أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزكار نوري شاويس - أراجيح الدكتاتور ..!!















المزيد.....

أراجيح الدكتاتور ..!!


رزكار نوري شاويس
كاتب

(Rizgar Nuri Shawais)


الحوار المتمدن-العدد: 4519 - 2014 / 7 / 21 - 08:53
المحور: الادب والفن
    



في مملكة من ممالك وراء الكواليس ، مساحتها معتقلات سرية و غابة مشانق تمتد امتداد اجنحة الموت ، في بيئة آسنة موبوءة بعقائد تعفنت خمرة شيطانية ، تسلب أمة ارادتها و فهمها للآيمان و مبتغاه .. في تلك البلاد ، فرض طاغية جلاد ذاته على الناس معبودا يجثم على صدور عباده ، قيما و قواما أوحدا عليهم و على حريمه و ما ملكت ايمانه ، مستمدا جبروته و فحولته من قدرته الحيوانية على البطش و من حبوب الفياغرا ، ومن جهل القطيع رعيته و خبزهم الشح دائما .. من خطاياهم الايمانية و عذاب الاخرة ، و من عقم تراث و عقيدة لاتنجب تطورا و لا ارتقاء ..
هو الكائن السامي ، هبة السماء لشعب ( محظوظ ) ..! ينوب عن الذي في السماء في رسم مصائر الناس و اقدارهم و يتمم ما لم يتممه رسله .. هو ( الذي يتهجى حروف اسمه و كلمات خطبه بجهد جهيد ) ؛ كل الشرع و الشريعة ، روح القوانين و المرجع المقدس الذي بيده قرار الثواب و العقاب ، يحلل ما يريد و يحرم ما يشاء .
* * *
داخل اسوار قصره المتوهج كجرم سماوي هابط وسط مدينة غارقة في البؤس و الظلام ، في اجواء داعرة بالغة البذخ و الرفاه ، كان يحتفل بعيد ميلاده ..( الذي يؤكد كتاب سيرته - بأصرار - ان الاقدار شاءت ان يصادف يوم مولد أحد اتبياء الله ..!) .
كان يتحرك بين ضيوفه (المختارين بحذر و عناية ) مزهوا ببذلته الجديدة المدرعة بطبقات من الاوسمة و النياشين المطعمة بالنفيس و النادر من الجواهر ، تومض و تبرق وسط الاضواء المبهرة بكل ألوان الطيف .. أوسمة من أرفع الدرجات كان لوحده فقط صلاحية منحها ..!!
بحركاته التي تدرب عليها كثيرا و مع انغام الفرقة الموسيقية التي كانت تحيي الحفل ، بدا كبطه سمينة ، ترقص الباليه وسط حشد من الغربان ..
لكن ..!!
لكن ، رغم المناسبة السعيدة .. لم يكن سعيدا ، كان منغصا يبدو عليه القلق ، الكثير من القلق ..! فضيفه الأهم – سفير الدولة العظمى – الذي يتمنى دائما تواجده جنبه تأخر على حضور الحفل . صحيح انه اتصل به عبر الخط الخاص معتذرا بعذر انشغاله بمشاورات طارئة مع حكومة بلاده .. هذا الامر عكر
مزاجه .
سعادة السفير – المفضل لديه – الح عليه و بأصرار ان يباشر بحفلته ، إلا أنه
لم يهنئه بيوم مولده ..! لكنه وعده بتلبية دعوته الكريمة فور انهاء اتصالاته التي تخص المستجد في العلاقات بين بلديهما المتحالفين ( قالها بمكر ) ..
مرت ساعة أخرى و سعادة ( السفير المفضل ) لا يزال غائبا .. قلقه بدأ يتحول لكآبة ، فأخذ أفراد حاشيته المقربون يتجنبون الاقتراب منه .
و تواصل الحفل بعهره الباهظ التكاليف و نفاقه الباذخ الترف ..
انزوى في ركن من أركان قاعة عرشه الاسطوري ، قبع كحلزونة عملاقة في واحدة من أرائكه الفخمة و اخذ يراقب ببلاهة الجميع ( ربما بحثا عن سيء حظ يفرغ فيه كل مسببات انزعاجه و تقلب مزاجه ..).

و أخيرا ..
تقدم منه رئيس تشريفاته و كأنه يزحف ، و بخشوع و ذلة عبد مخصي ، قال لمولاه :
- سعادة السفير يستأذن التحدث مع فخامتكم على الخط الخاص .

