أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزكار نوري شاويس - قصة قصيرة .. و هطل المطر ..!














المزيد.....

قصة قصيرة .. و هطل المطر ..!


رزكار نوري شاويس
كاتب

(Rizgar Nuri Shawais)


الحوار المتمدن-العدد: 4454 - 2014 / 5 / 15 - 22:53
المحور: الادب والفن
    



هناك .. بعيدا في اللامكان من الزمن و المكان ، بين بقايا مدينة انهكها الجدب و العطش ، مسورة بتراكمات كل الخرافات منذ العصور الحجرية ، تتباهى بها جماجما تحجرت تحت رواسب زمن مقعد ، صدئة و فارغة ، تعشش فيها العقارب و البعوض ..
هناك ، في عمق دهاليز قوقعة متكلسة حيث تنام خرائب تلك المدينة المخدرة منتشية بالخرافات ، و المستسلمة برضا بليد مطلق لسلطان قوانين قدر محتوم خاضع لأرادة مشيئة غامضة ..
هناك ، في تلك المدينة الموبوءة بأثم مقدس .. توقفت عن الدوران طاحونة كبير الدجالين الامير الاعظم ‘ بعد جفاف و انحباس طويل للمطر . فعقرت الارض و لم تعد تحبل قمحا و خبزا و أبت الا وان تتحول هبابا و غبارا تذروها الرياح ..
دعاهم الدجال لاجتماع طاريء في باحة المعبد الكبير الذي لم يطأ عتبته النور منذ اكثر من الف عام .. وأطاع القوم الامر و التموا يكنسون الارض من حول اميرهم بلحاهم .
قال بكآبة :
- يا قوم ، معاصيكم جلبت علينا نقمة السموات و الارض .. فلا السماء صارت ترحمنا بغيومها و أمطارها ولا الارض ترضى ان تمنحنا من لحمها طعاما .. أما طاحونتي التي توقفت عن الدوران ، فهو عقاب فرض علي بسبب خطاياكم ..!

ارتفعت همهمة من بين الحشد تأييدا و استحسانا لموعظته ، ثم اجهشوا بالبكاء ..
سألوه برهبة المذنبين أمام القضاء :
- و ما العمل يا أميرنا المطاع ؟
دق الارض بعصاه الغليضة و قال بحزم :
- إنصرفوا الان يا خطاؤون و اسهروا الليلة تعبدا و مراجعة لأيمانكم المفقود ، عاقبوا ارواحكم الشقية مستغفرين تائبين ، عذبوا و اجلدوا اجسادكم ، مزقوا الجلد و اللحم الذي يكسوا عظامكم ، و لتنزف جراحكم دماء ممزوجة بكل رغائبكم و شهواتكم الدنوية ، فتتطهر ابدانكم منها .. و غدا موعدنا هنا ، تصلون و تتوسلون المطر و وجوهكم ممرغة في التراب و السخام .

في اليوم التالي ، اجتمعوا بأجسادهم الدامية أمامه و جلين خاشعين ، و من على دكته كان يرمقهم بنظرات السلطان الساخط ، كان يحصيهم ، يعدهم واحدا واحدا ، منقبا و مفتشا بينهم عن عديمي الايمان الذين لا تلطخ الدماء ثيابهم و من لم يلبوا امره بالحضور ..
كان هناك من يئن و يتوجع من الجراح التي أدمى بها جسده ..
رفع سبابته محذرا و قال بغضب :
- كافر و صلاته باطلة من يئن و يتوجع من جراح مباركة تزين جسده بأرادة الله ..
ساد المكان صمت و سكون المقابر .. وعاد الامير الدجال يتفحص وجوه الحضور بعيونه الماكرة . فجأة ، تشنجت عضلات وجهه و جحظت عيناه باستنكار عابس لاسارير سحنته العابسة اصلا ..!
في ركن منزو من اركان الباحة التي احتشد فيها الناس لمح طفلا يحمل بيده مظلة واقية من المطر ، كان الوحيد الذي يحمل هذا الشيء ..!
ركز نظراته وهي تقدح شررا و نارا على الصبي و قال بصوت أشبه بالفحيح :
- ويحك ايها الملحد الصغير .. كيف تجروء ان تتنبأ بالبدعة التي بيدك بسقوط المطر ..؟ ( ثم زمجر و هو يلوح بعصاه ) يا قوم ، ان التنبوء من كبائر المحرمات ( أشار اليه بعصاه ) الي به و بذويه المارقين ..

اكفهرت السماء بغتة ..! وأنار وميض ازرق ساطع المكان ليزلزل من بعده الرعد بدويه المرعب كل اركان المدينة ..!
على الصغير وحده هطل المطر بسخاء و مرح ، و تحت اقدامه هو فقط نبتت الرياحين و نمت سيقان القمح ..



#رزكار_نوري_شاويس (هاشتاغ)       Rizgar_Nuri_Shawais#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سنة أولى ابتدائي
- شيء عن العدل .. و الروح الرياضة
- ما (الجدوى ) من الكتابة ؟.. و لماذا نكتب ؟!
- (ليلى قاسم ) *
- القوى العظمى و مسؤوليتها ازاء الجرائم التي ارتكبت بحق الكورد
- المتوقع و غير المتوقع في فوضى عالم القرن 21
- مراجعة لموعظة قديمة ..
- أقراد جبل المقطم ..!
- شيء عن ( الحق و الباطل ) ..
- شيء عن الجسور ..!
- كلمات على اوراق مبعثرة
- في ذكرى جرائم الانفال البعثية .. الكورد و سياسات الحكومات ال ...
- شيء عن المفسدين و الفساد
- شيء عن الفساد و المفسدين ..
- ذات إنتخاب من الأنتخابات ..!
- شيء عن الحب
- شيء عن مأساة الكورد الفيليين
- المرحلة و جهد النضال الكوردستاني
- شعب الله المصلوب ..!!
- أزمات ( العطش ) قادمة ..!


المزيد.....




- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...
- صحف عالمية: إنزال المساعدات جوا مسرحية هزلية وماذا تبقّى من ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزكار نوري شاويس - قصة قصيرة .. و هطل المطر ..!