|
ألديغلوسيا..في العربية
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4930 - 2015 / 9 / 19 - 10:58
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
-رُحت عكوبات حوليم ، والأحوت قالتلي لازم أعمل بديكات دام ، وعملتها والنتيجة بسيدر ..!! كُنا أنا ، زوجتي وصغيرتي في زيارة لأقربائنا في الأُردن ، للمشاركة في حفل زفاف ابنة بنت خالتي وابنة صديقي من أيام الطفولة ، زوج بنت خالتي . رافقتنا في هذه الزيارة شابةٌ صديقةٌ للعائلة وجارتنا في الحي الذي نشأتُ فيه . وهي عانسٌ تجاوزت الخمسين ، وكسبت لقمتها من العمل في النظافة في عيادة صحية محلية عامة .. دار حديثٌ على وجبة الغداء الدسمة ، حول الأوضاع الصحية للجالسين حول المائدة ، فقالت الصديقة هذه الجملة ، وهي تعتقد بأنها تتحدث العربية...!! لم يفهم الجالسون حول الطاولة ما قالت، وقُمتُ بالترجمة الى العامية الفلسطينية العربية .. وحينما نتحدث عن الديغلوسيا ، فاللغويون يقصدون بذلك ، إزدواجية اللغة ، ولربما ليست هناك ترجمة صحيحة ودقيقة لهذا المُصطلح ..!! فلكي تكون هناك إزدواجية لغوية ، يجب ان يمتلك الإنسان "ناصية" لغتين ، على غرار ثنائية اللغة (البي- لينغوالية ).. بالمُختصر حين نتحدث عن الديغلوسيا ، فإننا نتحدث عن "طغيان" أو تطور لغة جديدة من رحم لغة "رسمية " ما ..!! فالعربية الفصحى الرسمية ، والتي يتغنّى بها "العروبيون " والإسلاميون " ، ليست لغة أُمٍ لأي إنسان على وجه الأرض، كما كتبت باحثةٌ لغوية مشهورة من مواطني اسرائيل الفلسطينيين .. لذا نرى بأن مَن يُطلقُ عليهم ، العرب المنضوون تحت "كساء" القومية العربية الواحدة ، يفتقدون الى أحد أهم الروابط العملية ، لتجعل منهم أمةً واحدة ، "ذات رسالةٍ خالدة "... ألا وهي اللغة المُشتركة. فالمغربي " العربي" ، يتحدث لغةً لا يفهمها المشرقي "العربي" ، بل هناك حاجة الى لغة مشتركةٍ بينهما ، لكي يتفاهما . وهذا هو حال "الشعوب " العربية الأُخرى ، فلهجتنا الفلسطينية تختلف من منطقة الى أُخرى ، بل وتختلفُ جوهريا بين فلسطينيي إسرائيل والفلسطينيين أينما تواجدوا . فقد نشأت مع الزمن لغةٌ جديدة هي خليط من العربية الفلسطينية والعبرية ، والتي أطلق عليها الباحثون في علم اللغات ، من العرب الفلسطينيين الاسرائيليين ، إسم العربرية !! والجملة أعلاه خير نموذج على ذلك .. فالشابة التي قالت جملتها تلك في بداية المقال ، كانت تحسبُ نفسها تتكلم العربية مع عرب فلسطينيين تربطها بهم أواصر قرابة ..!! لكن لماذا يُشغلُ هذا الموضوع ، بال الباحثين والمُختصين ؟؟ يتضح بأن الطالب العربي ، يتعرف الى اللغة العربية الفُصحى الستاندرتية ، في بداية حياته المدرسية ، والتي تبدأُ في جيل الست سنوات ..بينما في سنواته الأولى ، كانت لغة أُمه، العامية أو اللهجة المحلية . وهكذا يشعُرُ بأنه يتعلم لغةً أجنبية جديدة ومجهولة .. وتظهر أوجُهُ الإختلاف بين "لغة أُمه" ، وبين اللغة العربية الستاندرتية ، في إختلاف النطق ، لبعض الحروف ، وطُرق الكتابة العربية المُعقدة، فغالبية الحروف تأخذ أشكالا مختلفة عند كتابتها في أول الكلمة ، وفي وسطها ونهايتها ..!! لذا ،تُشيرُ نتائج النجاح في امتحانات اللغة العربية لطلاب الثانوية ، غير المشجعة ،بل والمتدنية إلى أن الطالب العربي يجدُ صعوبةً بالغةً في "حل" امتحان اللغة العربية ..!! لكن التعليم الرسمي ، عندنا وفي البلدان "العربية" ، لا يأخذُ بالحُسبان ظاهرة الديغلوسيا ويتغاضى عنها وكأنها غير موجودة بتاتا ، ويطلب من "الطُلاب" مستوىً لغويا ، وكأن اللغة الفصحى الستاندتية هي لغة أُمه ..!! ترجمة الفقرة الافتتاحية : وهي كلمات عبرية دخلت اللهجة الفلسطينية الاسرائيلية ، من العربرية كوبات حوليم : هي عيادة صندوق المرضى ،يعني عيادة .. الأحوت : الممرضة بديكات دام : فحص دم بسيدر : جيدة ، او حسناً ،أو عال .. ما قالته "خريجة " الصف السادس الإبتدائي : بأنها ذهبت للعيادة ، فطلبت منها الممرضة أن تجري فحص دم ، وكانت نتيجة الفحص جيدة ..!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طبقية السجائر ..!!
-
عُنفٌ وناراتيف ..
-
عَرَب وَكُتُب..؟؟!!
-
إيّاكَ ثم إيّاك يا نضال ..!!
-
ألقانون والجُناة ..
-
الحَكي فِشْ عَليهْ جُمرُك..يا أُستاذة فاطمة.!
-
دُرزي..!!
-
نعمةٌ أم نقمة ..؟!
-
الإمام الأكبر وضمير الغائب؟؟!!
-
ألطفل والبحر- مرثيةٌ للبراءة
-
ليلى اليهودية ..؟!
-
عالمدرسة راجعين، -شهداء- بالملايين ..!!
-
مُسلم ..؟!
-
مسيحي ..؟!
-
غسان كنفاني في فيينا .
-
مُعتصم
-
ألبنات والكاميرا ..
-
ألوجبة الأخيرة ..
-
حَوَّة ..
-
إبن المجنونة .
المزيد.....
-
إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟
...
-
الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا
...
-
وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي
...
-
وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا
...
-
حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ
...
-
انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية
...
-
في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟
...
-
دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول
...
-
أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ
...
-
-واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى
المزيد.....
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
-
آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس
...
/ سجاد حسن عواد
-
معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة
/ حسني البشبيشي
-
علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|