أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - قاسم حسن محاجنة - طبقية السجائر ..!!














المزيد.....

طبقية السجائر ..!!


قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا


الحوار المتمدن-العدد: 4928 - 2015 / 9 / 17 - 21:59
المحور: كتابات ساخرة
    



عُدتُ قبل أقل من شهر للتدخين ، بعد انقطاعٍ او توقفٍ عنه لمدة 10 أشهر، إثر مُشاركتنا ،أنا وزوجتي العزيزة ، في يوم "علاجي " للفطام عن التدخين ، والذي كلّفنا ما يقارب الألف وخمسمائة دولاراً أمريكيا عدّاً ونقداً. وفي رأينا بأن الذي دفعنا للإقلاع عن التدخين ، هو المبلغ المدفوع "لأصحاب الدَورة" ، لأنها، أي الدورة، كانت هابطة المستوى ولم تُقدم لنا جديدا عن التدخين ومَضّارٍه ، ولم تُزودنا بتقنيات وآليات "جديدة" ، لم نكن نعرفها سابقاً..!!
بدأتُ التدخين في سنٍّ مُبكرة ، فقد كان من ضمن "واجباتي" البيتية ، المسؤولية عن "دُخّان أبي" ، والمقصود بالدُخان هنا، هو التبغ المفروم يدويا .. وورق السجائر ، أي ورق لف التبغ المفروم . وكان إسم هذا الدخان سابقاً وحالياً ، الدُخّان العربي ، تمييزاً له عن السجائر المُصنعة والمُعبأة في عُلب كرتونية .. وبما أن "الدُخّان العربي " كان ممنوعاً ، مثلُه مثل الماريخوانا، في السنوات الأولى لقيام دولة اسرائيل ، فقد كُنتُ الذي يُخبئُ دخان أبي وورق سجائره .. وقد قام قُوات من الشُرطة بتفتيش بيتنا، مرات عدة، بحثاً عن بضائع مُهرّبة ودخان عربي .
ويبدو بأن الدولة أرادت أن "تُساعدَ" شركة تصنيع السجائر الإحتكارية، "دوبك"، لذا أعلنت حرباً على الدُخّان العربي ، حتى العام 67 ، سنة النكسة ، وبعد حصول التواصل بين شقي الشعب الفلسطيني ، توقفت الدولة عن مطاردة الدخان العربي ، لكثرة انتشاره في المناطق المُحتلة. وبما أنني المسؤول عن "مزاج" أبي ، فقد تعلمتُ لفّ السجائر والتدخين في تلك السّن المبكرة . ومن ذكرياتي التي لا تُنسى . بأنني ،ذات يوم ،لم أعُد مباشرة الى البيت من المدرسة الإبتدائية ، وكان أبي بإنتظاري على أحّر من الجمر ، لأن ورق لفّ السجائر ، وكان ابي وغيره من كبار السن يطلقون عليه "دفتر سيجارة "، كان دفتر سيجارته قد نفذت اوراقه ... بحث أبي في كل مكان ولم يستدّل على "مخبأي"، فغضب كثيرا ، لكن ما بيده حيلة ، فأنا في لهوٍ مع اصدقائي على ملعب المدرسة الذي يبعُد كثيرا عن بيتنا ..
وما أن رآني قادماً من بعيد حتى "انفجر" غاضبا صارخا في وجهي : ليش تأخرت؟ شو السيرة ؟ وين مخبي دفاتر السيجارة ؟!
وأظُنُّ بأن هذه هي المرة الوحيدة التي توقف فيها أبي المرحوم عن التدخين لساعات ...الى أن وافتهُ المنية بسكتة قلبية مُفاجئة..!!
ما علينا ، تعلمتُ فن لف السجائر في صغري ، وكُنتُ شريك أبي في "دُخانه العربي " ودفاتر سجائره" ، دون أن يدري ، او لعله عرف بذلك ، وغضّ الطرف ..
