أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زين اليوسف - قصة اغتيال نمطية














المزيد.....

قصة اغتيال نمطية


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4625 - 2014 / 11 / 6 - 17:24
المحور: كتابات ساخرة
    


لنتحدث عن أسهل شيء يمكن القيام به في اليمن و هو اغتيال شخصيةٍ ما..و أنا هنا لا أتحدث عن الاغتيال المعنوي و لكن عن الاغتيال الجسدي..ذلك الاغتيال الذي أعتقد أن جورج برنارد شو هو من قال عنه أنه "الأسلوب الأكثر تطرفاً للرقابة"..فهنا تمر كل حكاية اغتيال بخطواتٍ تكاد أن تكون معروفة و متوقعة سلفاً و بالرغم من ذلك يندهش أغلب اليمنيون عند حدوثها!!..حكايةٌ تبدأ بمرحلة إقصاء الضحية من التواجد في عالم الأحياء و نقلها إلى عالم الأموات بعدة طلقات.

تختلف وسائل الاغتيال في اليمن و لكنها غالباً ما تتم عن طريق شخصين يمتطيان صهوة دراجتهم النارية و التي -للعلم فقط- ممنوعة بشكلٍ نهائي من التواجد في العاصمة صنعاء على الأقل..بل إننا نجد أن وزارة الداخلية اليمنية قد أعلنت و بكل فخر و أكثر من مرة عبر موقعها الإلكتروني أن صنعاء مدينةٌ خالية من الدراجات النارية..بالرغم من أني بالأمس فقط شاهدت أكثر من عشر دراجات نارية في أحد أكثر تقاطعات العاصمة صنعاء ازدحاماً و بالرغم من ذلك أيضاً لم يقم أي من أفراد شرطة المرور -و عددهم كان ثلاثة بالمناسبة- بعملية مصادرة أياً من تلك الدراجات..على أية حال لا بأس من الكذب الإعلامي قليلاً على المواطن التعيس دوماً فمنذ متى كان ما يصدر من قرارات رسمية على الورق واقعاً ملموساً في حياتنا؟؟.

هكذا نجد أن تلك الدراجة النارية يعتليها شخصان يحملان أسلحتهما النارية بشكلٍ ظاهر و دون أي مواربة لها..تلك الأسلحة التي أيضاً صدر بحقها قرارٌ آخر يمنع حملها في شوارع العاصمة صنعاء..و لكن و رغم تلك الحملة الأمنية "الصارمة" ينجح أي شخص مدجج بالسلاح من العبور من نقاط التفتيش دون أي تعقيداتٍ أمنية تذكر!!..فبعض أفراد الأمن لدينا كما بعض أفراد شرطة المرور يمتازون بعمى وقتي عند رؤيتهم لبضعة ريالات حتى و لو كانت ملوثة بدمٍ سيُهدر بعد قليل.

و بعد أن تسقط الضحية مضرجةٌ بدمائها و تتراقص روحها بين الحياة و الموت هنا يبدأ الفصل الثالث من حكايتنا..فيبدأ الجمع و الذي يتزاحم حولها بالتقاط عدة صور لها و هي في ذلك النزع..و بعد عدة دقائق يأتي بعضهم ممن فرغوا من التصوير للقيام بحمل الضحية و إسعافها..لا لا أرجوك انتظر قليلاً لأتمكن من التقاط بضعة صور إضافية..فيتوقف الحاملون للضحية ليمنحوا لأحدهم فرصةً قد تكون الأخيرة ليلتقط فيها صورة أخيرة لوجهها -و هو ما حدث بالفعل مع الدكتور محمد عبد الملك المتوكل- قبل أن تذهب إلى "هناك".

