أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - الكتابة بمدادٍ من نار














المزيد.....

الكتابة بمدادٍ من نار


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4715 - 2015 / 2 / 9 - 21:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الفرد في العالم الافتراضي -سواء كان يستخدم هويته الحقيقية في الكتابة أو لا يفعل- يعكس إلى حدٍ ما الثقافة السائدة في المجتمع الذي أتى منه..و حتى لو رفضنا منطق التعميم ذك ففي نهاية الأمر لا نستطيع أن ننكر أن كل شخص يُبدي إعجابه بالأفكار التي تطرحها أياً من تلك الشخوص الافتراضية إنما يعمل بطريقةٍ ما على إثبات أنه أتى هو الآخر من ذات الخلفية الفكرية التي يروج لها ذلك الشخص..هذا إذ لم يكن هو الآخر يؤمن بها في قرارة نفسه بطريقةٍ لعلها تكون أكثر تطرفاً مما هي لدى قائلها.

لهذا عندما قامت داعش بوضع استفتاء في مواقع التواصل الاجتماعي حول الطريقة التي يُفضِّل المؤمنون بنهجها أن تتبعه في إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة لم تكن تُهرِّف بما لا تعرف..فهي كانت على ثقة بأنها ستستلم مقترحاتٍ وحشية لأن بداخل كل مسلم يكمن ذلك الداعشي الصغير الذي إما عمل على قتله و هو في مهده أو عمل على تربيته ليضعه في غرفةٍ مغلقة ليُطلق سراحه عندما تحين الفرصة لذلك..و لهذا عندما حانت تلك الفرصة أظهرت نسبةٌ كبيرة منهم ذلك المسخ الصغير الذي قام بتزويد التنظيم باقتراحاتٍ تليق به كما بهم.

من أين يأتي ذلك الداعشي الصغير ليستوطن المسلمين منذ الصغر؟؟..في حقيقة الأمر من الصعب جداً أن لا يفعل فيُرافقهم منذ نعومة أظفارهم طالما أن أغلب المسلمين يؤمنون بأن تصرفاتهم البشرية يجب أن تندرج تحت إحدى خانتين إحداهما الحلال و الأخرى الحرام..فبسبب هذين المعيارين يصبح المسلم في نهاية الأمر عاجزاً عن ممارسة أي نوعٍ من أنواع التمييز الأخلاقي -كما الإنساني- تجاه الأمور المحيطة به..و لعل أكبر دليل على ذلك الأمر أن أغلب المسلمين عندما تحدثوا عن وحشية حرق معاذ أصبح هاجسهم الأول أن يثبتوا أن ذلك الأمر مرفوضٌ لديهم لأنه ليس من الدين الإسلامي في شيء!!..أي أنه لم يعد مرفوضاً بالنسبة إليهم لأنه أمرٌ وحشي أو لا إنساني بل لعدم مشروعيته الدينية!!..و هو ما أجده دليلاً على أكبر تشوهٍ إنساني قد يكون ترزح تحت وطأته شخصية الفرد المسلم.

لهذا لا يمكننا اعتبار أن داعش هي من قامت بحرق معاذ..قد تكون هي الأداة التنفيذية لذلك الأمر و لكن من فعل ذلك في حقيقة الأمر هي كتب التراث الإسلامي التي جعلت الدموية أمراً يتم تصنيفه كأمرٍ اعتيادي من قِبل الفرد المسلم بل و ربما يصبح مع مرور الوقت أمراً مُحبباً و لا يجب إنكاره لأنه "رُوي" لنا أن صحابة الرسول الكريم قد قاموا به..و هنا يصبح التلذذ بالقتل أمراً لا تستنكره فطرتك أو حتى إنسانيتك بل إنه حتى عندما يحاول البعض أن يُفنِّد روايات القتل الوحشي المُقيمة بشكلٍ دائم في كتب التراث الإسلامي قائلاً إنها روايات ضعيفة سنجد أننا نقف عاجزين أمام معضلةٍ أكبر و هي أن تلك المرويِّات الضعيفة تم تقديسها و تلقينها لأجيالٍ بأكملها رغم هشاشة سندها!!..و لعل من السخرية أن فقط من نافس معاذ في التصدر في عمليات البحث بعد القيام بقتله حرقاً هو الفجاءة السلمي و الذي ما زالت قصته تُدرَّس في المناهج الإسلامية في المدارس بل و حتى الجامعات كأمرٍ مُسلَّمٍ به و لا بأس أيضاً من إظهار القليل من الفخر عند الحديث عن المصير الذي لاقاه هو الآخر!!.