* * *
مرة أخرى لم يهنئة السفير بعيد ميلاده ، جدد أعتذاره بلباقة عن عدم تمكنه من تلبية دعوته السخية ، ثم دخل صلب الموضوع مباشرة ، بلهجة لم يعتدها منه ، لهجة مشبعة بالكثير من الانتقاد و التقريع ..!
- يا فخامة الرئيس المبجل ( قالها متهكما ) .. حكومة بلادي تعرب عن استيائها الشديد من استمرار و تصعيد عقوبات الاعدام لمناوئيكم ، كما و تعرب بشدة عن انزعاجها من استمرار نهجكم بخصوص تجنيد الاطفال و تسليحهم و زجهم في صراعاتكم مع الاخرين .. لقد نبهناكم بأخلاص و حرص من مخاطر استمراركم على هذا النهج و ها نحن كحلفاء و اصدقاء داعمين لحكمكم نواجه سخط و شجب الرأي العام داخليا و عالميا ..

انكمش اكثر في مقعده وغرقت سحنته في صفرة شاحبة ، وارتخت عضلات فكه الغليظ و لم تعد تتحمل ثقل ذقنه الفولاذي المسطح .. حاول ان يقول شيئا :
- لـ .. لكن ..
- يا فخامة الرئيس ، اسمعني جيدا .. اقولها نيابة عن حكومة بلادي باخلاص الصديق الحليف .. انه لمن الظلم ان نلام نحن بشدة على أخطاء و مخالفات ترتكبونها انتم .. يؤسفني ان اخبرك بان وضعكم السياسي حرج للغاية ، وعليكم الان التفكير جديا باتخاذ اجراءات فورية عاجلة لتصحيح وضعكم المنتقد بخصوص مسألتي تجنيد الاطفال و عقوبة الاعدام .
الى هنا وانتهى الاتصال..

* * *
مع الساعات المبكرة لصباح اليوم التالي ، بدأت محطات الاذاعة و التلفاز في طول البلاد و عرضها ببث المارشات العسكرية و الاناشيد الحماسية ، تتخللها كل نصف ساعة نداء بصوت أجش كئيب يدعو الشعب الى ترقب بشرى سارة يزفها ( بعد قليل ) الرئيس المبجل شخصيا .. و اسنمر الحال على هذا المنوال لوقت متأخر من ذلك النهار ، ليحل الفرج و يظهر الدكتاتور بكامل حليه و حلله ليزف بشراه ..
قرار تأريخي آخر من قراراته الحمقاء ..!
جاء في قراره السامي .. ( يمنع كل الصبية و الفتيان و الاطفال في كل ارجاء الوطن المزدهر – من دون سن الثانية عشرة –من حمل السلاح و التطوع في الجيش و يسمح لهم ( رعاية و اكراما لطفولتهم السعيدة ) أستخدام ( المشانق ) المنصوبة في الميادين العامة - لمعاقبة الخونة و العملاء – كملاعب و أراجيح تسليهم مجانا و تنمي قابلياتهم البدنية ( و الذهنية ..! ) .
- جاء في ذيل القرار تنبيه يحمل بموجبه ذوي الاطفال و اسرهم مسؤولية اي ضرر يلحق بتلك المشانق و حبالها جراء سوء استخدام الاطفال الاعزاء لها كأراجيح و عليه يتحملون كلف تصليحها -

في وقت متأخر من مساء ذلك اليوم التأريخي المشهود ( الذي شهد تظاهرات مليونية صاخبة للاطفال في كل انحاء البلاد ابتهاجا بمكرمة الرئيس المبجل ..) سلم – السفير المفضل – برقية فورية سرية لضابط الشفرة و الارسال اللاسلكي في سفارته لأرسالها، تضمنت جملة قصيرة مقتضبة ، تقول .. ( حالة المريض ميئوس منها ..) .



#رزكار_نوري_شاويس (هاشتاغ)       Rizgar_Nuri_Shawais#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيريد المالكي .. يخربها بعد أكثر ؟!!
- ألمزار ..!
- ألمعضلة العراقية مرة أخرى .. ما ألحل ؟!
- حرب . حرب .. حرب
- ألجنون و شيء عن النرجسية و الدكتاتورية ..!!
- شيء عن الانتهازية و الانتهازيين
- شيء عن العيون
- قصة قصيرة .. و هطل المطر ..!
- سنة أولى ابتدائي
- شيء عن العدل .. و الروح الرياضة
- ما (الجدوى ) من الكتابة ؟.. و لماذا نكتب ؟!
- (ليلى قاسم ) *
- القوى العظمى و مسؤوليتها ازاء الجرائم التي ارتكبت بحق الكورد
- المتوقع و غير المتوقع في فوضى عالم القرن 21
- مراجعة لموعظة قديمة ..
- أقراد جبل المقطم ..!
- شيء عن ( الحق و الباطل ) ..
- شيء عن الجسور ..!
- كلمات على اوراق مبعثرة
- في ذكرى جرائم الانفال البعثية .. الكورد و سياسات الحكومات ال ...


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزكار نوري شاويس - أراجيح الدكتاتور ..!!