أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - رجل الكهف















المزيد.....

رجل الكهف


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4646 - 2014 / 11 / 28 - 22:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل تحاورت يوماً مع شخصٍ متعصب -و لو ظاهرياً- لدينه؟؟..نعم؟؟..رائع فهذا الأمر يعني أنك ستدرك ما سأعنيه بقولي إنها دائماً ما تكون -بالنسبة إليَّ على الأقل- من تلك اللحظات القليلة التي أدرك أني في نهايتها سأتلوث حتماً بصديدٍ يسكبه ذلك الشخص فوق روحي..و لكوني أقطن في مجتمعٍ تسوده قامعةً -لي كما لسواي- الأغلبية المسلمة فلأتحدث عن الطريقة التي يتبعها أتباع ذلك الدين تحديداً أثناء حوارهم مع الآخر و لأبتعد عن التعميم تجاه أتباع الديانات الأخرى.

المسلم -بشكلٍ عام- يعاني جداً أثناء أي نقاش يخوضه مع الآخر المختلف عنه و لو قليلاً..فالثقافة الدينية التي تربى عليها أغلب المسلمين تحاصر عقولهم منذ الطفولة فقط لتصيبهم بنوعٍ غريب من أنواع الخلل و الذي يجعلهم لا يتمكنون من إدراك المعنى الحقيقي لكلمة "حوار"..فالحوار المثمر بالنسبة لتلك الأغلبية هو الحوار الذي ينتهي بخضوعك لقوانين دينها بكل ما تحمل من تفاصيل فكرية و وجهات نظرٍ أحادية حتى و لو كنت لا تؤمن أصلاً بذلك الدين من الأساس أو لست من أتباعه!!.

بل أنك غالباً ما ستجد أن أغلب المسلمين الذين تناقشهم في عالمك الافتراضي -لصعوبة ممارسة ذلك النقاش بذلك السقف المرتفع على أرض الواقع دون أن تطير عنقك بحجة ازدرائك للأديان- يعجزون عن ممارسة الرقُي اللفظي في حوارهم معك..و هذا الأمر نتيجة طبيعية لثقافة دينية تربيهم على أن العنف تجاه الآخر -أياً كان نوعه- هو عنفٌ مبرر بل و في أغلب الأوقات له إجازته الشرعية الدينية التي تعتق صاحبها من فكرة الذنب.

هكذا سنجد أن ما تقوم الأديان به -بشكلٍ عامٍ- هو أنها تقوم و بكل عنف بقمع تلك الغريزة الأساسية التي تتواجد لدى كل فرد متبعٍ لها ألا و هي غريزة التفكُّر..فقط لتمنح حق ممارسة ذلك الأمر لبضعة أفراد نيابةً عن الملايين من أتباع هذا الدين أو ذك..و هكذا تصبح أغلبية الأفراد المُنقادة دينياً كائنات متراجعة فكرياً لأنها تؤمن -و ربما بعنف- بأن بضعة أفراد ينتمون لدينهم و يمثلون السلطة الدينية في المجتمع قد منحهم الرب قدراتٍ إلهية ما تمكنهم دون غيرهم من ممارسة ذلك التفكير!!.

و لكننا للمفارقة سنجد أن ذات الفرد المُنقاد لا يحتمل غالباً في ذات الوقت فكرة امتلاك أفرادٍ آخرين -لا ينتمون لطبقة السلطة الدينية في مجتمعه- لتلك الغريزة التي فقدها هو رغماً عنه سابقاً طواعيةً فيما بعد..فنجد أن أي حوار يبدأ بين شخصٍ يناقش فكرة ما و شخص تعود على الانقياد خلف أفراد يمثلون السلطة الدينية في مجتمعه -كما الدين من وجهة نظره- سينتهي غالباً بطريقةٍ عنيفة تجاه ذلك الآخر إما بممارسة العنف اللفظي تجاهه أو بما هو أسوء و هو تحريض الآخرين لإلحاق الأذى الجسدي به.

و ما داعش كفكرة إلا انعكاس لثقافة العجز عن الحوار تلك..تلك الحالة من العجز الفكري تعتبر مشكلة إنسانية نواجهها ربما بشكلٍ شبه يومي في حياتنا و لكن المشكلة الأكبر هي أن مناصريَّ فكرة داعش في العالم الافتراضي هم أيضاً من العاجزين فكرياً بذات المقدار و ربما بمقدارٍ أسوأ..و لكن الفارق الوحيد بينهم و بين أفراد داعش المتواجدين على أرض الواقع هو أن الفرصة لم تُمنح لهم بعد لينحروك بسكينٍ حقيقية فقرروا الاستعاضة عنها بسكينٍ أخرى افتراضية حتى حين.

