|
سيارات للتنقُل .. وسيارات للتفاخُر
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4730 - 2015 / 2 / 24 - 15:46
المحور:
المجتمع المدني
خلال تجوالي اليومي ، لساعاتٍ في شوارع برلين ، وأسئلتي الكثيرة والمتنوعة وإستفساراتي اللجوجةِ عن كُل شاردة وواردة ، التي تُرهِق مُرافِقيَ من الأصدقاء والأقرباء المقيمين في المدينة .. إستنتجتُ شيئاً بالغ الخطورة : " .. ان الغاية الأساسية من السيارات هُنا في برلين ، هي التنقُل ، للذهاب الى العمل او قضاء الإحتياجات " . قد تكون هذه بديهية مفروغٌ منها ، ولا داعٍ للإستغراب ولا لوضع علامات التعجُب . لكن ياسيدي ، بالنسبة لي ، انا القادِم من أقليم كردستان العراق .. من حّقي أن أندهِش ، إذ ببساطة ، اننا في الأقليم ورُبما في بقية العراق أيضاً ، نعتبر " السيارة " أداةً للتفاخُر ، ومادةً للتظاهُر والفخفخة ، ومؤشِراً على الثراء والنفوذ .. قد نستخدم السيارة أحياناً للتنقُل هنا وهناك ، لكن تلك مهمة ثانوية .. إذ الأولوية هي إدعاء تفوقنا الإجتماعي وسطوتنا الإقتصادية وقُدرتنا المالية ! . عندنا المسؤولين والمُدراء ( لاسيما قبل 2014 ، أي قبل الأزمة المالية الخانقة ) ، يستنكفون ان تكون سياراتهم من موديل السنة السابقة .. إذ يبدلون سياراتهم كُل سنة ، فليس من المعقول ان يشتري مسؤولٌ حزبي سيارة حديثة على الصفر ، ولا يفعل ذلك قائدٌ عسكري ، إذ يقول بأنه لايقلُ عنه أهميةً ، بينما يُسارِع مديرٌ عام ، بإقتناء آخر موديل .. فهو على أية حال ، من عشيرة كبيرة أيضاً ويُمثِل حزباً عريقاً في السُلطة ! . ومادامَ هؤلاء جميعاً يفعلون ذلك ، فما المانع ان يحصل المسؤولين الأصغر والقادة الأقل رُتبة والمُدراء ، على سيارات جديدة أيضاً ، أو على الأقل ، على تلك التي يتخلى عنها الكبار من الصَف الأول ؟ .. علماً ان عدد الذين يعتبرون أنفسهم عندنا ، من الصَف الأول ، كبير وهائل .. ونسبتهم عالية .. ولهذا فأن أعداد سيارات الدفع الرُباعي من الموديلات الحديثة " 2011/2012/2013/2014" أعداد كبيرة في مُدن أقليم كردستان . وبما ان " الناس على دِين ملوكها " ، فان مَرض إقتناء السيارات إنتقل بِيُسر الى ثنايا المجتمع عندنا في الأقليم .. بحيث أصبح عندنا حوالي مليون ونصف المليون سيارة " خصوصي " ، في أقليم نفوسه خمسة ملايين نسمة تقريباً ! . فكما تَرَكنا الزراعة وبُتنا نستورد الطماطة والبصل ، فلقد نَسينا المَشي والحَركة والرياضة ، وأصبحنا نتسابق للحصول على الأغلى والأسرع من السيارات .. والمُصيبة ، ليسَ لحاجتنا المّاسة لها ، بل للتفاخُر والتظاهُر على الأغلب ! . ناهيكَ عن إفتقارنا لأنظمةٍ وقوانين وضوابط مرورية وبيئية مُناسبة ، وقبل ذلك : بُؤس شوارعنا وطرقنا ، وتخلُفها المُزري ، وعدم وجود نظام تأمين إلزامي .. وإنعدام وسائل النقل من قبيل القطارات والباصات العامة والمترو ... الخ ، ولا أماكن لقيادة الدراجات الهوائية . في الأقليم عندنا ، يخجلُ المرءُ من إمتلاكه سيارة من موديل 2002 او 2005 مثلاً ، حتى لو كانتْ نظيفة . وهُنا في برلين ، من الشائع جداً ان ترى سيارات في الشارع ، من مختلف الماركات ومن موديلات قديمة .. وكما يبدو ، فان ذلك لايُشكل حرجاً لمالكيها على الإطلاق .. إذ انهم يستخدمونها للتنقُل وقضاء الإحتياجات اليومية .. في حين أنهم هُنا في ألمانيا ، يُصّنعونَ أرقى السيارات وأكثرها تقدماً .. ونحنُ في الأقليم ، لانستطيع لغاية اليوم ، ان نصنع " بُرغي " .. لكن الأبناء عندنا ، يتفاخرون بإمتلاكهم سيارات آخر موديل والآباء يتسابقون في الإستحواذ على كُل شئ .. طبعاً أعني أبناء ، أولئك الآباء المتنفذين القابضين على مقاليد الأمور .. وليس الفُقراء من عامة الشعب .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رَحَمَ اللهُ إمرءاً ، عملَ عملاً فأتقنهُ
-
نحنُ بِحاجة .. إلى ثورة مُجتمعِية
-
ما معنى الحياةِ إذَنْ ؟
-
حّزورة
-
رئاسات أقليم كردستان .. في الخارج
-
ضريبةٌ قاسية
-
- صاد - و - باء - : طوبى لكما
-
تحت خيمة نازحين
-
- نِطلَعْ إحنه مو خوش أوادِمْ -
-
هل إفتهمتَ الآن ؟
-
الحكومة ... وعُمر ليلى وسلمى
-
عندما كانتْ السماءُ تمطر ذهباً
-
البيشمركة والجنرال - ثَلج -
-
الإسلام المُعتَدِل
-
خُذوا المناصِب .. بس خلولي الوطَنْ
-
( البيشمركة ) .. وإضاعة الفُرَص
-
ليستْ لديّ مَشاكِل
-
تحرير مناطق واسعة في سنجار
-
الحكومة و - رَغيف حَمُو المزوري -
-
المسؤولين .. والسابقين والأسبقين
المزيد.....
-
المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل
...
-
مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها
...
-
أبو الغيط يُرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول الأونروا
-
الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين لاستئناف تمويل الأونروا بعد إ
...
-
مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف
...
-
مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
-
اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو
...
-
مسؤولان أمميان يدعوان بريطانيا لإعادة النظر في خطة نقل لاجئي
...
-
مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
-
ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|