أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم حسن محاجنة - حَوَّة ..














المزيد.....

حَوَّة ..


قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا


الحوار المتمدن-العدد: 4903 - 2015 / 8 / 21 - 12:13
المحور: الادب والفن
    


حَوَّة ..
أطلقَ عليها أبوها ، إسمُ حواء الرقيق ، ليختزل بها كل النساء الجميلات ، لقد كانت في نظره أجمل الجميلات على وجه الأرض . لكن ما ألعمل مع هؤلاء الفلاحين ، الذين يقتصدون في كل شيء ، فقد تحول لفظ حواء المنساب والموسيقي ، في أفواههم إلى لفظٍ فظٍ ، حوّة ، ينطقونه وكأنهم يُلقمون كلبا، حجرا كبيرا.
–أنا إبن حواء ..من زوجها ألثاني أبي ، ويُقالُ بأن لي أُخوة في بلدتكم ، هل تعرفونهم ؟! قال متسائلا ..- أنا أعيش في هذه البلدة منذ مولدي ، توفيت أمي ، أما أبي فهو نزيل أحد بيوت العجزة ، هنا في هذه البلدة اليهودية ، طوال عمرنا نعيش معهم وبينهم . استمر في مونولوجه دون أن ينتظر جوابا من شخصين التقاهما صدفة في تلك البلدة ، ذات صيف .
أكبرهم سِنّا ، سمع بِحَوّة ، بل ربطته علاقة إجتماعية ، بإبنها وبنتيها ..
-أحقاً أنتَ ابنها ؟! لقد إختفت من بلدتنا ربما قبل مولدي ، أو في طفولتي المُبكرة ، لكنني لم أرَها ، أمّا إسمها فهو ما زال يتردد على الألسن في البلد . يذكرونها بإشمئزاز ..
ذاتَ يوم ، أحضر سائق تاكسي يعملُ في المدينة الكبيرة ، رجلا يقارب الستين ، واسمه فخري، لبيت اخته العانس "صابرة ".. وأخبرها بأن أخاها ينام على الأرصفة ، ويبحثُ في صناديق القُمامة عن طعام وقد مضت فترةٌ طويلةٌ وهو على هذه الحال .
- لا أُريد أُجرة ولا شكرا.. !! أشفقتُ عليه فأحضرتُه ، فهو بحاجة إلى رعاية وعلاج وبيت يأويه .
شكرته على شهامته ، لكنها همهمت في سرها : - هذا اللي كان ناقصني ..!!
فخري ، وهذا اسمه ، قضى حياته في المؤسسات الداخلية والإصلاحيات ، نشأَ فيها وترعرع دون أن يعرفَ له أُماً ولا أباً بالمعنى الحقيقي ، فوالده المُقعد والغائب عن الوعي ، إلا فيما ندر، والذي لا يستطيع مغادرة سريره بالكاد يتعرف على ابنته العانس التي ترعاه .. وتعتني بكل حاجاته .
تَنقّل فخري من مؤسسة الى أخرى ، حتى بلغ الثامنة عشرة ، بعدها تمّ تسريحه إلى الشارع ، حاولَ أن يجد ذاته ، لكن الشارع كان أشّدُ قسوة عليه من "جحيم " المؤسسات الداخلية .
لطالما حلم بالتقاء أُمه من جديد ، فهو ما زال يذكر السنوات الأولى من عمره ويتحسر عليها .. كان يحظى بالحنان والدلال من أُمه ، وذلك قبل أن "تختفي " من حياتهم فجأة ودون سابق إنذار .. بحثوا عنها ، سألوا معارفها ، لكنها تطايرت وتلاشت وكأنها دُخان سيجارة ..!! لم تعد الحياة بعدها بالنسبة للصغار الى سابق عهدها ، بل تساقطت على رؤوسهم المصائب تباعا .
فقد تقطعت أوصال العائلة ، فها هي الأُخت الكُبرى ، تعود إلى بيت أبيها ، وبصحبتها سبعةٌ من الإناث والذكور ، انجبتهم من زواجها المتضعضع اصلا والفاشل لاحقا ..!!
-إنها لعنةُ حوّة ..!! هكذا تلوك الألسن سيرة حوّة وأبنائها ..
الغريب في سيرتها ، والذي تتجاهله الألسن المُغرضة ، هو زواجها برجل مُسَن ..!! فقد كانت لا تتجاوز الثامنة عشرة ، حين أجبرها أُخوتها على الزواج من هذا الرجل . لكي يتفادوا فضيحة حبها لابن الجيران الذي بادلها حبا بحب .. والحب لا يخفى على أحد كما نعلم .
وما هي الا سنوات معدودة حتى لازم "زوجها " الفراش ، ولا مصدر رزق لهم ليعتاشوا من ريعه!! وكوم اللحم في رقبتها ومن مسؤولياتها . لذا قررت الخروج للعمل ، وحصلت على وظيفة عاملة نظافة في احدى المستشفيات الكبيرة ، عملت بجد ونشاط وعادت الى "فراخها" نهاية كل اسبوع ، محملة بكل ما تشتهيه الأنفس وبعض المال .
صبيةٌ وجميلة ، لن يدوم لها الحال ، فهذا من المحال . تقرب اليها مقاول النظافة ، زاد في اجرتها ، واعطاها اسهل الاعمال ، أبدى اعجابه بها ، أفصح عن رغبته في لقاء حميم ، لكنها رفضت !!
-ستهربين معي ونعقد قراننا ... سأهتم بأمر طلاقك وابنائك !! وانساقت وراء الوعد ... واختفت!!
لكنه قضى معها وقتا جميلا وتركها تواجه مصيرها .. !!
غادرت المستشفى والمدينة ، لتعيش في بلدة نائية ، لا يخطر ببال أحد ان يبحث عنها هناك . عاشت وتزوجت من رجل وحيد ، يعمل في رعي وتربية مواشي أحد سكان تلك المنطقة ، وانجبت ، وماتت دون أن يعلم أحد ..!!
أما فخري ، فبعد ان قضى فترة طويلة في مستشفى للامراض النفسية ، عاد للعمل في المدينة الكبيرة ، لكن مرض السرطان عاجله ، فمات في المستشفى ، دون ان يتزوج او ينجب .
وصابرة التي صبرت وعانت من ظلم ذوي القربى وغير ذوي القربى ، والتي رفضت التعرف على اخيها من أُمها ، فهي لا تعترف "بحوّة" أماً لها ولا تطيق سماع اسمها ، فقد قضت اثر طعنات سكين ، من ابن اختها الذي أراد سرقة تحويشة عمرها !!