في السنوات الأخيرة دخّنت السيجار بكافة أنواعه ، الفاخر جداً ،أتت به بناتي هديةً لي من أمريكا والمكسيك أثناء إقامتهن هناك لفترة سنة واحدة ، لكل واحدةٍ من بناتي الثلاث الكُبريات . والرخيص الهولندي ، بطعم الكرز الذي كُنتُ أشتريه ... ناهيكم عن الهدايا من المُحبين والأصدقاء ،إلى أن تعرضتُ لجلطة قلبية ، وأنا أُدخنُ سيجارا ، فارتعبتُ وتوقفتُ عن تدخين السيجار ..وعُدتُ الى السجائر ، لا فرق بين نوعها ، فكلها مقارنة بالسيجار تحمل نفس الطعم ..
وقد ثارتْ ضجةٌ قبل عدة سنوات على رئيس حكومتنا نتانياهو لأن "مصروف" الدولة على تدخينه ، وصل
تكلفته شهريا ، العشرة الاف شاقل ، أي ما يُقارب الثلاثة الاف دولار شهريا ... والسيد نتانياهو "حبيب الرأسمال" ، لا يسمح له بريستيجه بأن يُدخّن سيجارا رخيصا ..
هكذا كان حال بريستيجي ، حينما دخنتُ السيجار ، فقد كان بريستيجاً "ارستقراطيا"...
وبعد أن ارتفعت اسعار السجائر بشكل جنوني ، نتيجة زيادة الجمارك عليها ، "عاد" الدُخان العربي للحياة ، بعد ان كان نسياً منسياً ، وتحول كثير من المدخنين الى الدخان العربي ، الذي يُباع على شكل تبغٍ مفروم ، أو سجائر ملفوفة ، وبسعرٍ بخس .. فأرباب الأُسر الذين يُعيلون عوائلهم ، من كدِّهم وعرق جبينهم ، توقفوا عن شراء عُلب السجائر باهظة الثمن واستعاضوا عنها بالدُخّان العربي ... الذي له رائحة مميزة غير مستحبة أو غير مقبولة .. لأن الناس تعوّدوا على الرائحة "اللذيذة" لسجائر الشركات الكُبرى ..!!
-طيب يلّا (أي انصرف) ، وبتدخن عربي كمان ؟! قالها لي شاب ،لم يسبق لي التعرف عليه ،قالها بنبرة استعلائية ساخرة مُزدرية ، فقد عرف بريستيجي من نوع سجائري العربية ذات الرائحة النفّاذة ..!!
وبهكذا انضممتُ الى طبقة البروليتاريا الرّثة ، وتحول بريستيجي من قمة الهرم الارستقراطي ، مع مدخني السيجار ، يليهم مُدخني المارلبورو وأشباهه ، ثم مُدخني السجائر محلية الصُنع باهظة الثمن ايضا ، الى قاع الهرم مع الفقراء والمساكين من مدخني السيجارة العربية ، ولم تنفعني ثقافتي ولا ذكائي ..!! لكنني لم افقد الأمل بالعودة الى وضعي "الطبقي" السابق ، وذلك بعد إنهاء اولادي دراستهم الجامعية ..!!



#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عُنفٌ وناراتيف ..
- عَرَب وَكُتُب..؟؟!!
- إيّاكَ ثم إيّاك يا نضال ..!!
- ألقانون والجُناة ..
- الحَكي فِشْ عَليهْ جُمرُك..يا أُستاذة فاطمة.!
- دُرزي..!!
- نعمةٌ أم نقمة ..؟!
- الإمام الأكبر وضمير الغائب؟؟!!
- ألطفل والبحر- مرثيةٌ للبراءة
- ليلى اليهودية ..؟!
- عالمدرسة راجعين، -شهداء- بالملايين ..!!
- مُسلم ..؟!
- مسيحي ..؟!
- غسان كنفاني في فيينا .
- مُعتصم
- ألبنات والكاميرا ..
- ألوجبة الأخيرة ..
- حَوَّة ..
- إبن المجنونة .
- ألكرافة (ربطة العُنق )


المزيد.....




- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - قاسم حسن محاجنة - طبقية السجائر ..!!