رزكار نوري شاويس
كاتب
(Rizgar Nuri Shawais)
الحوار المتمدن-العدد: 4576 - 2014 / 9 / 16 - 02:03
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
لا أتذكر متى و لماذا و من رفع هذا الشعار في العراق .. هل رفع كمبدأ و منهاج لتنظيم علاقة تعايشية ايجابية بين قوميتين على اسس عادلة ؟ ام انها رفعت لفرض سيادة القومية الكبرى وهمينتها على الاخرى ؟ او انها كانت وليدة مصالح آنية تشبع حاجات الغير فتساير ظروف مرحلية لتطفو و تغوص كفكرة حسب تقلبات الظرف و االزمان ..؟
شعار حمله البعض عن قناعة مبدئية و الى حدود التضحية بالغال و النفيس دفاعا عنها ، و بعض آخر تستر به قناعا منافقا و مظهرا جميلا يخفي به نوايا استغلالية مقيتة و شرورا مؤجلة ، متربصا بالاخر تربص قابيل بهابيل ..
يقال ان هذا الشعار انبثق كحاجة اجتماعية وطنية من الحالة العراقية بعد تأسيس الدولة العراقية الهجينة التركيب من اثنيات قومية منوعة يشكل العرب و الكورد بينها القوميتين الرئيسيتين ، فجاءت بصيغتها و مفهومها ( الذي أصر الحكام على ان لا يفهموها و لا يتعاملوا معها كما يجب )معبرة عن خصوصية عراقية و كضرورة من ضرورات تماسك مجتمع الدولة الجديدة ، بمعنى آخر انها جاءت كأنعكاس لتركيبة المجتمع العراقي و كأساس لبناء شراكة وطنية حقيقية لايمكن من دونها خلق بيئة تعايشية عادلة تكون جوهر التكوين المتماسك لدولة عصرية تنشد التقدم و الازدهار مع تقدم الحضارة الانسانية ..
صحيح ان الافكار في المنطقة لم تطلق شعارا اخرا غير شعار ألأخوة العربية الكوردية كلاخوة التركية الكوردية او الكوردية الفارسية مثلا ، لكن اطلاق شعار شيء و تطبيقه كألتزام و مبدأ قانوني شيء آخر .. و هنا و بعيدا عن كل نزعة شوفينية أو عنصرية أطرح هذا السؤال ..( ماذا جنى الكورد في اطار الدولة العراقية منذ تأسيسها من هذا الشعار ؟ ) .. أترك الاجابة عليها لكم ..
بعد سقوط الامبراطورية العثمانية , أدمجت ولاية الموصل ذي الأغلبية الكوردية الساحقة و بأسم ( العراق الشمالي ) بالدولة العراقية لجملة اسباب ستراتيجية و منها تحقيق توازنات عرقية قومية و مذهبية شيعية – سنية ( لم تتحقق ) ، ليدفع الكورد على تلك التوازنات الفاشلة و معهم اقليات عرقية و مذهبية اخرى ثمنا مأساويا باهضا على حساب وجودهم و حقوقهم القومية المشروعة . فمنذ الايام الاولى لتأسيس هذه الدولة تعرض الكورد لحملات حصار و تطويق مستمرة هدفها الغاء و جودهم القومي و حجب حقوقهم التأريخية و الجغرافية في البلد كشعب أصيل من شعوب المنطقة ، فكان من الطبيعي جدا ان يتخذ موقف الدفاع عن وجوده و مصيره. إن أية مراجعة لتأريخ العلاقة بين الكورد و انظمة الحكم العراقية تؤكد بلا لبس ان الثورات الكوردية لم تندلع في كوردستان العراق الا بعد ان بلغ ظلم حكام بغداد بحقهم اقصى المديات و بعد ان استنفذت كل السبل السلمية المطالبة بالحقوق الكوردية ضمن اطار مبدأ الأخوة العربية الكوردية و الشراكة الوطنية . و هكذا و أمام تعنت و استبداد تلك النظم ( العنصرية – الطائفية ) النهج التي كان ردها دائما على المطاليب الكوردية المزيد من القمع و بالحديد و النار ، لم يكن هناك مفر من حمل السلاح دفاعا عن الوجود الكوردي على ارضه و منبته .. لقد اقترفت رموز الشوفينية العربية مستغلة الروح القومية العربية ( و بأسم العروبة و الاسلام ) أبشع الجرائم بحق الشعب الكوردي في العراق ، و مع فشل كل مرحلة من مراحل حملاتهم العنصرية الشرسة على الكورد و كوردستان ، كانوا يعاودون بلا حياء رفع شعار ( الاخوة العربية الكوردية ) ليلتقطوا في ظلها انفاسهم و يخططوا لمؤامرات و هجمات جديدة اكثر شراسة و همجية في وقت كان فيه الكورد يبذلون قصارى جهدهم لتفعيل هذا الشعار كمبدأ و منهاج ..
