أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - و ثالثهم الله















المزيد.....

و ثالثهم الله


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4652 - 2014 / 12 / 4 - 20:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كانت والدتي في الماضي البعيد تحذرني دوماً من الاختلاء بأي ذكر في أي مصعدٍ كان حتى و لو كان ذلك المصعد يتواجد في مكانٍ عام كالمركز التجاري المزدحم دوماً بمرتاديه..لم تكن والدتي وحدها من تمارس غرس فكرة التحذير تلك في عقلي فحتى بعض المعلمات اللواتي قُمنَّ بتعليمي في جميع مراحلي الدراسية و المجتمع المحيط بي كثيراً ما كان يرعبني بقصصٍ عديدة عن حالات التحرش الجنسي التي تتم في أي مكان تتوفر فيه شروط الخلوة كالعيادات الطبية على سبيل المثال لا الحصر..بل إن البعض تطرف و حرص على تعليمي أن النتيجة لتلك الخلوة لن تكون دوماً هي التحرش الجنسي بل لربما تمادت لتصل إلى علاقةٍ جنسية عابرة تتم عن تراضٍ من قبل الطرفين!!..و اتبعني للأسفل لمزيدٍ من التوضيح الغير ضروري.

أي أني لو اختليت بذكرٍ أعرفه -أو حتى لا أعرفه- فلربما تحركت رغبتي الجنسية تجاهه كجسد فإذا أقدم هو فأنا لن أكون له من المانعين..و السبب لهذا الأمر من وجهة نظر تلك الفئة بسيط و هو أن الشيطان حتماً سيكون ثالثنا و هو مبرر أكثر من كافٍ بالنسبة لهم لحدوث أي أمر..لأنه بسبب وجود هذا الشيطان تتحرك كل الغرائز الجنسية بداخلنا دون أدنى محاولةٍ منِّا للسيطرة عليها أو على أقل تقدير لضبطها و لو قليلاً.

بل إن البعض تمادى في ذلك اللوم الذي يلقيه على كاهل هذا الشيطان البائس ليخبرني أنه من الأفضل أيضاً عدم الاختلاء بأي شخص من ذات الجنس!!..أي أنني لو ذهبت لأحد تلك المراكز النسائية و التي تحتوي على غرف الساونا يجب أن أحرص على أن لا أختلي بأي أنثى فيها أو على الأقل أحرص على أن لا أطيل النظر إليها و إلى تفاصيل جسدها الشبه عاري.

و لكن بالرغم من هذه التحذيرات الكثيرة منذ الطفولة أعترف أني أستخدم أحياناً المصعد دون أن يكون به أحد سواي و ذكرٌ ما و أعترف أني أذهب إلى عياداتٍ كثيرة و أختلي في غرفها بأطباء عدة و أعترف أيضاً أني عندما أذهب لغرف الساونا فإني أقوم باختلاس النظر للأنثى التي تشاركني المكان و لكنني بالطبع لا أجرأ على النظر إلى جسدها الشبه عاري بطريقةٍ مباشرة..و لكني لا أنكر أيضاً أن كل تلك الأمور السابقة عندما تحدث يكون لديَّ ذلك الهاجس بأن كارثةً ما ستقع حتماً لأن الشيطان لابد أنه ثالثنا في جميع الحالات السابقة.

و لكن لنترك الشيطان قليلاً و لنتحدث عما يحدث عندما يكون الله ثالثنا..نعم أعلم أن أكثر مشهد يرد على أذهان المسلمين -بشكلٍ خاص- عندما ترد هذه العبارة على لسان أحدهم هو موقف الرسول الكريم مع صديقه و خليفته أبو بكر الصديق رضي الله عنه في غار ثور..كانا مطاردين من قبل أفراد من قبيلة قريش بُغية قتلهما و كان الخوف يسكن قلب أبو بكر حتى طمئنه الرسول بأنه لا داعي لذلك الخوف فالله هو ثالثنا و لن يخذلنا..و هنا يتبخر خوف أبو بكر لتحل محله السكينة و الثقة بالنجاة مع صاحبه.

هنا -في هذا الموقف- كان وجود الرب يمثل الطمأنينة و الأمان النفسي للمؤمن بوجوده و الملتجئ إليه في تلك اللحظة..و لكن لو أخبرتني الآن ما معنى أن يكون الله ثالث أحدهم فأول ما سيخطر على بالي هو المشهد التالي و الذي سيزيح بامتياز المشهد السابق من ذاكرتي كما من ذاكرت أجيال قادمة من المسلمين بسبب تواجده الشبه يومي في حياتنا عن طريق وسائل الإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي.

