناث" فى سبيل و على أمل و فى إنتظار انجاب "الذكر الميمون". و هكذا تنمو فكرة (إن لكيدهن عظيم) التى تنمى فى الرجل الخوف من المرأة خشية سطوتها أو إمتلاكها له و السيطرة عليه. و فى نفس الوقت المرأة هى التى تعطى الحياة و مصدر لإشباع إحتياجاته البيولوجية و العاطفية و لا أدل على ذلك من مقولة الرجال فى مجتمعاتنا الشرقية أن (الزواج شر لابد منه) فيكون أقصى طموح للرجل هو العودة للمكان الاَمن (secure and safe place) الذى هو الرحم (womb) الذى أُجبرعلى الطرد منه (كما طُرد اَدم من الجنة) بفعل مشين (الولادة) (فى مقابل إعطائها التفاحة له) التى تقوم به المرأة "الأم". هذا المكان الاَمن "الجنة" أو "الرحم" (womb) و الطريق منه و اليه "المهبل " (vagina) الذى طُرد منه الرجل يتحول الى ملكية خاصة مسلوبة منه لابد أن يستردها فيسكن لهذا المكان الاَمن و يجد فيه راحته و هدؤه و سكينته و سلامه و ملذته. و عند العودة اليه لا يعود بهدؤ و سلام و سكينة و صمت بل يعود إليه غازياً و فاتحاً بدقات الطبول و إطلاق الأسلحة و الألعاب النارية ليس إبتهاجاً بتكوين خلية إجتماعية جديدة بل بما سيقوم به هذا الغازى الفاتح حتى و لو كان قد دفع ثمنه "المهر أو الصداق" و هكذا يتم الفصل بين المرأة من جهة و بين رحمها (womb) و مهبلها (vagina) من جهة أخرى و تتحول المرأة عند هذا الرجل الى حارسة و راعية و مستأمنة و خادمة على ملكيته "المهبل والرحم" (vagina and womb) و أى عمل تأتيه المرأة يهدد ملكية الرجل "لمهبلها أو رحمها" (vagina and womb) هو عمل إجرامى و خيانة عظمى و عار و مسبة لا يمحوها إلا قتلها. و هكذا تحولنا ثقافتنا الى كارهين حاقدين منتقمين بشعين نحو المرأة التى نحاول أن نداريها و نخفيها بوضعها فى كبسولة الحجاب و الخمار لأنها عورة من شعر رأسها حتى أخمص قدميها و ندعى أن كرامة المرأة فى وضعها فى هذه الكبسولة و يتحول الرجال جميعاً الى مرضى بالذهان الجنسى و يكون مجرد الهدف أو الغرض من هذه الكبسولة التى نوضع فيها المرأة هو وقايتها من مظنة (الذى فى نفسه مرض) من الرجال؛ و الواقع إننا نعانى من المرض النفسى "كراهية للنساء" (misogyny) و يصبح جميعنا "كارهين للنساء" (misogynists).

"كاره النساء" أو (misogynist) لا يعلم و لا يعرف أنه كاره النساء (misogynist)؛ فـ"كراهية النساء" أو (misogyny) هى كراهية فى اللاوعى (unconscious) تبدأ عند الرجل فى حياته المبكرة (فى طفولته) نتيجة لصدمة تتعلق بإمرأة أو أى "أنثى" تكون هى من المفترض محل ثقة الرجل الكاره للمرأة (misogynist). فالأم، أو الأخت، أو المدرسة، أو الصديقة المسيئه و المهملة يمكنها أن تغرس بذرة "كراهية النساء" أو (misogyny) عميقاً فى الرجل أو الذكر بصفة عامة فى منطقة "ما تحت القشرة" أو "القشرة التحتية" المحيطة بالمخ (brain subcortex)؛ و بمجرد و ضع هذه البذرة، فإنها تنبت و تبدأ فى النمو حيث يشق جزعها "أو ساقها" طريقه الى المناطق الجبهية أو الأمامية للمخ (frontal areas of the brain) مما يؤثر سلباَ على العواطف و على صنع القرار المنطقى العقلانى.