و من المفارقات أيضاً أنه قبل عدة أيام تساءل الكاتب البرازيلي باولو كويلو بدهشة عن سبب عدم إدانة الكثيرين لحادثة حرق معاذ الإسلامية كما أدانوا رسومات صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية..حينها تمنيت لو كان بإمكاني الوصول لهذا الرجل لأفهمه وجهاً لوجه سبب عدم اهتمام المسلمين بمعاذ و لماذا لم تخرج الملايين من أجله كما حدث بسبب بضعة رسومٍ كاريكاتورية؟؟..رسومٌ لم تكن فعلياً تشير إلى الرسول الكريم لا من قريب و لا من بعيد بقدر ما كانت تسخر من ثقافةٍ هزيلة..تلك الثقافة التي أدانت صوتياً حرق معاذ و لكنها أدانت بضع رسومات كاريكاتورية بشكلٍ هستيري و بمظاهراتٍ تميل إلى العنف و التلوث الصوتي -كما البصري- كما هي عادة أغلب مظاهرات المسلمين.

و لإغراقنا بمزيدٍ من الكوميديا السوداء جاءت عشرات المقالات و الفتاوي الدينية بعد حرقهم لمعاذ لتُنبئنا أن عملية الحرق تلك يمكن وصفها شرعياً بأنها فعلٌ يندرج تحت خانة "الحرام"!!..و كأن بوصلتي الأخلاقية -كما الإنسانية- كانت تحتاج لفتاويهم تلك لكي تُبعث من بين القبور!!..نعم فمعاذ أثبت لبعض المسلمين أن حرق الإنسان "مُحرَّم" و لا أعلم كم سيحتاج المسلمون لمعاذ للإدراك أن قتل أي إنسانٍ حرقاً هو قبل كل شيء عملٌ "لا إنساني" لا يجب أن يقوم به حتى لو أخبره الرب بذاته بأن يُقدم عليه و لا أظنه سيفعل.

و لعلي أجد أن "بعض" ما فعلته داعش أنها كتبت سطراً آخر في تاريخ المسلمين الجمعي و لكنها فعلت هذا الأمر هذه المرة دون دماء و لكن بالنار فقط لتنقلنا إلى مستوى آخر من الرعب ذو الخلفية الفكرية الإسلامية..ذلك الرعب الذي ربما سيصبح من الواجب علينا التعايش معه و ربما في مرحلةٍ ما تقبُّله..فداعش أثبتت أن نسبةً لا بأس بها من المسلمين على استعدادٍ تام للتبرير للقتل و لو كان يتسم بالوحشية لو وجدت أن تأييدها ذك سيندرج تحت خانة "الحلال"..تلك الكلمة البسيطة التي تخضع للنسبية ألغت تواجد كلمة "الإنسانية" بداخل أغلب المسلمين و هي التي كان من باب أولى أن يتم قياس مشروعية أي أمرٍ عليها.

ما فعلته داعش لم يأتِ من فراغ فهي تستند في منهجها الفكري و "الشرعي" على أحاديث و قصصٍ تراثية تُدَّرس و تُقدَّس منذ قرون لهذا على المسلمين قبل أن يتوجهوا باللوم نحو داعش لتشويهها الدين الإسلامي أن يقوموا بحرق كتبهم تلك آلاف المرات لعلهم يُطفئون جزءاً لا يُكاد يُرى من تلك النيران التي اشتعلت في قلب أم معاذ و لن تنطفئ إلا بتوقفه عن النبض.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجل الستة ملايين دولار
- أن يكون مُسلماً
- من بدَّل دينكم فاقتلوه
- وُلِدوا من العدم!!
- كل عام و أنتِ قُبلتي
- اللعنة على اليهود
- تفاصيل من الماضي التعس
- إجماع
- نقاب
- إذن بالسفر
- و ثالثهم الله
- أستار الكعبة
- رجل الكهف
- قصة اغتيال نمطية
- هلوساتٌ في حوض ماءٍ ساخن
- القطعة الناقصة
- سيارة للدعارة
- خطأ إملائي
- -سيلفي- إسلامي
- اعتراف


المزيد.....




- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - الكتابة بمدادٍ من نار