أحدهم يمسك سكيناً و يقف خلف شخص آخر يجلس القرفصاء و يُلقي على مسامعنا ببضع كلمات مبعثرة عن سبب تلك النهاية التي سينتهي إليها بعد قليل..البعض يُمنح فرصة إلقاء تلك الكلمات المبعثرة و الكثيرون لا يُمنح لهم ذلك الأمر..فقط ليقوم الواقف خلف ذلك الشخص المشتت بسبب قُرب نهايته بذبحه من الوريد إلى الوريد..و ربما تحمس قليلاً و لم يكتف بذبحه فقط بل يتمادى إلى حد فصل عنقه عن جسده ليلتقط بعدها بضعة صورٍ تذكارية معه!!.

هذا المشهد هو نتيجة لأسباب كثيرة أدت إلى وقوعه و لكن لعل الفكرة الأساسية المحركة له هي ذلك الإيمان الذي لدى من يمسك السكين بيمينه -لأن السنة النبوية تحثه على ذلك- بأن في هذه اللحظة "المقدسة" الله هو ثالثهم.فالله يبارك له ما فعل و لربما حرك يده مُنتشياً بذلك الأمر و لهذا لا ترتعش يد ذلك النوع من القتلة أبداً..فهل ارتعشت يد إبراهيم و هو يتل إسماعيل للجبين؟؟..أليس إيمانه بوجود الرب في تلك اللحظة هو أهم سبب لشعوره -كما سواه- بالطمأنينة و السكينة و هو على وشك أن يفعلها!!..بل لعل إيمانه ذك هو السبب في ثبات يده التي على وشك أن تقوم بأمرٍ سيشمئز -إن لك يكن سيصاب بالرعب- عند التفكير بالقيام به أي إنسانٍ "طبيعي".

الإيمان بتواجد الرب في مثل هذه اللحظات لم يكن وليدة خيالٍ محض أو نتيجة صدفةٍ عبثية كما سيعتقد البعض بل إنه قد يكون كالبهارات التي نضعها في نهاية أية وصفة طعام نقوم بإعدادها..فعشرات الأحاديث المتواترة كذباً منذ القدم تحرضنا على قتل الآخر مُشكِّلةً لنا آثار خطوات الكراهية التي يسير أغلبنا بها مهتدياً إلى طريقه نحو الجحيم الإلهي..و مع مرور الوقت تصبح تلك الكراهية تحرضنا على أن نمارسها لا كفكرة بل كواقعٍ ملموس و لو تردد أي إنسان عند مفترق الطرق ذك ستجد أيضاً عشرات الأحاديث التي تُطمئن قلبك بأن ما أنت موشكٌ على القيام به سيتم بمباركة الرب و حضوره!!.

و بالرغم من هذا كله نجد أن كل من يحيط بنا يحذرنا من أن يكون الشيطان ثالثنا بالرغم من أنه لو فعل فإن كل ما "قد" سيفعله بنا هو أنه سيحرك بداخلنا الرغبة في إشباع غرائزنا -بغض النظر عن نوعها- مما سيمنحنا لذة لا يمكننا إنكار مدى طغيانها على أرواحنا قبل أجسادنا..و لكن عندما يكون الله ثالثهم فإن كل ما سيتحرك بداخلهم سيكون ما هو أسوء من تلك الغرائز التي قد يعتبرها الكثيرون "حيوانية"..فما سيتحرك هو التوحش و لا شيء سواه..ذلك التوحش الذي لو تحرك بداخل أي إنسان -و لو لمرة- فإنه سيفقد صفة الإنسانية و ربما للأبد..و مهما حاول العودة قافلاً إلى إنسانيته و كبح ذلك التوحش الذي أفلت من سيطرته فلن يستطيع فعلها بسهولة ففكرة أن الرب كان يباركه لأنه على تلك الحال حملت لروحه لذة أعتقد أنها تفوق اللذة التي يحملها -و سيحملها- لنا الشيطان.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أستار الكعبة
- رجل الكهف
- قصة اغتيال نمطية
- هلوساتٌ في حوض ماءٍ ساخن
- القطعة الناقصة
- سيارة للدعارة
- خطأ إملائي
- -سيلفي- إسلامي
- اعتراف
- تصويت
- صداع الجمعة
- على الكنبة
- حج مسعور
- محمد بين الأقدام
- أوجاعٌ جنسية
- لوط
- فتاة سيئة السمعة
- عصا موسى
- مكتبٌ حكومي
- أسد السنة


المزيد.....




- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - و ثالثهم الله