|
بعد جريمة تدميرو نهب التحف الاثرية في الموصل ..هل يتخلى المجتمع الدولي عن كسله و ميوعته في التصدي بحزم لعصابات داعش ؟
رزكار نوري شاويس
كاتب
(Rizgar Nuri Shawais)
الحوار المتمدن-العدد: 4733 - 2015 / 2 / 27 - 17:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ان عظمة الايمان و الدين و دوره الايجابي في اغناء الحضارة الانسانية تتجلى في قدرتها على البناء و تنظيم الحياة و تطوير الفكر على دروب تقدم الانسان نحو تحقيق سعادته و ضمان امنه و رفاهه و ليس في ان تتحول مناهجا للاستبداد و الهدم و اشاعة الفوضى و الارهاب و الخراب وان تتحول الى قوة ارتداد حضاري ظلامية غاشمة تتصدى بالبطش و الارهاب و التضليل و التحريف لكل مناهج تقدم الفكر النيرة نحو المزيد من الارتقاء.. وفي زمننا هذا ليس ( داعش ) الا نموذجا حيا من ايديولوجيات التعصب المتخلفة المعادية للانسانية و التراث الانساني و التقدم الحضاري . ففي كل يوم يمر تؤكد عصابات داعش و بتحد سافر للمجتمع البشري عدائها البربري المريض للآنسانية و تراثها التاريخي ومن اخر جرائم هذه العصابات البربرية جريمة ( اعدام ) العشرات من القطع ا التاريخية التي لاتقدر بثمن (باستعراض همجي مقرف) و ذلك بتحطيم كل التحف و اللقى الاثرية في متحف مدينة الموصل و غيره من المواقع الاثرية التابعة للمدينة و التى تعود لسلسلة بالغة القدم من الحقب التأريخية المتعاقبة للحضارات الاشورية و الميتانية و الميدية و الكلدانية و الى الاسلامية .. الجريمة الداعشية الجديدة هذه كغيرها من جرائمها السابقة ليست الا اصرارا و تأكيدا صريحا لنهجها الظلامي المتعصب الذي يشكل الايديولوجيا العقائدية الغاشمة و العدائية للآنسان و حضاراته والتي تتبناها كعقيدة و نهجا إيمانيا في اطار ديني مشوه يجتمع في صفوفه ابشع و اقبح النفسيات الاجرامية المريضة من قتلة محترفين و مزيفين و منحرفين و لصوص و مهربي الاثار وتجار المخدرات و الاسلحة وسماسرة الرقيق الابيض والأتجار بالاعضاء البشرية لضحاياهم ، و بلا شك فإن ازلام داعش و بعد ان نهبوا و سرقوا ما خف وزنه و سهل نقله من التحف و اللقى الاثرية قاموا و بمبرراتهم الدينية المعوجة بتدمير ما لم يتمكنوا من نقله كتغطية لغنائمهم التي نهبوها .. ان التأريخ الآنساني افتخر دائما بحضارة وادي الرافدين و اشاد به كواحدة من لبنات اسس تطور و نماء عموم حضارة الانسان و ثقافاته في مشارق الارض و مغاربها ، و عليه فإن ما اقدمت عليه داعش ليس الا تنفيسا عن حقد اعمى و بليد على الفكر الانساني ككل و تجسيدا لشيء من احلامها المريضة لقمع و تخويف اغتيال هذا الفكر . و بالطبع فإن ما حدث يعد خسارة لا تعوض للتراث الانساني . والان و بعد هذه الجريمة الظلامية النكراء يتسائل المرء ، هل يبقى موقف المجتمع الدولي ومعه العربي و الاسلامي على ميوعته و كسله في التحرك بفعل قوى و حازم ( بعيدا عن حسابات المصالح و المنافع الفردية و الاجتهادات السفسطائية المتناقضة ) لأنهاء كابوس داعش البغيض ، الأمر الذي يصب لصالح الجميع . ان عداء داعش ليس ضد مجتمع محدد او حضارة معينة ، بل هو عداء و مقت بغيض اسود لكل النور الذي ينير فكر الانسان و ذاكرته الحضارية اينما كان ، و هكذا فان مهمة الرد على هذا العداء و العدوان على الانسانية و الحضارة ، هو مهمة كل قوى الخير و النور وهي معرضة للأنتقاد بكل تأكيد في حال تلكؤها عن الرد على جرائم داعش المستهترة بفعاليات حازمة ومن دون رحمة لأستئصال