في ظل هذا الشعار نهبت خيرات و موارد كوردستان و استثمرت اسلحة و وسائل قتل و ابادة و تدمير ضد ابنائها ..
في ظله دمروا مئات القرى و البلدات الكوردستانية بمزارعها و بساتينها و مصادر مياهها ..
في ظله أبادوا مدننا بأهاليها بالغازات السامة ..
في ظله احتلوا اراضينا و استوطنوا فيها بقوة السلاح و التهديد ضمن سياسات التعريب و التهجير القسري للسكان الكورد من مناطقهم ..
في ظله و بأسم حملات ( ألأنفال ) أبادوا اكثر من ( 180000) مئة و ثمانون الف انسان كوردي من دون تمييز بين صغير و كبير او رجل و امراة ، قتلوا رميا بالرصاص و دفنوا في قبور جماعية في صحاري الجنوب العراقي ..
في ظله فرضوا على كوردستان الحصار تلو الحصار مانعين عن ابنائها الاتصال بالاخرين و حاجبين عنها كل وسائل و عناصر التطوي و النماء ر..
في ظله نفثوا انواعا منوعة من سموم التفرقة و التحرض و العداء بين الكورد و غيرهم من ابناء الشعوب العراقية ..
و في ظله ذبحوا و طاردوا و هددوا بالويل و الثبور في اعماق السجون السرية و بالتخوين و التكفير كل عربي شريف من العامة و الساسة و المثقفين و رجال الدين ممن آمنوا بهذا المبدأ و دافعوا عنه ..
مع هذه التجارب التي عاشها الكورد مع اتجاهات عربية مثلث دائما عصارة الفكر الفاشي الشوفيني العروبي ( و التي الحقت افدح الخسائر بقضاياها القومية الانسانية ضمن عالمها العربي الاسلامي و ضمن المجتمع الدولي ) ؛ يتسائل الكوردي .. – مالجدوى من هذا الشعار و هذه الاخوة ؟ ما هو قيمته و ما هو مردوده الايجابي بمحتواه الذي كان فارغا دائما من عناصر التطبيق و التفعيل التي تمنحه قيمته الحضارية القانونية كعقد و ميثاق شراكة عادلة يضمن لكل ذي حق حقه و يهيء البيئة و الارضية الخصبة لنماء و ازدهار شجرة التعايش الراسخة الجذور و السخية الثمار ..؟
ماقيمة هذا الشعار و مصداقية تعامل العرب معه بعد ( الغزوة اللامباركة ) التي تعرض لها اقليم كوردستان العراق من قبل (الدواعش ) فطاحل الفكر العربي الجاهلي الارهابي و بمباركة من اسماء و اتجاهات عربية معروفة ، ناهيك عن مواقف انظمة الحكم العربية الرسمية من ما جرى ؟ اما كان الاجدر و الاليق بهم ( على الاقل كأخوة في الدين و الايمان ) ان يكونوا السباقون في شجب و ادانة عدوان داعش ( نتاج تراثهم العروبي الاسلامي ) على شعب اقليم كوردستان المسالم ؟
على المواقف تستند العلاقات ، والايجابية منها تثمر الايجابيات و السلبية لا تثمر الا عن السلبيات ، وان من ابسط مباديء الاخوة ان لا يضمر الاخ لأخيه شرا و ان يحب له ما يحب لنفسه .. لذا لايجد المرء حجة يمنع بها الانسان الكوردي البسيط بل و حتى غير البسيط الذي تعرض للأذى من أن يرفع شعار ( فلتسقط الأخوة العربية الكوردية ) فهو برفعه شعار الاسقاط هذا يعبر عن كم هائل متراكم من الظلم و الاجحاف و الاستهانة بحقه و حق مجتمعه و بيئته ، و بعد ان لم يحصد من شعار الاخوة العربية الكوردية التي تمسك بها اعواما طوال شيئا غير الغدر و الخيانة و التآمر و العدوان .. فلا تلوموا و لا تعاتبوا اذن الكوردى ، اي كوردي و اينما كان اذا اعلن عن تخليه عن هذا الشعار الذي لم يؤمن به الطرف الاخر في المعادلة و استغله ابشع استغلال ..
#رزكار_نوري_شاويس (هاشتاغ)
Rizgar_Nuri_Shawais#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