أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - زين اليوسف - 20 ريال














المزيد.....

20 ريال


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4554 - 2014 / 8 / 25 - 14:12
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


صعد بجانبي في وسيلة النقل العام..كان يفصل بيننا مقعدٌ شاغر..و بالرغم من خلو صف المقاعد الأمامي إلا أنه فضل الجلوس بجانبي مخالفاً القانون الغير مكتوب بعدم الجلوس "تُعففاً" بجانب الإناث في وسائل النقل العام..لم أنظر إليه و غمرني شعور بالتوجس نحوه لأني شعرت بأنه و بالرغم من كبر سنه فإنه يمتلك طاقةً نفسية ملوثةً بأمرٍ ما.

و ما هي إلا لحظات حتى ظهرت فتاة سمراء البشرة تريد أن تصعد إلى الباص و لكن لم يكن به سوى المقعد الذي بجانبي و الذي أمامه شاغرين لتختار بينهما..الذي أمامي يحيط عن يمينه و عن شماله شابان أحدهما يلوك المسواك بين أسنانه..أما المقعد الذي بجانبي فلا تستطيع الجلوس فيه لأن من سيجاورها و يلتصق بها رجلٌ رغم كبر سنه لا يبدو عليه أي تعفف.

لم ينهض ذلك الرجل لينتقل فيجلس بين الشابين في الأمام كما جرت العادة في تلك المواقف..بل نظر و قال بكل فروغ صبره
-اصعدي سريعا و اجلسي هنا و أشار إلى المقعد الذي بجواره

ترددت الفتاة ثم قررت ألا تصعد و أشارت لسائق الباص أن يستمر من دونها..حينها قال ذلك الشخص آخر عبارة توقعت أن أسمعها و الناس صيام أو يدَّعون أنهم كذلك
-حتى السوداء تريد أن تقرر أين ستجلس!!

بُهتُ و بُهت من استمعوا إلى عبارته الصادمة..بل أني أعتقد أن جميع من وصلت تلك العبارة إلى تلافيف عقله بشكلٍ سريع علم أن الرد في بعض الأحيان على الحُمق هو نوعٌ من الحُمق المضاد..هكذا خيم صمتٌ مقيت على هواء الباص..إنه صمت العنصرية التي يمارسها الكثيرون هنا مع مزجها بالكثير من الادعاء بإيمانهم بأن المسلمين جميعاً سواسية.

دائماً ما نلاحظ إنه عند الحديث عن سُمر البشرة يحاول أن يثبت لنا جميع المسلمون أنهم ليسوا بالعنصريين "كثيراً" كما يتهمهم الآخرون و الدليل على ذلك أن الرسول الكريم اختار بلال الحبشي ليكون مؤذنه..و هو أمر حقيقةً لا يعني أي شيء و لا يحمل أي وزن..فالجميع ينسى أن تصرفاته تجاه الآخر يجب أن تنبع من إنسانيته و فطرته التي تحثه على تقبل الآخر دون أي تحيزاتٍ مُسبقة و ليس من قصةٍ رويت لنا..فماذا كان سيحدث لو لم تصل إلينا تلك القصة؟؟..هل سيكون ذلك الأمر مبرراً لممارسة العنصرية بشكلٍ أريحيٍ أكثر؟؟.

اليمن -كأي بلدٍ عربي آخر- بلدٌ يجيد العنصرية..يتقنها..يحترفها..و تاريخنا المعاصر تكاد معدته أن تتقيأ من كمَّ الوقائع و الحوادث اليومية التي يبتلعها بداخله و تُظهر لنا ذلك الأمر..و لكنك مهما واجهت هذا المجتمع بذلك الأمر تجده و قد احترف الإنكار كما العنصرية فيجيد ظاهرياً رد تلك التهمة عن نفسه..فهو يؤمن و بشكلٍ مثيرٍ للسخرية إنه مجتمعٌ مثالي و أن كل ما يحدث من حولنا بتكرارية مستمرة ما هو إلا تصرفاتٌ "فردية" لا يجوز تعميمها..بالرغم من أن تلك الحوادث أصبحنا نراها بشكلٍ شبه يومي من حولنا كثقافةٍ مجتمعية يُربى عليها الجميع منذ الصغر.

العنصرية التي يمارسها الكثيرون تجاه سُمر البشرة -و الذين و يا للسخرية يحملون ذات جنسية بيض البشرة- عنصريةٌ لن تنتهي قريباً طالما أن القانون كما المجتمع يقومان بتشجيع ممارستها دون سحقها..و ما تلك الحوادث اليومية التي يتم فيها اضطهادهم علناً إلا إعلانٌ صريح أن هذا المجتمع سيظل يسيء الأدب لأنه أمِن العقوبة.

هنا قرر جاري أن يترجل من الباص ليقطع سيل أفكاري و بكل عنجهيةٍ مد يده إلى سائق الباص قائلاً
-لا أملك غيرها

قالها و انصرف..20 ريال فقط هي كل ما كان يملكه في جيبه!!..لم يخفف الفقر و لا ملابسه المتسخة و لا كبر سنه و لا حقيقة اقترابه من لقاء ربه و لا حتى حقيقة إنها إنسان من تلك العنصرية التي يؤمن بها و يؤمن أنها حق مُكتسب يجب عليه ممارسته ليشعر بمواطنته في هذا البلد التعس..و لا أعلم ماذا ينتظر هذا الشخص أن يحدث له لتنكسر قامة تلك العنصرية التي تنتصب واقفةً في روحه كما في مجتمعه!!.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعاطفٌ مشروط
- الله هو شرشبيل؟؟
- وصلة رقصٍ شرقي
- قليلٌ من السخرية
- القاعدة و محمد
- فيلم -غير- جنسي
- لنفرض
- عاهرة
- إعلانٌ جنسي
- ليلة زفاف الغشاء
- الله يُصيبه الصمم
- الجنسية: أسود!!
- صحفي برتبة قواد
- تحرش حكومي
- عملية ترقيع
- مُهدد من -نصف- إنسان!!
- نحن و اليهود
- هوية جنسية
- لا أفتدي الرسول بهما
- توحد


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - زين اليوسف - 20 ريال