#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبن المجنونة .
- ألكرافة (ربطة العُنق )
- ألتعدد واْلتَعديد .
- إنتقام ..
- بين العبرانية واليهودية ..
- الأول من جوشي للعام 104 ..!!
- أيُها ألأصدقاء ، تَحَتْلَنُوا ..
- بين طفولتين ..
- ألمُجاهدون أليهود ..
- تَأَسْرَلُوا أو إِرْحَلُوا ..!!
- -ألضباع- ..تنتشي -بالنصر- ..!!
- خراب الهيكل
- خَرابُ حَلَب ..
- عنصرية -مشروعة ولطيفة - ..
- قهوة وعنصرية ..
- -نقاشٌ- مع حمار .
- دولة أم دولتان ؟!
- -مجاهدو - المنابر
- - الترجمة - على أُصولها ..!!
- -لائحة طعام - ألثورات ..!!


المزيد.....




- شاهد رجل يقاطع -سام ألتمان- على المسرح ليسلمه أمر المحكمة
- مدينة إسرائيلية تعيش -فيلم رعب-.. بسبب الثعابين
- اتحاد الأدباء يحتفي بشوقي كريم حسن ويروي رحلته من السرد إلى ...
- الناصرية تحتفي بتوثيق الأطوار الغنائية وتستذكر 50 فناناً أسه ...
- زهران بن محمود ممداني.. من صفعة ترامب بفوز -فخر الهند- والنا ...
- من غزة إلى عيتا الشعب.. حين يتحول الألم إلى مسرح
- الممثلة التركية فهريّة أفجين تتألّق بتصميمين عربيين في أبوظب ...
- تعاون جديد بين دمشق وأنقرة عنوانه -اللغة التركية-
- -ليلة السكاكين- للكاتب والمخرج عروة المقداد: تغذية الأسطورة ...
- بابا كريستوفر والعم سام


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم حسن محاجنة - حَوَّة ..