أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رزكار نوري شاويس - ذات إنتخاب من الأنتخابات ..!














المزيد.....

ذات إنتخاب من الأنتخابات ..!


رزكار نوري شاويس
كاتب

(Rizgar Nuri Shawais)


الحوار المتمدن-العدد: 4421 - 2014 / 4 / 11 - 01:01
المحور: المجتمع المدني
    


( هذا المقال او بالاحرى هذا الموضوع يستند الى حدث حقيقي 100% )
هذه الايام و وسط معمعة و فوضى المنافسات و المنازعات الانتخابية النيابية التي يشهدها العراق و تمارس بعض فعالياتها بشكل تستحق عليها بجدارة ان توصف بالمهازل ، يتراءى لي بين كل مشهد و اخر من مشاهد الحمى الانتخابية هذه ، شريطا لمشهد انتخابي قديم ، أبت الذاكرة الا وان تحتفظ بها في صدارة ذكرياتي مع العشرين عاما الاخيرة ..
مشهد حقيقي من مشاهد البدايات المعقدة و الصعبة للمسار الديمقراطي الذي اختير نهجا و اسلوبا في الادارة و الحكم في الاجزاء التي تحررت من اقليم كوردستان العراق من براثن النظام البعثي الدكتاتوري الذي كان انذاك يترجم عجزه و جبنه امام مواقف المجتمع الدولي الصارمة الى ابشع و اقبح الممارسات القمعية بحق ابناء الشعب في وسط العراق و جنوبه .
المشهد الانتخابي ذاك و الذي مرت عليه سنوات عدة و العديد من الانتخابات ، كان بسيطا في ملامحه لكنه امتلك من قوة التاثير ما مكنه ان يبقى منقوشا بعمق بكل تفاصيله في الوعي و الى الابد ، كدرس بليغ من دروس الوطنية ..
كان زمنا صعبا ، فالاجزاء المحررة من اقليم كوردستان ايامها كانت مطوقة بعدة حصارات ، حصار دولي بحكم انتماء الاقليم لجغرافية الدولة العراقية و حصار من النظام الدكتاتوري البغيض في بغداد و حصار اقليمي من الجوار . لكن و برغم الجوع و شح الغذاء و ندرة الدواء و الكساء ، و برغم الدمار الذي كانت البنية التحتية للاقليم تئن تحت وطأته وعجز الانتاجين الزراعي و الصناعي عن تامين الحد الادنى من حاجات السكان ، يضاف على كل ذلك وعورة و رداءة طرق المواصلات و شح كئيب و رهيب في اشكال الطاقة من كهرباء و وقود ..؛ كانت الاغلبية الغالبة من شعب كوردستان العراق تمتلك من المعنوية و من اصرار وطني عنيد ما يعينهم على تحمل كل تلك الصعاب و المضي في الدرب الذي اختاروه نهجا بعد انتفاضتهم الباسلة و تحررهم من براثن الدكتاتورية الصدامية الدموية و قوانينها الاستبدادية الجائرة .. و هكذا فقد كان اقبالهم على مراكز الاقتراع ليست مجرد ممارسة روتينية لفعالية ديمقراطية ، بل كان عبارة عن تظاهرة شعبية لمختلف الشرائح السياسية و الثقافية و الدينية في المجتمع الكوردستاني ، المشهد بعمقه الوطني كان يجسد حالة رائعة من حالات نهوض شعب واصراره على التقدم نحو مستقبل افضل ..
يومها و امام واحدة من مراكز الاقتراع ، رايتها ..!! طفلة كوردستانية أبت الا وان ترافق جدتها التي ابت هي الاخرى الا وان تدلي بصوتها ، لوحة الجدة و الحفيدة بمساحتها المتواضعة كانت تملك تحريضا قويا على الانتباه اليها ، الجدة كانت تنتظر بصبر دورها في طابور نسائي طويل ، انتهزتها الحفيدة فرصة لتحرر معصمها النحيل من اصابع جدتها الحنونة ، لتكشف عن الكامن من مواهبها ، فأخذت و هي تدندن بلحن نشيد وطني كوردي ، بالرسم بقطعة طبشور على سور المدرسة التي تحولت لمركز تصويت .
اناملها الرفيعة كانت في الواقع بارعة و مرنة ، جريئة و غير مترددة ، حتى انها لم تظطر سوى مرات معدودات الى اجراء بعض التعديلات على لوحتها بالمسح بباطن كفها الرقيق او برؤس اناملها الناعمة التي كانت تبللها بلعابها .. شمس ساطعة باسمة من على قمم متوجة بالثلوج و أعشاش النسور ، عصافير و طيور و فراشات تنتشر في كل مكان ، ازاهير و ورود كثيرة و اشجار تتدلى منها الاراجيح تحيط بقرية تجري من حولها الانهار ، بيوتها رحبة و نوافذها واسعة مفتوحة على مديات رحبة .. قرية كان كل سكانها من الاطفال ، بنين و بنات منهمكون باعمال الفلاحة و باللهو و المرح ايضا ..
دنوت منها و في قلبي خشية من ان افسد الجو عليها فتنفر من فضولي و تبتعد راكضة طلبا في حماية من جدتها , سالتها :
- ماذا ترسمين يا حلوة ؟
نظرت الي بعيونها النرجسية الباسمة ، ثم مسحت كفيها باطراف ثوبها العتيق ( و هي تختلس نظرة حذرة نحو جدتها )، لتعتدل فجأة في وقفة استعداد امامي ، لترفع ساعديها باستقامة فوق راسها و تفتحهما في دائرة حول جسدها النحيل و تقول بزهو و هي تشير بإيمائة من راسها لجداريتها :
- كوردستان ..
و لتبدأ على الفور و من دون اية مقدمات بأنشاد نشيد حماسي ( لبيشمركة كوردستان ) ..!! و التم حشد لا بأس به من حولنا ، اما انا و من فرط انبهاري بها انحنيت امامها لأقبل اناملها العشر ثم جبينها ..
قالت جدتها و على محياها ابتسامة حزينة حنون :
- هي حفيدتي ، الابنة الوحيدة لأبني الشهيد..
تحرك طابور النساء و تقدمت الصغيرة مع جدتها ، و قبيل دخولها بوابة المركز الانتخابي التفتت و جالت بعيونها بيني و بين لوحتها ، كأنها توصيني بها .. ثم ودعتني بتلويحة من يدها الطليقة معززة بابتسامة لا اظن اني سأرى بعدها الاجمل منها ..

