محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل
(Mohsen Aljanaby)
الحوار المتمدن-العدد: 4868 - 2015 / 7 / 16 - 22:21
المحور:
كتابات ساخرة
أراد باحث أن يدرس شخصية الأنسان حين يحكم عليه بالأعدام , فأجتمع مع مدير أحدى الأصلاحيات , وأتفقا على خطة سريّة لايعلم بها سواهما , بأن يتقمص الباحث نفسه شخصية المحكوم بالأعدام , ولكي تكتمل الصورة جهّز له المدير ملفاً مفبركاً وجعله يرتدي البدلة الحمراء وأدخله على أنه نزيل جديد قادم من أحد المحاكم ليعايش المحكومين ويسبر مالديهم من أغوار على أن يبقى معهم لعدة أيام بغية أنجاح بحثه ليكون قنبلة البحوث والدراسات في ذلك العام
كان الأمر عاديّاً بالنسبة للباحث , تحدث خلاله المحكوم الجديد -الباحث نفسه - عن قصة لفقها له المدير لتكون السبب في الحكم عليه بالإعدام رواها للنزلاء , وتعرف على بعض المحكومين ليعرف شعورهم وخفايا صدورهم ويسجلها خلسة في أوراقه التي صارت سجلاً لليوميات , حتى ورد الخبر الكارثة
فقد جاء أحد الحرّاس وأخبر المحكومين بأن مدير السجن مات !
أصيب المحكوم المزيّف بنوبة فزع فصرخ من الشباك : أنا لست بمحكوم أنا باحث , أنا أتفقت مع المرحوم مدير السجن على أن أمثّل دور المدان ولست بمدان , لم يصدقه أحد , فقد أجابه الحرّاس أنه محكوم وسيصادق حكمه وينقذ به الأعدام ,فلم تجدي كل التوسلات , وأصعب مافي الأمر هو عدم وجود أي تصال مع العالم الخارجي هناك !
عاش الباحث أيام رعب لم يراها في عمره الطويل وهو يستعرض حياته التي أنتهت مع عبث ظالم للأقدار كانت أيام مريرة لا يعرفها إلا المحكوم بالأعدام وأستسلم بالنهاية كمفجوع دون حراك .
تلك الحكاية حقيقية حصلت في زمان ومكان في العراق , لعب فيها مدير السجن دوراً لم يسبق أن قام به إنسان تجعل القلوب تعتصر من الألم , لولا المفاجأة في نهاية الحكاية , حيث تبين أنه -المدير- كان حي ولم يمت , لكنه أراد أن يجعل الباحث يشعر بالمعاناة الشخصية للمحكوم بالأعدام , ليذوق المعاناة الحقيقية الداخلية وليست الخارجية , خصوصاً اذا كان المدان من الأبرياء , من شدة الصدمة لم ينشر الباحث بحثه وتركه وهو يقلبه بين فترة وأخرى ليرجعه مابين الأدراج , فليس كل ما يعرف يمكن أن يقال !
#محسن_لفته_الجنابي (هاشتاغ)
Mohsen_Aljanaby#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