هذا العنف الافتراضي -كما الواقعي- الذي يمارسه أغلب المسلمون تجاه الآخرين المختلفين عنهم و المخالفين لهم ليس سببه أنك تناقش الأفكار الدينية الخاطئة من وجهة نظرك بل لأنك تخضع قناعاتهم الدينية للنقد من وجهة نظرهم..هكذا و حتى لو كان نقاشك معهم إنساني بشكلٍ بحت ستجدهم يحاولون استدراجك بكل ما أوتوا من قوة إلى منطقة "الدين" لأنها المنطقة الوحيدة التي يشعرون أنه بتواجدهم فيها -رغم إلغائها لعقولهم- ستمنحهم قدسيةً ما و ستمنحك تهمةً ما.

ما أعلمه -أو ما أنا على يقينٍ منه حالياً على الأقل- أن البذاءة اللفظية أو التحريض على العنف الجسدي تجاه الآخر -فقط بسبب الاختلاف الفكري حول أي امر- يعكسان حالة من العجز الفكري الواضح و التي يعاني منها الطرف الذي يُمعن في استخدامهما..بل أني أجده بقيامه بتلك الأمور يتجاهل و بإصرارٍ غريب حقيقة أن تشريح الأفكار و عرضها للتفنيد أو للإثبات هو أمر صحي تماماً..فهو يجعلك تعيش حالة عقلية نشطة فلا يُصاب عقلك بالخمول فقط لأنك قررت أن تحيله إلى التقاعد منذ أن كان في العاشرة من عمرك و فقط لأن هناك رجل دين أخبرك أن تفكيرك من الكبائر التي هو على استعداد لتحمل وزرها نيابةً عنك!!.

الحوار هو مرحلة من مراحل تطور الإنسان الباحث عن التواصل و التفاعل مع المحيط البشري الذي يحيط به..ذلك التطور الذي قد تكون آخر مراحله هي تقبل اختلاف وجهات النظر و التعايش السلمي مع ذلك الأمر..المرحلة الأولى و البدائية من فكرة الحوار كانت مرحلة رجل الكهف -رغم تحفظي على لفظة "رجل" فيها لأن فيها إصرار على ربط الرجولة بالتوحش- بكل ما تحمل من عنفٍ و همجية تجاه الآخر بُغية فرض سلطة الفرد الجسدية -دون الفكرية- على الآخرين..و رغم مرور ملايين السنين منذ تلك المرحلة و اعتقادنا الطبيعي أننا تجاوزناها بالضرورة -لأن الدافع لتلك المرحلة البدائية كان إشباع الغرائز الأساسية في ظل بيئةٍ تنافسية- إلا أننا في حقيقة الأمر سنجد أننا الآن نعود إلى تلك المرحلة و لكن دون غرائز لكي تُشبع..بل لأن المحرك الرئيسي الحديث لهذه المرحلة الهمجية المعاصرة أصبح الهوس بمنح إطارٍ دينيٍ ما لكل تفاصيل حياتنا مهما صغُرت.

و لعل الاختلاف الوحيد الذي سنلاحظه في تفاصيل تلك المرحلتين قديماً و حديثاً هو أن رجل الكهف قديماً كان يقمع كل من يُشعره بالتهديد عن طريق قتله مما جعل الأمر -بشكلٍ ما- يصبح غريزةً لديه يحاول إشباعها متى ما استطاع لذلك سبيلا..بينما الآن و بسبب وسائل التواصل الاجتماعي و التباعد الجسدي بين الأفراد أصبح القتل كتنفيذٍ عملي لفكرة القمع تلك أقل تواجداً "نسبياً" في محيطنا الواقعي..فقط لتحل محله كُلاً من البذاءة اللفظية و التهديد اللفظي بالسجن و التحريض على القتل لتصبح تلك الأمور هي الغريزة الجديدة التي يحاول المهووسون دينياً إشباعها بشكلٍ مستمر.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة اغتيال نمطية
- هلوساتٌ في حوض ماءٍ ساخن
- القطعة الناقصة
- سيارة للدعارة
- خطأ إملائي
- -سيلفي- إسلامي
- اعتراف
- تصويت
- صداع الجمعة
- على الكنبة
- حج مسعور
- محمد بين الأقدام
- أوجاعٌ جنسية
- لوط
- فتاة سيئة السمعة
- عصا موسى
- مكتبٌ حكومي
- أسد السنة
- حفل تخرج
- 20 ريال


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - رجل الكهف