أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زين اليوسف - مكتبٌ حكومي














المزيد.....

مكتبٌ حكومي


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4559 - 2014 / 8 / 30 - 16:05
المحور: كتابات ساخرة
    


من أسوء اللحظات التي تمر بي هي تلك التي أضطر فيها لمراجعة أي مكتبٍ أو مؤسسةٍ حكومية..فكمية الإذلال النفسي و الاغتصاب البصري -الذي أتعرض له لكوني أنثى فقط لا غير- تجعلني أكاد أؤمن أن تلك الأماكن لم توجد فعلياً لخدمة المواطن بل لممارسة التنفيس السادي تجاهه!!.

بالأمس كنت هناك و كانت كمية المفارقات الساخرة التي تحيط بي تكاد ترهقني ثقلا..ليس أول تلك المفارقات استهتار الموظف اليمني بالالتزام بأوقات الدوام الرسمي و لكنها احتقاره لك لو أبديت أي ضيق أو تذمر لذلك التأخير!!..نصف ساعة!!..حسناً؟؟..ما المشكلة؟؟..فلتنتظري كما ينتظر الآخرون بكل وداعة..فنحن أرباب هذا المكان و منذ متى ينتظر الرب عبيده!!.

لا بأس فلننتظر..أليست حياتنا هي عبارة عن وصلة انتظار طويلة لأمور كثيرة لا تأتي إلا غُباً؟؟..فأنتظر و يبدأ الموظفون بالتوافد..و هنا تبدأ أطول عملية استنزاف نفسي و مادي قد تمر بها..جميع الأوراق التي أتيت لاستخراجها تحمل أسعاراً زهيدة مطبوعةٌ على أطراف أوراقها..دولاران و غالباً أقل من دولار واحد و لكنك ستجد نفسك و قد دفعت ما يقارب الثلاثين دولار لاستخراجها!!..و كل ذلك يتم بطرقٍ ملتوية تثير الاشمئزاز في روحك..خمسة دولارات من أجل توقيع س و خمسة أخرى من أجل ختم تملكه الدولة و وضعته في يد ص..هذا طبعاً مع تجاهل النظرات الكريهة التي تتفحص جسدكِ لو كنتِ أنثى تأتي لإنهاء معاملتها وحيدة دون رجلٍ يتم في وجوده استنزافكما معاً مادياً بشكلٍ أكبر.

و من المفارقات التي تثير غيظك أن كل هذه الأمور تتم في مكاتب تمتلأ جدرانها بملصقات تبرعت بها السفارة الأمريكية و تحث المواطن فيها كما الموظف على محاربة الفساد المالي و تطلب من الموظفين عدم إجبار المواطن على السير في طريق الرشوة لإنجاز ما يريد إنجازه.

و لكن لا تحزن فلو أرهقك الفساد و كاد يخنقك فستجد لوحة تخبرك أنه لو كانت لديك أية شكوى على أداء الموظفين هنا فلتذهب فوراً و بلا ذرة تردد إلى مكتب المدير لتخبره بفسق موظفيه..فتستبشر حينها خيراً مرده حُمقك فتخبر خليفتهم إنهم يستنزفون محفظتك حتى تكاد تصرخ كفتاةٍ يتم اغتصابها من قبل عدة أشخاص متتابعين..تخبره غاضباً أنهم يماطلونك في منحك هذا التوقيع أو ذك الختم و اللذان لا يستغرق وضعهما إلا ثوان معدودات..فيخبرك و بكل صدقٍ و أمانة لا تحسده عليهما أنه ليس من اختصاصه مساعدتك و أن تلك اللوحة ما هي إلا واجهةٍ إعلانية أُجبروا على وضعها من قبل المانحين!!.

حينها تقرر أن تدفع تلك الرشوة و هذه الإكرامية فقط لتخرج من هذا المكان العفن..و ترد على ربك الذي يخبرك أن الراشي و المرتشي في النار أنه لو كان هو بنفسه في مكانك لكانوا طلبوا منه هو الآخر أن يدفع ليتحرر من سلطتهم التي تغتصبك نفسياً لتمارس إذلالك باستمتاعٍ غريب.

و هنا تسمع صوت الآذان من بعيد لتكتمل حزمة المفارقات الساخرة..فتجد جميع شياطين ذلك المكان يهرعون للوضوء!!..و عندما ينتهون لا ينسى ذلك الموظف أو ذك أن يخبرك مبتسماً أنهم فقط سيذهبون للصلاة و عندما يعودون سينهون معاملتك و لا ينسى أن يلِّمح لك أنك ما زلت مدينا لصندوقهم بعدة دولاراتٍ إضافية إن أردت أن تنتهي "منهم" لا منها اليوم.

عند كل زيارة أقوم به لتلك الأماكن أجد أن المواخير أكثر صدقاً و طُهراً منها..و كلما كنت هناك أتذكر أيضاً فيلم "الإرهاب و الكباب"..فهنا يبدأ القهر و الذل و هنا أتمنى دوماً لو كنت أملك شجاعة عادل إمام في الفيلم لأقوم بقتل كل تلك الوجوه المتوضئة بماء النفاق المتعبدة للشيطان..فهنا أرى كيف أن الروح الحقيرة بمجرد أن تُمنح سلطة و لو متواضعة فإنها ستحيل حياتك جحيماً بها.

هنا أجد أن أقاويل مثل "أرق أفئدة" و "أول من يرد على حوض الجنة" و "الإيمان يمان و الحكمة يمانية" ما هي في حقيقتها إلا كورق التواليت ننظف بها قذاراتنا معتقدين أنها ستمنحنا طُهراً لن يمنحه لنا إلا الماء الذي كف عن التساقط في هذا البلد الملعون مع استغراب الجميع من سبب انقطاعه!!.

كل تلك المرارة قد تحتملها الروح و لكن الرعب الذي لم يجعلني أتمكن من النوم حتى الآن هو أني سأضطر في الغد أيضاً إلى الرجوع إلى ذلك المكان لأمر مجدداً بكل ما سبق.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسد السنة
- حفل تخرج
- 20 ريال
- تعاطفٌ مشروط
- الله هو شرشبيل؟؟
- وصلة رقصٍ شرقي
- قليلٌ من السخرية
- القاعدة و محمد
- فيلم -غير- جنسي
- لنفرض
- عاهرة
- إعلانٌ جنسي
- ليلة زفاف الغشاء
- الله يُصيبه الصمم
- الجنسية: أسود!!
- صحفي برتبة قواد
- تحرش حكومي
- عملية ترقيع
- مُهدد من -نصف- إنسان!!
- نحن و اليهود


المزيد.....




- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زين اليوسف - مكتبٌ حكومي