إنه من النادر ملاحظة أعراض و علامات (symptoms and signs) مرض كراهية النساء (misogyny) و لكن مع التعرض الى الأهمال المتزايد و الى الإساءات المتكررة أو التقصير فى العلاج، فإن هذا الغرس السلوكى سوف يصبح أعمق و أكثر بروزاً و و ضوحاً. و لكن حتى عندما تبلغ عقدة "كراهية النساء" (misogyny) مرحلة النضج و الإكتمال (maturity) و حتى عندما لا يمكن السيطرة على الميل أو الإتجاه للسلوك المفعم بكراهية و إحتقار النساء، فإن كاره النساء (misogynist) و من حوله من النساء أيضاً غالباً ما يجانبهم الصواب فى ملاحظة هذه الحالة حتى فوات الأوان.

نكتفى بهذا القدر عن خلفية ظاهرة كراهية النساء (misogyny) بما لها من تأصيل و تجذير فى عقدة الخوف من النساء؛ (gynophobia) و سوف نكمل الحديث عنها فى المقال القادم الذى يتعرض لبعض سمات كاره النساء و كيف يمكن إثباتها بالنصوص و الأدلة من سلوكيات مصدرها التى تشير الى إحدى سمات كاره النساء فى مقدرته على التخفى و الروغان حتى لا تُكتشف كراهيته لهن فيخسر أهم سند و معضد له. دمتم بخير و سلام.
رمسيس حنا



#رمسيس_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الذى يدفع الثمن؟ فورة الغضب
- السامى اللبيب و التأصيل العلمى و النفسى لثقافة الأديان السال ...
- من الذى يدفع الثمن؟ 2 -الإكذوبة الكبرى-
- من الذى يدفع الثمن؟ 1
- من هو الله الذى يدحض وجوده السامى اللبيب؟
- أنياب الذاكرة -شعر-
- تأملات فى السقوط 3
- تأملات فى السقوط 2
- تأملات فى السقوط 1
- الفلاح و التلميذ
- الرافض للحقيقة (قصة قصيرة)
- -موسرب- أو الفلاح المصرى الذى مات واقفاً -قصة قصيرة-
- الى إمرأة غانية (شِعر)
- إعتذار لسيدتى العراقية (شِعر)
- تباريح وطن (شِعر)
- الطاعون فى العراق - شِعر - الى المضطهدين و المهمشين بالعراق
- إغتراب (شِعر)
- دماء فى القلب المقدس (قصة قصيرة جزء 3 و الأخير)
- دماء فى القلب المقدس (قصة قصيرة جزء 2)
- دماء فى القلب المقدس (قصة قصيرة جزء 1)


المزيد.....




- بلومبرغ: دول مجموعة السبع تبحث تخصيص 50 مليار دولار لأوكراني ...
- كيف تساعد الصين إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية؟
- مطالبات في لبنان بحجب تطبيق تيك توك إثر استخدامه من عصابة مت ...
- بعد أن ألمح إلى استعداد فرنسا إرسال قوات إلى كييف.. روسيا تع ...
- وول ستريت جورنال: إسرائيل أمهلت حماس أسبوعاً للموافقة على ات ...
- ماكرون وشولتس -ينسقان مواقفهما- بشأن الصين قبل زيارة شي إلى ...
- بوريل: نهاية الحرب واستسلام أوكرانيا -خلال أسبوعين- حال وقف ...
- زاخاروفا تعلق على تصريح بوريل حول وقف إمدادات الأسلحة إلى كي ...
- مصرع 37 شخصا في أسوأ فيضانات يشهدها جنوب البرازيل منذ 80 عام ...
- قناة -12- العبرية نقلا عن مسؤولين إسرائيليين: وفقا للتقديرات ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رمسيس حنا - السامى اللبيب يكشف عن عقدة كراهية المرأة (Misogyny)