هذه العصابة الاجرامية بأفكارها و دعاويها المسخة من جسد و فكر الآنسانية استئصال الورم السرطاني . فداعش يجب أن تعامل معاملة الداء و الوباء الخبيث الذي ينتشر اينما نقصت المناعة و التحصين ضدها ، فهي تضرب و تؤذي و تلحق الضرر و ترتكب جرائمها اينما تمنكت من ذلك و واتتها الفرصة ، و هكذا أي تلكؤ و تأخير في محاصرة داعش و القضاء عليها يعني المزيد من الخسائر للمجتمع البشري ، و ان قوانين العالم المتحضر يجب ان لا توفر بأي شكل من الاشكال الحماية و الملاذ و حرية الحركة لداعش و غير داعش من العصابات الارهابية الاجرامية التي تنشط و تتحرك تحت غطاء العقيدة و الدين و غير الدين فالجريمة تبقى جريمة مهما كانت دوافعها و حججها و ان تنظيمات داعش و أخواتها ليست سوى تجمعات لعصابات ( من نمط عصابات الجريمة المنظمة ) بدائية الفكر همجية النهج و تعادي بكل صراحة و بعقليات مختلة تطلعات الانسان نحو حياة افضل وكل القيم و المباديء الانسانية و كل ماهو مدرج في لوائح حقوق الانسان بندا بندا و لا رادع اخلاقي او فكري يمنعها من ارتكاب المزيد و المزيد من الجرائم و المنكرات بصيغ و اساليب ابشع و أبشع ، و عليه يمكن القول ان التحرك الدولي المائع و الكسول أمام جرائم داعش و مثيلاتها بات غير مقبولا ولا يكفي ، فالتلكؤ هذا يعني منح داعش المزيد من الفرص لأرتكاب المزيد من الجرائم .. ختاما نقول .. ان جريمة تدمير و نهب اللقى والتحف الاثرية في ( الموصل) و غيرها من المواقع التاريخية ليست ضد الموصل و اهاليها فحسب و ليست ضد حضارة وادي الرافدين و تراث العراق التأريخي او ضد مجمل المنطقة و شعوبها ، بل هي جريمة بحق العالم و المجتمع الانساني ككل ، جريمة بحق حضارات و أدلة تأريخية مادية و ملموسة انجبت كل الافكار و الأديان ..
#رزكار_نوري_شاويس (هاشتاغ)
Rizgar_Nuri_Shawais#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التخلف و التقدم .. ملاحظات
-
شيء عن الأرهاب الأصولي و انتشاره في العالم الاسلامي
-
هوامش
-
مزار على ناصية زقاق
-
ألأخوة العربية الكوردية ..!!!
-
تصريحات العامري و المطلوب من الحكومة العراقية المرتقبة ..
-
شيء عن ذكرى تأسيس البارتي ( الحزب الديمقراطي الكوردستاني )
-
المالكي و المطلوب بعد تنحيته ..
-
أراجيح الدكتاتور ..!!
-
شيريد المالكي .. يخربها بعد أكثر ؟!!
-
ألمزار ..!
-
ألمعضلة العراقية مرة أخرى .. ما ألحل ؟!
-
حرب . حرب .. حرب
-
ألجنون و شيء عن النرجسية و الدكتاتورية ..!!
-
شيء عن الانتهازية و الانتهازيين
-
شيء عن العيون
-
قصة قصيرة .. و هطل المطر ..!
-
سنة أولى ابتدائي
-
شيء عن العدل .. و الروح الرياضة
-
ما (الجدوى ) من الكتابة ؟.. و لماذا نكتب ؟!
المزيد.....
-
صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها
...
-
مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى
...
-
تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
-
الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين
...
-
مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج
...
-
حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين
...
-
قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا
...
-
العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي
...
-
مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى
...
-
مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|