آه و هنا نبدأ بالمرحلة التي تليها و هي مرحلة الاستنكار و تراشق الاتهامات..فنستيقظ على بضعة عناوين صحفية هنا و على بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي هناك و الذين قاموا بتغيير صور معرفهم الشخصي إلى صورة الضحية..و هنا نجد أن الأمر هو أيضاً فرصة شبه رائعة لمصمميَّ الجرافيك ليمارسوا الدمج بين صور الضحية المتعددة الوضعيات مع بعض العبارات الملفقة له أو التي قد يكون قالها يوماً..مترافقةً بالطبع مع الكثير من اللون الأسود الذي يُغلف تلك الصور ليمنحوا لهذه العبارة أو تلك عُمقاً ما..و لا بأس أيضاً من ترديد بعض العبارات التي تميل إلى تكرارها تلك الأغلبية المتحمسة و التي تعتقد أنها بترديد ذلك النوع من العبارات فهي تستحضر روح ثائرٍ ما قرأت عن سيرة حياته سطرين لا أكثر..تلك العبارات التي على غرار "لن يمروا" بالرغم من أنهم أرهقونا بالمرور فوق أجسادنا ذهاباً و إياباً..و "لا نامت أعين الجبناء" بالرغم من أنهم ينامون و نحن من يُصاب بحمى السهر..و لا بأس أيضاً من إضافة القليل من المبالغة فيصبح القتيل "رجلٌ بحجم وطن" مع استطرادٍ بسيط يخبرنا بأنه أبداً لن يموت لأن "الأوطان لا تموت" بالرغم من أن اليمن قتيلٌ و لكن بشهادة وفاة تأخر إصدارها كما هو حال كل شيء في هذا البلد.

و هنا يأتي دور الدولة الشكلي..فيقوم رئيس الدولة بالقيام بردة فعلٍ مكررة و عبثية كدحرجة سيزيف لصخرته فيأمر بتشكيل لجنة تحقيق لتعلم حينها أن الموضوع قد تم طيه سلفاً..فما أكثر لجان التحقيق في وطني و التي إما أن تنتهي تحقيقاتها بأن الجريمة كانت "جريمة" فتكون تلك اللجنة كمن فسر الماء بالماء..أو أن تخلص إلى أن من قام باغتيال المغدور هو حتماً من طيور الظلام..حينها ستنظر إلى السماء لتهمس متذمراً:"سامحك الرب يا وحيد حامد لإدخالك هذا المصطلح إلى ثقافتنا الببَّغائيَّة".

و هكذا تنتهي أحداث قصة اغتيال نمطية في اليمن..قد تمتد الفترة الزمنية لتلك الأحداث لبضعة أيام و قد تتمادى قليلاً في وقتها..و لكنها على الأغلب ستنتهي بعد اليوم الرابع منذ حدوث عملية الاغتيال و قد تستمر بمعجزةٍ ما إلى منتصف الأسبوع الثاني منذ حدوثه..هذا الأمر يعتمد فقط على مدى فراغ الساحة السياسية اليمنية من أي حدثٍ آخر يشغل اليمنيين و لا علاقة لمدى "عشقهم" للفقيد بذلك الأمر.

اليمنيون -و لنبتعد عن التعميم الذي يغضب البعض- و لأقل أغلبهم يعيشون في حالة من الادعاء المقزز و التي لن تنتهي قريباً..ذلك الادعاء نستطيع أن نرى ملامحه في الإصرار على تكرار ذات العبارات و ذات التصرفات كردود أفعال تنتهجها الجموع بعد كل اغتيال أو جريمة تقع هنا..حقاً إنهم لا يكترثون لذك الذي "بحجم وطن" بقدر اكتراثهم لرؤية و ربما لتصوير الضحية و هي تنزف دمها على الأرض القذرة دوماً..فنحن عندما نكترث لأمرٍ ما أو لشخصٍ ما نصبغ اكتراثنا بشيءٍ من خصوصية شخصياتنا و مرور الأغلبية -بعد كل عملية اغتيال أو حادثة قتلٍ جماعية و بطريقةٍ باتت متوقعة- بجميع المراحل السابقة الذكر يدل على أنهم لا يكترثون بالضحية كما بالضحايا و لكنهم يُرغمون أنفسهم على حالة الاكتراث تلك..فقليلٌ من الادعاء هو ما سيجعل حياتهم تُحتمل أو هذا ما يتوقون إلى الإيمان به على الأقل.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هلوساتٌ في حوض ماءٍ ساخن
- القطعة الناقصة
- سيارة للدعارة
- خطأ إملائي
- -سيلفي- إسلامي
- اعتراف
- تصويت
- صداع الجمعة
- على الكنبة
- حج مسعور
- محمد بين الأقدام
- أوجاعٌ جنسية
- لوط
- فتاة سيئة السمعة
- عصا موسى
- مكتبٌ حكومي
- أسد السنة
- حفل تخرج
- 20 ريال
- تعاطفٌ مشروط


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زين اليوسف - قصة اغتيال نمطية