أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزكار نوري شاويس - ألمزار ..!














المزيد.....

ألمزار ..!


رزكار نوري شاويس
كاتب

(Rizgar Nuri Shawais)


الحوار المتمدن-العدد: 4507 - 2014 / 7 / 9 - 07:55
المحور: الادب والفن
    


لم يكن قديسا ..!
لكنه لم يكن كالآخرين ..
دائما يحمل قيثارته على كتفه ، جنب بندقيته و يرد على من يستفسر عنها :
- هي كنتي ، حبيبة بندقيتي
ينتهز الفرص كلها دون التزام بزمان و مكان ، ليعزف و يغني كما يشاء ..
يعزف بنشوة المتصوف الحالم ، و يرتجل أغانيه بتأثير اللحظة من إلهام غامض سخي لا ينضب ..
في واحدة من معارك المقاومة الشرسة ، لم يطلق رصاصة واحدة ، تقدم الصفوف بطيش و هو يعزف و يغني ..! كان تهورا منه ، لكن الامر أربك فصيل من جند الكتاتور ، فتركوا مواقعهم مذعورين ..
فيما بعد عن سبب تصرفه المجنون هذا قال :
- حالة شوق شديدة و انتابتني ، لم تستغربون الامر؟.. فأنا كما تعرفون يارفاق ، مدمن عزف و غناء ، وقتها و في خضم ايقاع المعركة الصاخب ، فارت في شراييني رغبة عارمة للعزف و الغناء .. ( ابتسم ثم أضاف قائلا ) ثائر أنا من رجال المقاومة فلا تستغربوا إن عزفت و غنيت بشراسة ..

لم يكن قديسا ..
بل لم يكن هناك رادع يردعه لو سنحت له الفرصة ان يعربد و يشرب و يثمل حد الغيبوبة و الثمالة .. او يغازل انثى جميلة و يغويها ، او يسرق ثمارا من بستان هنا و رغيف خبز خرج توا من تنور هناك ..
ويعزف و يغني بلا ملل .. ربما لم يكن سعيدا أغلب الاوقات لكنه كان يمنح كل من كانوا حوله شيئا من الفرح ، لايفرق في عطائه بين صديق و غريب ....
لم يستطع اي من رفاقه ان يؤكد انه رأه يوما عابسا ، فالأبتسامة دائما كانت ملء عينيه .. لا يتوجع ، لا يتذمر ، لا يشكو من حر و برد و جوع .. يعزف و يغني باستمرار ، للثورة و للثوار ، للاطفل ، للصبايا و العشاق ... للينابيع و الاشجار و انحنائات الوديان و الهضاب المكسوة بالعشب ، للرياح و الغيوم و المطر و للشمس ساعة الغروب ..

لم يكن قديسا ..
لكنه كان يحب الجميع و يملك موهبة أن يحبه الجميع ..
ذات يوم سألته قروية تقدم بها العمر و هي تقدم له شيئا من الطعام عن أهله ، أجابها فورا :
- أنت أمي ..( ثم صمت برهة و بدا وكانه في غيبوبة سرعان ما استفاق منها ليقول ..) لي ابنة .. بنت صغيرة ، في رعاية جدتها ( اضاف و هو يقهقه ضاحكا ) في الواقع لا ادري ان كانت الجدة ترعاها او هي التي ترعى جدتها ..
بغتة .. نزع قيثارته عن كتفه ، و بدأ بالعزف و الغناء ربما لها او لنفسه و لبنته الصغيرة :
-حلوة هي ، عذبة كالشهد
برعمة بلون البنفسج
رقيقة كنتف الثلج ، ناعمة كهبات النسيم
فواحة هي ، عطرها يبهج الروح
( و استمر يغني و العجوز ترمقه باسمة بعيون ملؤها حنان و دموع ..)
طفلتي الصغيرة لا تملك كغيرها من البنات حليا
و من الفساتين عندها فقط اثنان
كلاهما بلون السماء
حيث نلتقي في يوم ما ..

هذه الاغنية بالذات كان يغنيها مع اغلب اغانيه ، و في امسية قبل استشهاده بأيام غناها بكل أحاسيس و شجن الاب المشتاق لوحيدته الصغيرة .. قال لرفاقه :
- اذا قدر لي ان ارحل عن هذه الدنيا في يوم ما ، واروني الثرى حيث انتهي ، هناك سيكون الوداع أسهل و رحيلي اسرع ..
قال ايضا :
- لا تسمحوا لاي كان ان يجبر ابنتي على لبس السواد .. هي تكره هذا اللون من يوم وفاة امها .. البسوها فستانا بألوان قوس قزح ..

* * *

عملوا بوصيته ، وري الثرى حبث استشهد ، في بقعة جرداء من سفح صخري صلد ينزلق لواد غارق في صمت ابكم و سكون موحش كئيب ..

لم يكن قديسا ..
لكن هناك في تلك الارض القاسية التي توغلت فيها جذوره و انتماؤه للاعماق .. تغيرت أشياء كثيرة ..!
اخضوضرت السفوح و أكتاف الجبال المطلة على الوادي ، و تفجر النبع القديم في احضانه نهرا بعد عقود طوال من الجفاف ليمتزج خرير مائه الرقراق العذب بزقزقة و تغريد اسراب من البلابل و الطيور التي عششت في كل أنحاء المكان ..

لم يكن قديسا ..
لكن الارض حول ضريحه تحولت لحقل نضر من ورود و رياحين عطرة لاتذبل على مدى الفصول ..

لم يكن قديسا ..
لكن قبره تحول مزارا ، يصطحب اليه الاباء اليه كل عام بناتهن الصغيرات وهن في فساتين بألوان قوس قزح ..



#رزكار_نوري_شاويس (هاشتاغ)       Rizgar_Nuri_Shawais#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألمعضلة العراقية مرة أخرى .. ما ألحل ؟!
- حرب . حرب .. حرب
- ألجنون و شيء عن النرجسية و الدكتاتورية ..!!
- شيء عن الانتهازية و الانتهازيين
- شيء عن العيون
- قصة قصيرة .. و هطل المطر ..!
- سنة أولى ابتدائي
- شيء عن العدل .. و الروح الرياضة
- ما (الجدوى ) من الكتابة ؟.. و لماذا نكتب ؟!
- (ليلى قاسم ) *
- القوى العظمى و مسؤوليتها ازاء الجرائم التي ارتكبت بحق الكورد
- المتوقع و غير المتوقع في فوضى عالم القرن 21
- مراجعة لموعظة قديمة ..
- أقراد جبل المقطم ..!
- شيء عن ( الحق و الباطل ) ..
- شيء عن الجسور ..!
- كلمات على اوراق مبعثرة
- في ذكرى جرائم الانفال البعثية .. الكورد و سياسات الحكومات ال ...
- شيء عن المفسدين و الفساد
- شيء عن الفساد و المفسدين ..


المزيد.....




- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزكار نوري شاويس - ألمزار ..!