و مرت الايام و الاعوام ، و عادت الطيور و الفراشات للحقول المطرزة بالزهور ، و لتتدلى الاراجيح من اشجار الغابات الباسقة يلهو و يتارجح بها البنين و البنات .. اما الصغيرة تلك فلربما هي الان ام طيبة رائعة ترسم دروب المستقبل السعيد لأطفالها .. و اما انا فلاازال ابحث عنها في مواسم الانتخابات ، احدق في ملصقات المرشحات بحثا عن ملامحها التي لاتفارق خيالي ، ابحث عنها في ملامح كل نساء وطني المتراصات في طوابير الاقتراع .. و دائما يغمرني احساس قوي بحضورها الباهر في كل مكان ..



#رزكار_نوري_شاويس (هاشتاغ)       Rizgar_Nuri_Shawais#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيء عن الحب
- شيء عن مأساة الكورد الفيليين
- المرحلة و جهد النضال الكوردستاني
- شعب الله المصلوب ..!!
- أزمات ( العطش ) قادمة ..!
- حق الحياة ..
- عودة الى مقال .. ( الكورد و المعضلة العراقية )
- الكورد و المعضلة العراقية
- ما هكذا تدار شؤون البلاد يا دولة رئيس وزراء ( دولة القانون . ...
- ألأخابيط البرية ..!
- شيء عن الببغائية ..!
- شيء عن الدكتاتورية و الدكتاتوريون ..
- نحن الكورد وعامنا الجديد 2714
- نظرة متفائلة لثورة تكنلوجيا الاتصالات و المعلومات و تأثيرها ...
- النفد و النقد الذاتي كوردستانيا .. كمهمة بناء و تعزيز وحدة ا ...
- شيء عن الشعوذة ..!
- 16/ آذار .. حلبجة
- الكورد .. حق تقرير المصير و معادلات النظم العالمية
- قصة قصيرة جدا
- حكاية من زمن الدكتاتورية و الحرب


المزيد.....




- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...
- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رزكار نوري شاويس - ذات إنتخاب من الأنتخابات ..!