أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - العراق والصيف وقاذفات المسوخ المتطورة














المزيد.....

العراق والصيف وقاذفات المسوخ المتطورة


محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)


الحوار المتمدن-العدد: 4879 - 2015 / 7 / 27 - 20:33
المحور: كتابات ساخرة
    


كلما يحتدم المشهد وتزداد الفوضى تسوقني الذاكرة الى زمن مضى , وتلك الحالة أعترف أنها مرضيّة تصيبني وكل المخضرمين الذين عاصروا أجيالاً مختلفة لتجعلنا مثل أصحاب الأعراف أولئك التائهين بين الجنة والنار عدا فرق واحد يميزنا , هم - وبحسب تنظير رجال الدين الذين لا أثق بهم - محشورين في نفق بنهايتين , أي أن لديهم خيارين , الأول نار مستعرة والثاني جنة المنتهى , أما نحن فتائهين لا نملك سوى خيار واحد لاشريك له , قابعين بين نارين أفضلها تحرقنا , فصار ماضينا فسحة نهرب أليه لننتشي حين نستعيد ذكرياتنا , رغم يقيننا أنها لاتختلف عما نستهلكه اليوم من عمرنا , ربما لأن المعاناة والآلام صارت ماضي أنطوى في حينها , ترانا نسبرها مطمئنين لنستذكر أيامنا , رأيت كما يرى النائم في حلم اليقظة أنني عدت الى العام 1976 والمكان بغدادنا , والأخيرة كانت مغناج تتطلع الى العالم بعيون الحرمان والبساطة التي تغلب على أهلها , حصلت حكاية في تلك الفسحة المذكورة حين أشترى الأهل من الشركة الأفريقية (مبرّده - كوولر) نستخدمها بين الحين والآخر وليس دائماً , كانت الكهرباء في ذلك العصر مستمرة ولاتنقطع مطلقاً (صدقوني وأقسم لكم ) , ففي ذلك الزمان لم تكن هناك فتحة أوزون ولا (تربان) ولا يورانيوم منضّب , درجات الحرارة التي تتبع قانون المناخ العراقي بأنه (حار جاف صيفاً وبارد ممطر شتاءاً كما ورد في كتب الجغرافية) كانت بكل الأحوال لاتصل الى الخمسين كما يحصل الآن في صيفنا, كان البلد عبارة عن بستان أو حديقة خضراء كبيره , بغداد بالذات كانت بساتينها تمتد من أبو غريب وساحة عدن والرستمية لنرى أمتداداتها في الصالحية والشاكرية والكرادة وباب المعظم , مكان الأذاعة الحالي (الذي صار مقر لدائرة عملاقة يسمونها التلفزيون) كانت بستاناً بنخيل عالي تكبد الأولاد عناءاً ليجدوا مساحة جرداء صغيره يستغلونها في لعب كرة القدم والأخيره أيضاً كانت صرعة جديدة كما شرائنا للمبرّده , ولكي لا تضيع الفكرة سأحكي لكم ماحصل بسبب تلك (المبرّده) , فبعد مراسم الذهول والفرح بالقادمة الجديدة والعزيزة , قرر الأهل أن يشغّلونها فقط عند زيارة الضيوف لبيتنا , فمن البطر أن تشتغل للعائلة , هم لايعلنون السبب لكنني أعرفه فهو لدواعي التفاخر أو(الكشخه) كما يسمونها وهي أمور عادية في مجتمعنا رغم مايقولون أن هوائها العليل يعتبر تكريماً للضيف يفوق الطعام والشاي والقهوة , الغريب في الموضوع أن تلك المبرّده وكلما تم تشغيلها كانت تقذف على الضيوف قطة من النوع الكبير الذي نسمّيه (عتوي) , وكثيراً ما يسقط (العتوي) في حضن أحد الضيوف , وهم في العادة قادمين من مناطق بعيدة , فتصيبهم رهبة لم يروها في حياتهم , تجعلهم يتركون الطعام والشاي ويسارعوا بالأنصراف والهرب , وأستمرت (المبرّدة) بقذف (العتاوي) وعجز الأهل عن منع القطط من النوم في المبردة رغم جهودهم بأغلاق كل الفتحات التي يفترض أن تدخل منها القطة , أطلقنا على تلك المبرّدة أسم (المبرّده الحاضنة) فهي حضن دافيء للرعب الذي يصيبنا ويرهب ضيوفنا , أنتهت حكاية المبردة بعد أختراع المبردات الأكثر تطوراً , فقد صارت محكمة حتى أوشكت على الأنقراض بعد أختراع التكييف الذي صار بأنواع وأشكال شتى , لكن مع تطور تلك الأجهزة , أنتقلت العدوى لأجهزة وأماكن أخرى , ففي السنين الأخيرة رأيت فيما رأيت شاشات للتلفاز تقذفنا بمخلوقات غريبة , شبكات النت ومواقع (السوشيال ميديا) ترمينا بأشياء قذرة ودبقة , الشوارع والمحلّات والأزقة هي الأخرى تقذفنا بكائنات عجيبة ممسوخة , تصوروا أن بينها ديناصورات أتت من عصور سحيقة , وحمير تعود لألف سنة , وجرذان تسقط في الحضن لتبطح الضحية وتلتهمه بلحظة , سلاحف و تماسيح تدلق الدموع لتفترسنا , حتى راودتني فكرة مرعبة , جعلتني على يقين بأن فرانكشتاين عاد للعراق ومعه ملايين من شاكلته يصنعون المسوخ ليقذفوها بأحضاننا , فهربت للماضي وترحمت على المبرّدة أيّاها والتي سميناها (حاضنه) فهي أرحم من مهرجان القذف الذي أفقدنا حاضرنا ومعه ذاكرتنا , أنتهى .






#محسن_لفته_الجنابي (هاشتاغ)       Mohsen_Aljanaby#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حملشة أمريكا والعراق
- نحن لا نزرع الموز
- 14 تموز عيد وطني أم يوم للأقتتال والتناحر !
- مسؤول أم جرذ أم جلّاد
- أن تتفرج لن تكون من الأبطال
- رحلة قطار التاسعة
- الدين وكارثة التبشير
- موجز أخبار الإختطاف
- حكاية من عمق الأزدواج
- ليلة إبتزاز نبيل جاسم
- خايف عليها تلفان بيها
- إستشراء تحت الغطاء
- رسالة مفتوحة الى الدكتور حيدر العبادي المحترم
- نبوئة نيويورك بالتيمور طويريج
- العراق وحكاية الرقّي والمجنون والحوائج الكريهة
- مواسم الإعلام الخليع
- أخطاء جسيمة في المشهد الدولي
- حوبة العراق ومايحصل في اليمن
- العالم يحتضر فيما نحن ننتصر
- عاجل مستشفى الرشاد


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - العراق والصيف وقاذفات المسوخ المتطورة