أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم حسن محاجنة - مسيحي ..؟!














المزيد.....

مسيحي ..؟!


قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا


الحوار المتمدن-العدد: 4909 - 2015 / 8 / 30 - 16:48
المحور: الادب والفن
    


مسيحي ..؟!
كغيره من ألشباب في مخيم اللاجئين الفلسطينيين، كان حُلم غالب أن "يُطَلّقَ" حياة المخيم بالثلاثة، رغم أنه نشأ في أزقته المتربة ، درس في مدارس الوكالة داخل حدوده، لعب مع أترابه، دلفَ المطرُ فوق رأسه أيام الشتاء، تَقلى" تحت حرارته صيفا، جاع فيه وشبع، بكى وضحك، فيه فتحَ عينيه على الدنيا، وفيه أهله وأصدقائه، وفيه تفجرت مشاعره وهفا قلبه نحو إحدى صباياه . رغم كل اللحظات الجميلة ،لكنها كانت نادرة مقارنة بالبؤس والشقاء داخله .
ذاق مرارة البؤس والفقر، وكثيرا ما اشتهى وجبة في مطعم المدينة الكبيرة والتي يرفل اهلها بالثياب الجديدة الجميلة ، لكن ضيق ذات يد أبيه حالت دون تحقيق هذه الامنية البسيطة . كانت ملابسه أسمالا، والحذاء فقد لونه الاصلي وتهرأ في مواضع عديدة لكنه حذاءه الوحيد ولا طاقة لأبيه على شراء جديد. لقد ارتبط البؤس والفقر في ذهن غالب بالمخيم، فهو رمز الشقاء .
تختزنُ ذاكرته قصص ابيه وامه عن قريتهم وبيتهم فيها ، عن ارضهم المعطاء ، عن عين الماء وصباياها الواردات عليها، عن لياليها المقمرة وبيادر غلالها ، عن عُرس ابيه وليالي التعاليل* ،عن الحداء والدبكة على انغام اليرغول ، عن أشياء كثيرة في "قريتهم" ، فلم يكن لأبيه حديثا سواها .
غالب أكبر إخوته، وبنى أبوه أمالا كبيرا على ذكائه وهمته في الدراسة، لقد كان متفوقا في مدرسته ولهذا حظي باحترام زملائه على مقاعد الدراسة وبإعجاب معلميه .
لقد كان يتخيل تلك اللحظات ، عندما سيصبحُ طبيبا ناجحا ، يمتلك عيادة في وسط المدينة الكبيرة ، والمال يجري بين يديه هادرا كشلال .لكن الوضع المادي للعائلة لم يكن يسمح بأن يُرسله للدراسة الجامعية ، لذا كان عليه وبعد حصوله على شهادة الثانوية العامة بتفوق أن يبحث عن وظيفة يكسب منها دخلا يكفي لغرضين هامين ، مساعدة ابيه في مصروف العائلة الكبيرة ، وتوفير قسم صغير يُتيح له دفع تكاليف الدراسة الجامعية .
- روح يا غالب قلبي وربي راضي عليك.. كان دعاء أمه له ، هو ما يسمع عند الخروج من البيت وعند العودة .. بينما لم يكن رضاء الوالد عنه مكتملا.. لأن غالب لا يُصّلي ولا يصوم ..
- الله يهديك ويوفقك يا غالب يا ولدي .. دعاء والده المتكرر عند كل صلاة ، فوالدُه رجل متدين ويكرر بفخر بأنه صلّى وراء الشيخ القسّام مرة في جامع الإستقلال* بحيفا.
وغالب على موقفه من الصلاة، بل ووصل الى اسماع والده بأنه قد انضم الى تنظيم فلسطيني يساري يتبنى الماركسية – اللينينية .
-ما هي المارسكية التي يقولون بأنك انضممت اليها ؟؟!!
قهقه غالب عاليا ، وقال : الماركسية ... الماركسية وليس المارسكية كما قلت ..!!
-لا يهم ..!! لكن اجبني هل انضممت الى هذه الماكرسية ؟؟ ولهذا لا تصلي ..!!
-لا.. اطمئن يا أبي.. فهذه شائعة فقط .. !!
وأخيرا، جاءته الرسالة المنتظرة ، لقد تم قبوله للعمل في السعودية ، مدرسا في مدرسة ابتدائية. ورغم ان المدرسة تقع في قرية نائية ، بيوتها من طين ، وليس بها كهرباء ، فهذا "أحسن من بلاش" ،قال محدثا نفسه ، سأدّخر قليلا منه ، وارسل قسما لأبي في المخيم ، ففي قرية كهذه لا يحتاج المرء إلى أن يصرف إلا القليل من المال .
لقد استقبلهما أهل القرية ، هو وزميل اخر، استقبالا لائقا ب"الاساتذة" ، وفَّرُوا لهم غرفة وفراشين، وثلاث وجبات من الطعام .
-أتريدون أن أُصحيكم لصلاة الصبح ؟! سألهما إمام الجامع ...
-أنا مسيحي..!! سارع غالب قائلا ..
اعتزلهُ أهل القرية وكان هذا ما اراده ، لكنهم قدموا له الطعام، كما قدموا لزميله..
تذمر زميل غالب من ملازمة الامام له، ومواظبته على ايقاظه لصلاة الفجر ودعوته للصلاة في المسجد في اوقات الصلاة .. وغالبٌ سعيد مرتاح ، ينام حتى ساعة متأخرة ، يقرأ ويتحضر للدراسة الجامعية ..
وكما يحدث بين الأخوة، فقد تخاصم غالب مع زميله ، وارتفعت اصواتهما بالشتائم والتهديدات. وحينما كانا يتناولان العشاء في أحد بيوت القرية ، وقد اجتمع كل الرجال بما فيهم الإمام.. بدأ زميل غالب بالحديث ، موجها كلامه للحضور قائلا :- أتعرفون يا جماعة؟! أريد أن أصدقكم القول ، لقد كذبنا عليكم ، فغالب مسلم وليس مسيحيا..!!
وصبيحة اليوم التالي انضم غالب الى صفوف المصلين في الجامع ، ليؤدي صلاة الصبح جماعة.....!!

*التعاليل هي الليالي التي تسبق يوم العرس ، وعادة كانت من سبعة الى عشرة ليالي يقضيها أهل العريس – العروس والجيران بالسهر والغناء.
*جامع الاستقلال، هو الجامع الذي بدأ فيه القسام بالدعوة للثورة ضد الاستعمار البريطاني ، وهو ما زال قائما في مدينة حيفا .



#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غسان كنفاني في فيينا .
- مُعتصم
- ألبنات والكاميرا ..
- ألوجبة الأخيرة ..
- حَوَّة ..
- إبن المجنونة .
- ألكرافة (ربطة العُنق )
- ألتعدد واْلتَعديد .
- إنتقام ..
- بين العبرانية واليهودية ..
- الأول من جوشي للعام 104 ..!!
- أيُها ألأصدقاء ، تَحَتْلَنُوا ..
- بين طفولتين ..
- ألمُجاهدون أليهود ..
- تَأَسْرَلُوا أو إِرْحَلُوا ..!!
- -ألضباع- ..تنتشي -بالنصر- ..!!
- خراب الهيكل
- خَرابُ حَلَب ..
- عنصرية -مشروعة ولطيفة - ..
- قهوة وعنصرية ..


المزيد.....




- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...
- المرحلة الانتقالية بسوريا.. مجلس شعب جديد وسط جدل التمثيل وا ...
- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم حسن محاجنة - مسيحي ..؟!